العيون العنبية..
الشاعر جواد أبو هليل| فلسطين
من وحي رائعة درويش (ريتا) لا مجاراة/معارضة لها
==================================
من مجموعتي غير المنشورة (لزوميات مغترب)
==================================
العيون العنبية
بين ليلى وعيوني جاهليَّهْ *** تئدُ الشعرَ وأحلامَ الصَّبِيَّهْ
بينَنا عشرونَ جُرحًا رسمَتها *** فوقَ وَجهِ العُربِ خَيلٌ أجنَبِيَّهْ
بَينَنا رسمُ حُدودٍ دخَلتها *** بنتُ صُهيونَ بِخَيلٍ خَشِبِيَّهْ
بَيننا مليونُ عصفورٍ كسيرٍ *** علَّم الغربَ القُدودَ الحَلَبِيَّهْ
أيُّ ذنبٍ لي إذا ما كنتُ، بالصُّدفةِ، شامِيًّا وليلى مغربيَّهْ؟!
أو إذا ما جدُّ جدّي أسرتهُ *** مِن صناديدِ صلاحٍ عَرَبِيَّهْ؟!
أو إذا ما كنتُ ليثًا من تَميمٍ *** صرعَتهُ عينُ ريمٍ تغلبِيَّهْ؟!
أو إذا كنتُ خليليًّا عنيدًا *** هلهلَت شعري ظِباءُ العَقربِيَّهْ؟! (1)
أو إذا ما سِرتُ وحدي وأضِلَّت *** عن صراطي المُستَقيمِ الأغلَبِيَّهْ؟!
=========
ببن ليلى وعيوني ألفُ سدٍّ *** ورِماحٌ وسُيوفٌ مأربيَّهْ
وأنا لا شَيءَ عندي غيرُ نايٍ *** يتغنّى بعُيونِ (الشَّلبِيَّهْ)
فاسمُ ليلى في فمي مَنٌّ، وأحلى *** في قصيدي مِن (بَراني العِنَبِيَّهْ) (2)
وصفٌها عندي بسيطٌ: صحنُ جَوزٍ *** وَسطَ سَمنٍ تحتَهُ مُهَلَّبِيَّهْ
ليس في الأمرِ فوازيرُ، وكم في *** رمضانِ الخَيرِ حلوى رجبِيَّهْ!
======
وأنا أعشق ليلى منذُ كانت *** خِشفَ ريمٍ بقرونٍ ذهبِيَّهْ
لا تلوموني إذا ما اشتاق قلبي * لرُضابٍ من لمى أحلى صبيَّهْ
لا يُلام الصائمُ الظمآنُ صيفًا * إن يتُق للماءِ قبلَ المغربِيَّهْ
ولقد تكفي فؤادي نظرةٌ من *** طيفِها إن لاحَ خلفَ المَشرَبِيَّهْ
عينُها توحي إلى عينِ يراعي *** شعرَ فحلٍ في العُصورِ الذَّهَبِيَّهْ
ما عمودُ الشِّعرِ عندي شكلُهُ، بل *** هو موسيقا القوافي اليَعُرُبِيَّهْ
وإذا ما غابَ إيقاعُ القوافي *** يكسِرونَ الفِقِراتِ الرَّقَبِيَّهْ
هُزَّ جذعَ الشعرِ، يا قلبي، يُساقِط *** رُطَبًا من نخَلاتٍ يَثرِبِيَّهْ
ما كما أغذاقُ نخلٍ باسِقاتٍ *** في الرُّبا أعجازُ نخلٍ حَطَبِيَّهْ
=======
سحرَت قلبًا غدا بالحبِّ يسعى *** لملاكٍ في العُيونِ العِنَبِيَّهْ
جمعَت غاباتِ نخلٍ في أريحا *** معَ زَيتوناتِ نابُلسَ الأبِيَّهْ
مزجَت شهدًا بأعنابِ الخليلِ *** معْ خمورِ الأندرينَ الحلبِيَّهْ
لم يُزيِّنها لقلبي حسنُ حُورٍ *** بل وأخلاقُ الغواني النقَبِيَّهْ
لو إلهُ العرش أوحى في زماني *** لنَبِيّاتٍ لكانَت لي نبِيَّهْ
=======
بينَ ليلى وعيوني ألفُ شيخٍ * وخلافاتُ الأصولِ المَذهَبِيَّهْ
بيننا سبعون دربًا لا تؤدّي *** للقاءٍ رغمَ سرِّ الجاذبِيَّهْ
ما استطاعَ الشِّعرُ أن يشفعَ فينا *** واتِّفاقٌ في القَضايا الأدبِيَّهْ
واهتِمامٌ بالقراءاتِ، وما لي *** فسَّرتهُ من شُروحِ الشاطِبِيَّهْ
لم يزل يجلدُنا مذ كربلاءٍ *** طائفيونَ بسَوطِ العصبِيَّهْ
لم أبايِع أحدًا بعدَ عليٍّ *** فعلامَ القَولُ: “يا ابنَ الناصبِيَّهْ”؟!
======
بيننا إرثُ عصورٍ بائداتٍ *** وتقاليدُ وعاداتٌ غبِيَّهْ
كم عصافيرَ بلادي ذبحَتها *** غرَّدَت جَهرًا بلا رَيبِ الخَبِيَّهْ!
بَيننا مليونُ مُهرٍ وابنُ عمٍّ *** كلُّهم يحسبُ من أهوى سبِيَّهْ
زوَّجوا أحلى اليماماتِ غُرابًا *** وعَجوزًا لكَعابٍ إدلبِيَّهْ
ثم قالوا: سنَّةُ الله وطهَ *** أوَ يَرضى المُصطَفى وأدَ صَبِيَّهْ؟!
الظهران، 3.7.2020 جواد يونس
=========
(1) العَقرَبِيَّة: حي من أحياء مدينة الخبر السعودية.
(2) العِنَبِيَّة: مربى العنب مع بذوره، وتسمى أيضا “عنطبيخ”، ويخزن في أوعية فخارية تسمى بَراني (جمع بُرنيّة).