بالةُ مَوْتَى فِي مَتحَفِ الخُلودِ
الأب يوسف جزراوي | شاعر عراقي – أمستردام
اِكْفَهَرَّ اللَّيْلُ
فَحَلَب الْغَيْمُ نَفْسَهُ
مطْرَةً … مطْرَةً
وَسْطَ رِيحٍ
تَلعَقُ دِبْقَ الظَّلامِ
بَيْنَمَا الأزّقةُ غَافَيةٌ
تَحْتَ قَمَرٍ خَافِتِ الضّيَ
وجهُهُ غَيْرُ مُعَبِّرٍ.
عَلَى الرَّغْمِ مِنْ هَذَا
تَوَجَّهَتُ إِلَى الشَّاطِئِ
حَيْثُ راحَتيَ العَفَوِيَّةُ
وَسَعَادَتيَ الحَقِيقيّةُ
فَأطَلَّ الفَجْرُ فِي لَيْل رُ
إِذْ فَرَّت مَوْجَةُ حُزنٍ
مِنْ قَاعِ قَلْبِي
سِيَّما وَأَنَا أرُقُبُ
لَقالِقَ تَحْمِلُ صَيْدَهُا
فَوْقَ البُرْجِ
تُحَدِّقُ النَّظَرَ إليّ
لَكِنَّ ثَمَّةَ أَحْصِنَةٌ
اِنكَبّت تَدُوسُ بِسَنابِكِهَا
الأمَوْاجَ الْمُتَقَاذِفَةَ بِ
فَلَقْلَقَت نَظَري!
اِخْتَلَسَتُ مِئَةَ نَظْرَةٍ وَ
وَلَمْ أَفْهَم فعلَتَها!
وَإِذِ اِستِغاثةٌ كَصوتِ النَّ
مَنْ زَوْرَقٍ شِراعيٍّ
ابْتَلَعَتهُ الْمِيَاهُ!
حِينَها أُصِيبَ القَمَرُ بِ
مِنْ قَسْوَةِ المَشْهَدِ وَهَ
حَلَّ صَمْتٌ بَليغُ الْكَلاَمِ
وَلَمْ يَكُنْ أحَدٌ سِواي
فَأَصْبَحَتُ فِي حِلٍّ
مِنْ مِعْوَلَي وَكَمَنْجَتي
وَبَدَأَتُ بِالعَوْمِ
لَكِنِ البَحْرُ زَجَرَني:
عَلاَمَ تُفَتِّشُ عَنِ الغارِ
فِي بالةِ الْمَوْتَى؟!
لَا تَكُنْ بَوّابًا يَفتَحُ أَ
أَوصَدت عَلَيْهَا الْحَيَاةُ
مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِهِا!
فقَبْلَ أَنْ تمدَّ يَدَ الإنْ
فكَّر بِخَطرِ الغَرِقِ..
فَإِيَّاكَ تَغْدُو ضَحِيَّةً
فِي عِدادِ الضَحَايَا
لِذَا دَعْ مَحَارَ ذاَتِكَ
عَائِمًا فِي الأعِمَاقِ
فَمَهْمَا أَبْحرتْ عَوَّامَةُ
لَمْ ولَنْ يثمِّنوا لُؤلُؤَ نَ
فالنّاجون سُرْعَانَ مَا يتَ
وَيَسْتَذْكِرُون فِي المَنَايا
لَقَدْ عَلّمنِيَ البَحْرُ
أَنْ لَا أَكُونَ بَخُورًا وَمِ
فِى جَنائزِ الْمَوْتَى
بَلْ أَنْ أجْعَلَ مِنْ قَلْبي
مَقبَرةً جَماعيّةً بِلاَ شوَ
فَمِنْ حُسْنِ الحَظِّ
أَنَا والبَحْرُ
بَيْنَنَا لُغَةٌ
لَا يَفهَمُها إلّا سِوانا!.
فِي طَرِيقِ الْعَوْدَةِ
ادلّفتُ إِلَى مَبنىً
مُزدحِمٍ بِالجُمْهُورِ!
ووَطَّدَتُ العَزْمَ
وَأَزْمَعَتُ عَلَى الدُّخُولِ
لِكَيْ أُكَسِّرَ أَنفَ فُضولي
وَلَيِسَ عَملاً بِالمَثَلِ:
“حَشرٌ مَعَ النَّاسِ عِيدٌ”
هُنَاكَ وَجَدَتُ
تِمثالاً مِنِ الشَّمْعِ
فِي مَتحَفِ الخُلودِ
لِشَخْصٍ يُشْبِهُني
يَلْتَقِطُ الَّزوَّارُ صُوَرًا
تهيّبتُ مِنِ التَّسَاؤُلِ:
أَهَذَا أَنَا؟!.
فَجْأةً
تَرَكَوا التِمثالَ طِبْقَ الأَ
وَاِلْتَقَطَوا السَيلفِي مَعِي
تَبَسَّمتُ .. فَهُم لاَ يَعْلَ
أَنَّ قَلْبِيَ بالةُ مَوْتَى!.