لِصٌّ في بَيْتِ شعراء
هشام باشا | اليمن
تَرَقَّبْ لَيْلَةً تَطَأُ النِّفاقا،
وتَصْفَعُ وَجْهَ مَن سَرَقَ الرِّفاقا
//
تَرَقَّبْ سابِحًا في الأُفُقِ يُلْقى
بهِ مُتَحَطِّمًا رَأْسًا وسَاقا
//
وثِقْ أنّ السَّما لَم تُلْقِ إلّا
بمَن سَرَقوا إلى الأُفُقِ البُراقا
//
وأنّ يَدًا تَطيشُ بكُلّ حِذْقٍ
لتسْرِقَ مِن هُنا وهُنا ائتِلَاقا
//
تُدَوِّنُ وَجْهَ صاحِبِها ليَوْمٍ
لتَقْرَأَهُ، وتَمْلَأَهُ بُصَاقا
//
أَتَعْرِفُ مَن أنا؟ أنا مَحْضُ نَفْسي
التي ليْسَتْ مِنْ الغَيْرِ اشْتِقاقا
//
أنا هذا البَسيطُ، كما تَراني
أَدِبُّ وَراءَ مَن سَبقُوا السَّباقا
//
رَكِبْتُ إلى المَعاني صَوْتَ رُوحي
بصَمْتٍ بَينما رَكِبوا الزُّعاقا
//
بهَمْسي كُنتُ أَسْبَقَ مِن ضَجيجٍ
يَهِيجُ، ويَرْكَبُ الفَرَسَ المُعاقا
//
أَرَدْتُ الانْطِلاقَ، وليسَ عنّي،
ولكِنْ بي أَرَدْتُ الانْطِلاقا
//
عَثَرْتُ عليَّ مُنْذُ نَطَقْتُ وَحْدي،
كحَرْفي مُنْذُ أنْ سَكَنَ السِّياقا
//
أُقَرّبُني لأقْلامي وفِكْري
نَدَىً كالحُبِّ، أو دَمْعاً مُراقًا
//
لأنّي لَم أجِدْ لَوْنًا كَلَوْني،
ولا كمَذاقِيَ الأحْلى مَذاقا
//
يَمِينيَ لا تَطيشُ وطُولُ كَفَّي
تَجاوَزَ غايةَ المَعْنى وفاقا
//
وإنّي لو مَدَدْتُ يَدي لشَيءٍ
فإنّي أَسْرقُ السَّبْعَ الطِّباقا
//
أنا هذا الكَبيرُ، وهاكَ ظَهْري
أَرْادَ بهِ الصَّغارُ الالْتِصاقا
//
أَظُنُّكَ ضِقْتَ بالشُّعراءِ مِثْلي
أنا صَدْري مِن الشُّعراءِ ضَاقا
//
ولكِنْ دَعْكَ مِن هذا، ودَعْنا
نُنَفِّسْ بالنِّكاتِ الاخْتِناقا
//
هُنالكَ سابِقٌ، ويَعودُ سِرّاً
يُحاولُ خَلْفَ لاحِقِهِ اللَّحاقا
//
ولِصٌّ طَهَّرَتْهُ مُدَى اللَّيالي
يَعُودُ إلى وَظِيفَتهِ اشْتِياقا
//
تَراهُ وتِرْتَمي ضَحِكًا، وتَبْكي
لهُ، وعلَيْهِ تَشْتَعِلُ احْتِراقا
//
سَأَلْتُ: لِمَ اسْمُهُ “سَهْمٌ” ولَمَّا
دَنا سَبَّحْتُ مَن خَلَقَ الوِفاقا
//
وقُلْتُ أَأَنتَ “سَهْمٌ” قالَ “سَهْمٌ”
ومَنْ غَيْري يُجيدُ الاخْتِراقا
//
أَظُنُّكَ قائلًا أنّا أتَيْنا
إلى الدُّنيا لنَحْتَرِفَ الشِّقاقا
//
بوِسْعِكَ تَرْكَنا ليَدِ اللَّيالي
تُجَرّبُ في أَسامِينا المَحاقا
//
فما يَخْبو مِن الأسْماءِ إلّا التي
كانتَ مَشاعِلُها اسْتِراقا