فك الارتباط (التخارج) الأخلاقي
د. أسامة إبراهيم | جامعة سوهاج
التخارج (أو فك الارتباط) الأخلاقي هو أحد مفاهيم علم النفس الاجتماعي، يستخدم لوصف العملية التي يقنع بها الفرد نفسه أن المعايير الأخلاقية لا تنطبق عليه في موقف أو سياق معين ومن ثم يستريح من وخزة الضمير. ويتم ذلك عن طريق فصل ردود الفعل الأخلاقية عن السلوك اللاإنساني وتعطيل آلية إدانة الذات.
ويأخذ هذا التخارج الأخلاقي أربع مراحل: إعادة بناء السلوك غير الأخلاقي، نشر (توزيع) المسؤولية، وتجريد الضحية من إنسانيتها، تحريف النتائج الضارة.
– أولا يقوم الفرد أو المجموعة بإعادة بناء أو سرد قصة أو السياق على أنفسهم بحيث لا يمكن اعتبار الإجراءات التي يجري اتخاذها أو على وشك اتخاذها غير أخلاقية، كأن يقول إن هذه الأفعال لا تخالف القانون مثلا، وبهذه الطريقة يقنع الفرد نفسه بأن السلوك مقبول الآن.
– في المرحلة الثانية يقلل الأفراد من شعورهم بالأهمية أو الوكالة عن أعمالهم. ويتم ذلك عادةً عن طريق إلقاء اللوم على الآخرين أو الموقف أو السياق باعتباره المحرك أو المنشئ للإجراءات.
– وفي المرحلة الثالثة، يتم تجريد الضحية من الإنسانية حيث يقنع الفرد نفسه بأن الشخص الذي يتلقى السلوك أقل من إنسان، وبالتالي لا يستحق نفس المعاملة التي يتلقاها الآخرون.
– وأخيرًا ، يحاول الفرد تحريف النتائج الضارة وتجنب الاعتراف بأن سلوكه خاطئ من خلال تجاهل التأمل الشخصي حول النتائج السلبية لسلوكه.
تساعد نظريات علم النفس الاجتماعي على فهم طبيعة عمليات التبرير التي نقوم بها لجعل أفعالنا منطقية ومشروعة، وكيف يبرر ويمنطق الناس أفعالهم ومعتقداتهم الغبية والقرارات السيئة والأفعال القاسية والمؤذية التي يرتكبونها. وكيف نستخدم عمليات التحيّز المعرفي في هذا السياق … حاول تأمل هذه المراحل الأربعة ولاحظ كيف يستخدمها الناس -بما فيهم نحن جميعا – لتبرير مواقفنا الشخصية والسياسية المختلفة، وسوف تدرك حينها حقيقة الأفكار والمواقف التي نراها أخلاقية وهي بالأساس لا إنسانية بالمرة؟!