تجاعيد الماء (66) الضوء الممنوع
سوسن صالحة أحمد | كاتبة سورية – كندا
من شرفة العمر كانت تطل على ذلك الضوء البعيد الذي كان يشع بقوة مرة ويخبو أخرى حين يخترق داخلها، يلامس روحها حتى القاع، شيء ما يفيض بقلبها لا تدري ما كنهه، وكأنه نبع مشاعر لم تخبرها قبل، كانت تخشاها بسبب مصدرها، فالأضواء غالبا ما تظهر في العتم، وهذا الضوء كان يظهر في وضح النهار، يصبح بألوان قرمزية يشكل طوقاً مع ضوء القمر ليلا ليحيط بكل كيانها، وكلما أحست أنه امتلكها أفاقت روحها عنوة وفتحت عينيها لترى الطريق، لوحة الخطى التي عليها أن تتخذها مرسومة بيد لا تستطيع معها الحياد عن مسار استهلكها حتى أضحت تعد أنفاسها مع كل خطوة كي لا تتجاوز ماسمحَ لها به من الهواء على مساحة الضوء التي لا تكاد تلامس عيني رأسها، بالكاد ترى خطوتها على أي تراب تدوس من درب تتلمس جداريه بيديها، لا يتسع إلا لجسدها بالمرور دون روح، فالفضاءات الواسعة تحتاج روحا يحيط بها ذلك الضوء البعيد وهي لا تملك أن تحصل عليه إلا عندما تغمض عينيها وتجلس على تلك الشرفة تسرق من عمرها لحظات معه تستمد بخيالها منه المقدرة على حلم تعيش به على دروبها المرسومة مكتفية به حلماً.