ديك الجن الفلسطيني
يوسف حطيني | شاعر وأكاديمي فلسطيني
ذكريات الزمن الجميل: فازت هذه القصيدة بالمركز الأول (مناصفة مع الشاعر عبد الله عيسى)، في مهرجان شبابي على مستوى سورية، عُقد عام 1985 في المخرّم ـ حمص..
***
ها قد قتلتكِ مرة أخرى
وعاودني البكاءْ
وظننتُ أني ارتحتُ من ألمٍ
ومن ندمٍ
ومن عمُرٍ هباءْ
ونبذت قلبي بالعراءْ
فتدارك العشاق قلبي
يومها
كانت جنينُ تطرّز العشاق خيلاً
ثمَّ تجأرُ بالصلاة
فصرختُ:
يا سلمى اهتفي:
إني على قيد الحياةْ
* * *
ها قد قتلتكِ مرة أخرى
وأحرقت السفينة والشراعْ
وتركت جثتَكِ الحبيبةَ ترتجي دفءَ الذراعْ
ولجأتُ من تعبي إلى تعب القصيدةِ
مرة أخرى هربتِ إلى القصيدة من دمي
فمتى أسميك الوداعْ؟
* * *
ها قد قتلتكِ مرةً أخرى
وأدمنتُ الرحيلْ
وَدّعتُ أوراق الشجر
ودفعتُ كلَّ الذكريات إلى سَقَرْ
وهربتُ يا سلمى:
انتظرتُك مثل سيّافٍ
يوقّعُ موته فوق البساط الكستنائي
كم مرةٍ أهرقتُ روحك
في مدى النسيان بحثاً عن هواي وعن شقائي
كم مرةٍ!!
دلفَتْ إلى المنفى رؤاكِ..
وحاصرتْ أفق اشتهائي..
كم مرةٍ.. أعددتِ مرثاتي البهية
عندما أعددتُ قافيةً تغني لي رثائي:
“بكى صاحبي لما رآني مضرّجاً
وأيقـن أني قد حُـملتُ لأُقبرا
فقلت له: لا تبـك عينُك إننا
نحاول جعل الموت للقدس معبرا”
* * *
يَتُها الحزينة.. جثة لا ترتضي موتاً
وفي روحي جواها.. والحَزَنْ
من أي بعد جئتِني؟؟
من أيّ حرف من حروف العشق
داهمتِ القصيدةَ هودجاً
وحمامةً ورقاءَ ضيَّعها الفنن
من أيّ منفى جاء طيفُكِ..
مثل بارقةِ الحنين
هل ثمَّ قافية تُغنّى دونَ طيفكِ للوطنْ؟؟
* * *
هذا أنا..
متلبّساً بجريمة العشق المكبّل بالندى
أعلنتُ توبتيَ الأخيرةَ..
غَضَّةً خضراءَ في وجه الزمنْ
مرةً أخرى وأخرى
مرة أخرى
أناشد طيفك الآتي إلى صحراء عشقي
قطرةً من ذكرياتٍ أو شجنْ:
“يا طيفها
أرجوك ألا تنثني
عن مضجعي وقتَ الوسنْ”