الصين ـ أميركا : حرب أم شراكة ؟

توفيق شومان | مفكر وخبير استراتيجي | لبنان

أكثر الإقتصادات المتشابكة التي عرفها التاريخ ، هو الإقتصاد الأميركي ـ الصيني ، ولذلك تنطبق عليه مقولة ” الإٌقتصاد المتشابك ـ المتنافس “.
وتحت ظلال هذه المقولة يجري الحديث عن ” حروب تجارية ” بين واشنطن وبكين ،إلا أن واقع الأمر، يؤشر إلى أن استخدام مقولة ” الحروب التجارية ” تنطوي على شيء من المبالغة ، فالحروب تقع بين عدوين وليس بين متنافسين ، وبطبيعة الحال ليس بين متشابكين.
كيف ذلك ؟
تبلغ نسبة الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة ، حوالي ربع صادرات الصين الخارجية ، ويقترب حجم التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة من 500 مليار دولار وفقا للأرقام المعلنة في عام 2019 ، وفيما تبلغ مديونية الصين على الولايات المتحدة ما يقارب تريليون و300 مليار دولار ، فإن الصورة تستقر حينذاك على المنفعة المتبادلة التي ينتجها استمرار الحفاظ على ” الإقتصاد المتشابك ” .
تسعى الولايات المتحدة إلى تعديل ميزانها التجاري مع الصين ، انطلاقا من فرض الرسوم على الواردات الصينية بغرض إحداث توازن نفعي متبادل ، كما أن قلة الإستفادة الأميركية من تسهيل إدخال الصين إلى منظمة التجارة العالمية ، ولدت قناعة لدى النخبة المالية والتجارية في الولايات المتحدة ، بأن الصين خرقت التفاهم الثنائي القاضي بتوفير مليون فرصة عمل للأميركيين ، وهو الأمر الذي لم يحصل ، بل إن آلاف الشركات الأميركية انتقلت إلى العالم الصناعي الصيني ، مما أفقد الأميركيين أيضا فرص عمل إضافية .
هذا العناوين المدرجة في سياق ” الحروب التجارية “، كمقولة تضخيمية ، هي في الواقع ” منافسة غليظة ” بين شريكين ، جرت وقائع مماثلة لها بين الولايات المتحدة واليابان في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين الماضي ، ووصلت إلى حدود المطالبة الأميركية برفع سعر ” الين ” الياباني مقابل الدولار .
وعلى هذا النحو ، تدرك الولايات المتحدة والصين ، أن الخروج من إطار التشابك إلى إطار الصراع أو الحرب ، سينعكس عواقب وخيمة على اقتصادي البلدين ، فحين يكون الإقتصاد الصيني قائما على الصادرات ، فهذا يعني ان الصين بحاجة إلى مناخ آمن للمحافظة على وتيرة اقتصادها ، وحين لا تجد الولايات المتحدة غير العملاق الصيني للإكتتاب في سندات الخزينة ، فهذا يعني أيضا أنها لن تذهب معه إلى نقطة الصدام النهائية .
تبقى كلمة أخيرة، على الرغم من الخطاب العالي النبرة للرئيس دونالد ترامب تجاه الصين ، فإن لم يدعٌ إلى تفكيك الشراكة معها ،ولا الصين دعت إلى ذلك ، أوليس في ذلك عبرة ؟
………………………………………………………………………………..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى