يا قدس
قمر عبد الرحمن | فلسطين
يا قدس
عانقيني قليلاً ..لأبقى يقظةً
احميني من الجراحِ والدماءِ والكسر
أنا يقظةٌ الآن ..لا وجودَ للنور ..أينَ النور؟
هذا العالمُ مثيرٌ للشفقة ..هذا العالمُ محيطٌ غارق ..
يمكنُني الرؤية ..لكنني تائهة ..
تائهةٌ..ووطني يئنُ ..
والكونُ مريض ..مريضٌ بالأمل ..نزيحُ الألمَ بِدَمنا ..
ولا أحدَ معافى ..لا أحدَ معافى
يا قدس
عانقيني قليلاً ..لأبقى يقظةً
احميني من الجراح والدماء والكسر
الأيامُ تنكسرُ على إيقاعِ قلبي
قلبي أسيرٌ كالعصفور الحزين
ألتفتُ يمنةً ويسرةً تحاصرنِي آثامُ ظنونِي
الشجر الوافر بالثمر أصبح عارياً منها ..ومن الورَق
والطفل النائم على نهدِ أمّه ..انحرَق
والشّاب في طريق الفرحِ ..أصابَه الطّلَق
والغضبُ الذي كان يبرقُ بالعيون كسرَهُ القلق
قلقُ الخيانة ..
والخيانةُ وجعُ النّهارِ واللّيل
هل أنا أميلُ للشؤمِ ؟ أم أنه زمنُ اللّعنة ؟
أنا يقظةٌ الآن ..لا وجودَ للنور ..أينَ النور ؟
من سيعيدُ لنا الوَهج ؟
من سيَردّ لنا بهاءَ الأقحوان ؟
من سيمسحُ غمامةَ الفقدِ عن صدرِ الأمهات ؟
يا قدس
عانقيني قليلاً ..لأبقى يقظةً
احميني من الجراح والدماء والكسر
كالمصائب تبدأ كبيرةً ثم تصغر
تتقلص الأمنيات في وطني
سأعلّم ابني ..يُعتقلُ الولد
سأزوّج ابني ..يَستشهدُ الولد
سأدفن ابني ..يُحتجزُ الولد
سأنتظر ابني ..أموت في كبد
لِمَ تُكلّف نفسَك بالتمنّي ..هِب الولدَ للبلد
واكتفِ أنت ..اكتفِ بجرّ مِسبَحتك للأبد
يا قدس
عانقيني قليلاً ..لأبقى يقظةً
احميني من الجراح والدماء والكسر
ما عشق قلبي غيرَ القدس
أنفاسي تشهقُ باسمِ القدس
أنفاسي تناديها ..تفديها ..تلبيها
كيف أرتوي من حبّ القدس؟ دونَ الصلاةِ بها دهراً
تصلبت الدّموع على وجنتيِّ اشتياقاً
ورسمت حدودَ الوطن
حدودُ الوطنِ المحفورة على السورِ منذُ ألف عام
ياقدس
عانقيني قليلاً..لأبقى يقظةً
احميني من الجراحِ والدماءِ والكسر
كلّ الآمالِ احترقت ..وبقيت القدسُ والموت
ماتت أجزاءُ القلب ..وبقي الجسدُ المُهدى للتراب
لقد اكتفينا من العيشِ ..ولم يبقَ للغدِ سوى الموت
طرفُ النبيِّ يرمقُنا بحسرة ويطلب منّا الصبر..
سُدّت الأبواب ..كلّ الأبواب ..وطفحَت الحفرةُ بالأحزان والأخطاء ..والخطأُ في وطني رصاصةٌ قاتلة
بقي التراب منّا ..والقبرُ جنّةُ الثائرين
ياقدس
عانقيني قليلاً ..لأبقى يقظةً
احميني من الجراحِ والدماءِ والكسر
عمري يتناقص والأكاذيبُ تزيد
والنّهارُ الشّجاعُ يهوى في الظلامِ المخيف
هل عبرنا الطريقَ الخطأ ..
أم طال انتظارُ السيناريو ؟
من كتبَ السيناريو ؟
من يتحكمُ بنا ؟ القريبُ أم البعيد ؟
أم أنّها حمامةُ السّلام أضحتْ خائنة
لم يبقَ بي قوةٌ للانتظار
لم يبقَ بي قوةٌ للتفكير
شعراء ..كتّاب كاذبون ..
ممثلون ..صحفيون كاذبون ..
جميعنا بارعون بالكذب
وحدَهم الشهداءُ أصدقُ منّا ..
فقطرةٌ من دمِهم تهزمُ قصائِدَنا