عليّ جبّار عطيّة
رئيس تحرير جريدة أوروك العراقية
أحالني فلم (مولانا)/٢٠١٧ للمخرج مجدي أحمد علي إلى رواية الكاتب إبراهيم عيسى المأخوذ عنها الفلم التي تحمل الاسم نفسه، وهي تتحدث عن رجل الدين الأزهري (حاتم الشناوي) الذي كان إمام مسجد مغموراً لكنَّه ينطلق إلى الضوء، ويصبح مقدم برامج شهير، وداعيةً، يحظى بالقبول؛ وهو قريبٌ من السلطة، وبعيدٌ عن التشدد والتطرف فضلاً عن كونه يقدم نموذجاً لرجل دين متسامح، منفتح على الحياة، ويتقبل الآخر.
من الواضح أنَّ الكاتب إبراهيم عيسى المعروف بآرائه الجدلية حمَّل بطل الرواية آراءه في إعطاء حق المعتقد للأقليات، وعدم قمعها، واحترام حقوق المختلف، وقد قام الصحفي البريطاني الشهير جوناثان رايت، مراسل وكالة رويترز في الشرق الأوسط لأكثر من ثلاثة عقود بترجمة الرواية إلى اللغة الإنجليزية بعد أن ترجم عدداً من الروايات العربية ،منها: (عزازيل) ليوسف زيدان، و(ساق البامبو) لسعود السنعوسي و(المسيح العراقي) لحسن بلاسم.
وصلت رواية (مولانا) إلى القائمة النهائية القصيرة (ضمن ست روايات) في ترشيحات الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) عام ٢٠١٣ ، وقام المخرج مجدي أحمد علي بتحويلها إلى فلم سينمائي ناجح من بطولة عمرو سعد، ودرة، وأحمد راتب، ولطفي لبيب.
لقد قادني هذا الموضوع للانتباه إلى تأثير مثل هذه الروايات على المجتمع، وهل يمكن عدها من الروايات الدينية.
لقد تناولت الكتب السماوية قصة الخليقة وقصص الأنبياء، والصراع التاريخي بين الحق والباطل والتوحيد والشرك، والإجابة عن تساؤلات الإنسان بشأن الوجود والمصير، ولعلَّ هذا ما شجع الكتاب على الكتابة في هذا الحقل فحاولوا إعادة سرد الأحداث الدينية سرداً روائياً كما فعل جرجي زيدان أو طه حسين، أو عبد الحميد جودت السحار أو غيرهم.
لكنَّ الفن الروائي مختلف، وعموماً تكاد لا تخلو رواية ــ بغض النظر عن تصنيفها ــ من تناول التساؤلات الوجودية التي تشغل بال الإنسان، بغض النظر عن التوجه الفكري لكاتبها أو قوة أو ضعف إيمانه، لكن الذي أعنيه هنا هو الرواية التي تكتب بلغة أدبية رصينة ويكون محورها دينياً، وتتحدث عن الإيمان والمعتقدات، مع عدم توقع بأن يكون الكاتب متديناً !
إنَّ الأمثلة على ذلك كثيرة كرواية (أولاد حارتنا) لنجيب محفوظ،و(أرني الله) لتوفيق الحكيم، و(وعزازيل) ، و(النبطي) ليوسف زيدان، و(ليطمئن قلبي) لأدهم الشرقاوي، و(قواعد العشق الأربعون) لألف شافاك، و(ريح الجنة) لتركي الحمد، و(موت صغير) لمحمد حسن علوان، و(أثر النبي) لعمر طاهر، و(شيفرة بلال) ، و(ألواح ودسر) لأحمد خيري العمري، و(الرجل الذي آمن) و(قاتل حمزة) لنجيب الكيلاني و(أرني أنظر إليك) للدكتورة خولة حمدي، و(نفر من الجن) و(أنا يوسف) لأيمن العتوم، وغيرها.
لكنَّ إشكالية الرواية الدينية تتمثل في صعوبة التوفيق بين الواقعي والخيالي خاصةً في الأحداث الدينية التي يعد التصرف فيها نوعاً من التحريف !
فهل نجح كتاب الرواية في تجاوز هذه العقبة ؟
ويبقى الميدان مفتوحاً لمن يخوض فيه لكن ينبغي الحذر من أن تفقد الرواية الفن لصالح الوعظ ، وتسقط في المباشرة والتقريرية فترضى بأن تكون إحدى الوسائل التعليمية !