صحوة الضمير الغائب

 دنا حسام | إعلامية مصرية

من لطف الله بنا أن زرع داخل كل منا مراقب اسمه (الضمير)، فالضمير كترموميتر ومقياس للتصرفات والأفعال يساعدنا للتفرقة بين الخير والشر، والحق والباطل؛ فالضمير هو رفيق الإنسان، ونعم الرفيق الذى يدق ناقوس الخطر بداخلنا إذا ارتكبنا أفعالا وتصرفات تخالف الأخلاق والدين والعادات والتقاليد، وهو المحفز والداعم الأقوى للإنسان الذى يثلج قلوبنا بالطمأنينة والرضا الداخلي والراحة النفسية عندنا نقوم بأفعال وتصرفات حميدة وجيدة تتماشى مع أخلاقنا وقوانينا.

فلا شك أننا بحاجة إلى هذا الونيس الداخلى وإعادة تفعيل دوره وإعطائه كافة الصلاحيات للرقابة الذاتية على أفعالنا وتصرفاتنا فهو السبيل الوحيد لنهضة الفرد وجعله إنسانا سويا يصلح للعيش بسلام وأمان مع ذاته ومحيطه ولا شك أن نهصة الفرد هى بداية لنهضة مجتمع بأكمله يحيا فخورا بقيمه وقوانينه المستمدة من (صحوة الضمير).

 

أصناف الضمير

لا شك أن هذا المراقب الخفى داخل قلوبنا هو شعور حسى لا تدركه العين المجرده للإنسان كما لا تستطيع أحدث أجهزة كشف الكذب التى أخترعها الإنسان أن تعرف مدى مصداقيته من عدمه كما لا تستطيع أحدث كاميرات العالم رؤيته ومراقبته.

فكما قلنا يا ساده إنها بذرة زرعها الله فى قلوبنا ومراقب ذاتى يحذرنا ويحفزنا حسب ما نقوم به من أفعال وتصرفات تتماشى أو تتنافى مع القيم الدينية والمجتمعية، فسيد المراقبين الذاتيين يتفاوت فى قوة نشاطه ومدى يقظته داخل كل إنسان، فهناك صنف من البشر – ما شاء لله نمسك الخشب – ضمائرهم كالجندى وقت الحرب في أوج يقظته واستعداده، هؤلاء يُعرفون بأصحاب الضمائر الحية اليقظة ومن صفاتهم إقرار الخير وإنكار الشر ومشاركة الناس أفراحهم وأحزانهم وعدم الإقدام على ارتكاب الأفعال الحمقاء التى تغضب الله – سبحانه وتعالى – وتضر بنفسه ومجتمعه فهذا الصنف دائما يشعر بتأنيب الضمير والندم من أى هفوة يقوم بها دون أن يدري بل البعض لا يغفر لذاته بسهوله، هؤلاء يحاسبون أنفسهم باستمرار وفى حالة مراجعة دائما لافعالهم، وللأسف هؤلاء أصبحوا قلة فى مجتمعنا وزماننا نبحث عنهم كالبحث عن الإبرة فى كومة قش وما زال وسوف يزال البحث جاريا عن هؤلاء القلة (الصفوة) إلى أن ينصلح حالنا ومجتمعنا ويصبح صدى صوتهم هو الأعلى .

والصنف الثانى من الناس حيث نجد الضمير لديهم فى حالة فى حالة ركود فسيد المراقبين قرر أن يأخذ قسطا من الراحة ويكون فى حالة خمول لضعف أصابه، فهؤلاء يسعون إلى إعلاء مصالحهم وتفضيل ذاتهم وينتظرون لحظة الفوز ببعض حظوظ الحياة يعيشون فى الحياه بمبدأ: نفسى نفسى.

أما الصنف الثالث والأخطر فهم أصحاب الضمائر الميتة الذين لا يشعرون بتأنيب الضمير عندما يرتكبون الأفعال الوضيعة ويقومون بالتصرفات المخالفة للدين والقانون والعادات المجتمعية، فنجد صاحب الضمير الميت مثلا يسرق أو يأكل حقوق الغير أو ينتهك حرمات الله ولا يهتز وجدانه مما فعل؛ بل نجده أحيانا يفاخر بما فعل فهو كالذباب لا يقع إلا على القاذورات.. إن موت الضمير يعنى موت الإحساس بكل بساطة

لقد أصبحنا فى زمان نعانى من أزمة ضمير فبرغم القوانين والتشريعات والعقوبات  التى تضعها الدول حتى تحمى أفرادها ويعيشون في سلام وأمان إلا أن هذا لن يكون بديلا عن إحياء الضمير مرة أخرى فرقابة الإنسان لسلوكه وتصرفاته نتائجه إيجابية وسريعة وسوف ينعكس ذلك بالنفع على المجتمع فإحياء ضمائر الأفراد يؤدى إلى إحياء ضمير الأمة وحينئذ نشهد مجتمعا سويا ومتعاونا ومتسامحا يسوده العدل والحب والمساواه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى