حكاياتُ المدىَ
محمّد شوشانْ | تونس
الحكايةُ .. أنْ لا حكايةَ
منذُ نزع اللَّه …
قلب المدينة المضيء عن سماؤكِ
منذ انقشع …
ضبابٌ ،
جليدٌ ،
و ماءٌ مصلوبٌ على الشّفاه .
الحكايةُ .. أنْ لا حكايةَ
منذ تدحرجت قطرةَ نَدَى
عن زهرِ اللوتيسْ
غسلت الصّخور ،
و شِعابٍ ..
في انحدار التّجاويف .
الحكاية .. أن لا حكايةَ
منذ تكدّست جموع …
لنزعِ حبّة قمحٍ،
نبتتْ سنبلة في البيداء .
البيداءُ لم تخبر قلبي ،
عن مطرٍ
هطلَ … هطلَ … هطلَ
البيداءُ لم تحدّثني
عن عجوزٍ …
قطعت وصالي،
و من يومها
تقطّعت حبكة أيّامي
إنفرط ماءُ رقبتي بين الوديانْ ،
تقاذفتهُ الرِّيح …
ريح الجنوب الحّارة .
الحكاية .. أنْ لا حكايةَ
منذ تزاحمت المدائن حول جلدتي
تهاوت قصورَ الرّمل ..
تلگ الّتي أوثقتُ أعمدتها بقلبي ،
أضيءُ ليلهاَ ..
أسقي وردة معلّقة في ظلماءهاَ
الليل أحنّ على وجعي ،
الليل حجاب الورى ..
و هذا الحلم شائكُ الأسلاك بقلبي .
**
الحكايةُ أنَّ قلبَ الرّاعي ..
الرّاعي الذي كان يحرس الذّئاب من الغدر
لم يكن يعرف يوسف ،
و لا حتَّى يعرفني …
الرّاعي ،
الرّافلُ في ” حوليهِ ” ** الأبيض
ينقرُ بعصاهِ حصى الوادي ،
و يصقل ..
الأحجار الصمّاء
نقشًا على الذّاكرة
يبني حلمًا لأوجاعهِ …
واحداً
فواحدًا .
الرّاعي ..
الرّاعي الَّذِي گان يقشّر سنابل القمح اللّينة
بأصابع داميةٍ
گان يصغي في البعدِ
لجعجعةِ الرّحى
و يغنّي …
يغنّي گيْ لا يبكي
إنَّ الأصابع الدّامية تجرح كبرياء حزنهِ
الحكاية أنّ گمثلهِ لا يبكونَ
هم فقط يغنّون
يشكون الفرحَ
للنّوى
للنّدى
لفجاجٍ في الرُّوح
تضيء اللّيل الأصمَّ إذا أومضتْ .
***
من مجموعتي الشعرية الصادرة عن دار ديار للنّشر و التوزيع بتونس “هَالْدولْ”