دانتيل
نداء يونس | فلسطين
الضفة الباريسية التي لا تعرف قواعد النحو
التي لم تر ملابس الفلاحين الغارقة بالطين
ولا سلال القش،
التي لم تسر عليها الأبقار التي تلوك العشب ببطء رغم قلته
التي لم يمسك بيديها قصب الجنوب
التي لم تتكيء على ضفتيها الرمال
التي لم تعرف السورات،
لم تستطع أن تترجم عطش البحيرات.
الطريق المرصوف بعناية بالأشجار
الذي تصطف النجوم فوقه مضيئة وعمياء
الذي لم يمر عليه الحفاة
ولا عربات تجرها الرغبات
الذي تعثرت البنت في منتصفه تماما
الذي يحقق معه الشرطي حول معايير الانتصاف
الذي تلملم سيدة ثمانينية اوراق اشجار الكينا من أطرافه
كي تعود بقطعتي كراوسان من متجر صغير في شارع
امحت اطراف اسمه الطويل
وصار عرضة للاجتهاد،
لم يستطع التحقق من سبب عرج في الرصيف.
النهر الذي لم يتعلم في مدرسة أسماء المحاربات
ولم يستطع أن يكتب جملة في دفتر الفصول
ولم يستدر إلا مرة واحدة من فرط الفضول،
يمكنه بقشة
أن يرسم وجوه الفتيات اللواتي انتحر فيهن
وابتسمن.
العشب الطري اسفل الحافة
الذي ينافس الطحالب في الرقة
الذي يجفف نفسه بمنشفة كلما بلله الذهول
الذي ينفض عن كتفيه الغبار
لن يعرف أبدا ان اسمه الوقت
إلا عندما يجلس عليه الغد.
الجسر الذي قلم اظافره قبل ان يسلم على الزمن،
الذي تحته ماء يرتجف
الذي لم يأخذه أحد إلى الطبيب
الذي لم يضع كمادات،
لم يعد له فائدة،
كان مثل الحنين
يعض أطراف المراكب والضجر.
لم يعد من معنى للصخرة التي تعترض المجرى
التي تقسم الماء إلى شراعين
والنهر إلى شفتين،
السيدة بالأزرق
التي رأيتها أمس تحمل إبربقا من ورق
التي تسقى أزهارا بلاستيكية تشعر بالملل
التي كانت تبعد ظلها عن الرصيف
كما تفعل بقبعة القش
نسيت أن تغلق قميص الدانتيل
على حجري النرد.
القماشات الملونة في حقائب السفر
التي تحتضن ولع الجدات بالتدوير
التي تحمل رائحة القرى الغافيات على الحنين
التي تبدو طارئة على المشهد الراقي
التي تثير الفضول في نقاط التفتيش
التي تبدو خارجة من المتحف الحربي
بكل آثار الخيوط الجراحية والندوب،
التي تشبه رائحة الخبز المحروق في التنور
التي لن تتعلم أبدا قواعد النحو
ولا وضع الكحل وأحمر الشفاه
او السير على بلاط متقن الصنع،
التي ستقع في المنتصف تماما
التي سترى ركبة الرصيف المجروحة
التي ستستدير دائما من فرط الفضول،
ستعرف
كيف تمتص العطش.