امرأةُ شرقيةُ تحمِلُ صليبَها في رأسِها

جميلة شحادة | الناصرة – فلسطين

أَخشى هذا الكشفَ. قلتْ للطّبيبْ.

غطَّى جزعي بابتسامتهِ وقال: لا ألمَ، لا دمَ، ستسمعينَ صوتاً فقطْ.

قلتُ له: كمْ يُزعِجُني هذا الصّوتْ!

قال: لا تتحرّكي، إهدَئي، استرخي فقطْ.

لم يَفهمْني الطبيبُ؛ لا شأنَ له بوجعِ القلبْ

كيفَ اشرحُ له؟

أنَّ جهازَهُ هذا برنينهِ المغناطيسيّ،

سيتجولُ بينَ تلافيف عقْلي،

سيُعرِّي أفْكاري،

ويَكشفُ بعدَ قليلٍ أسراري.

لا بدَّ سيلتقطُ في الغرفةِ رقم 7

في الشقةِ اليسرى مِنْ دماغي

ذاكَ القابع فيها منذُ عشرينَ سنة

أو ربّما ثلاثينْ، أو ربّما أكثرْ، لم أعدْ أذكُرْ.

حتْماً؛ سيكتشفُ الآنَ منذُ متى؟ وذاكَ القابع فيها يُطالبُ بحُرّيتِهِ.

حتماً؛ سيُلقي القبض عليهِ الآنَ، مُتلبِّساً بجريرَتِهِ.

الآنَ بدأتُ أعي ظُلمي له، وكيف بسجْني له… شنقتُهُ!

الآنَ بدأتُ أَعِي حماقاتي.

الآنَ بدأتُ أعِي عذاباتي.

يا لهذا الرنين كمْ أَخشاهُ!

ما زالَ يبحثُ في جُمجُمَتي عنْ مناطقَ مُعْتِمة؛

عنْ عاهاتي، وعنْ تشوّهاتِ جيناتي.

لا بدَّ أنه سيكتشفُ الآنَ هشاشتي؛

ويسجِّلُ نتيجةَ كشْفهِ لمعاناتي:

إنها امرأةٌ شرقيةٌ.

والمرأةُ الشرقيةُ، تحمِلُ صليبَها في رأسِها

وتخبّئُ حبيبَها في قلبِها، وتحتَ جلدِها،

وفي أوردتِها وفي شرايينِها.

المرأةُ الشرقيةُ تجيدُ الكبتَ، وتَجْلِدُ كلَّ لحظةٍ ذاتَها،

لتثبتَ للعُرْفِ والتقاليد كلَّ صباح، ولاءَها

وتنتحرُ في مِحرابِ الوَلاءاتِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى