داليا السمودي… تروحيش يمة خليكي معانا
خالد جمعة | فلسطين
في لحظة هاربة من التاريخ، تقوم داليا السمودي العشرينية من نومها المتقطع، تتفقد أولادها في ذلك الفجر الغريب، لم تتوضأ بعد للصلاة، فالحليب لأبنائها يأتي أولاً، كانت داليا تقوم بإقفال النوافذ كي لا يستنشق طفليها إياس وسراج الغاز المسيل للدموع، هم في أعمار بعد لم تدرك الفرق بين اللعب والجد، فجأة، يشخبط الأمان الهواء، وتأتي الرصاصة من الشباك بديلا عن نسمة هواء الفجر، فتستقر في صدرها، تخترق الكبد والبنكرياس والشريان الأبهر، وتسقط داليا على أرض الغرفة، لم تهمها الرصاصة أكثر من اهتمامها بألا يرى أطفالها الدم، [هذه طبيعة الأمهات]، ولا أحد خارج الشباك يعرف بأن معركةً طاحنة تدور في جسد داليا بين الحياة والموت، وفي المستشفى ينتصر الموت وتصير ماما داليا مع شهداء جنين.
هل هذا كافٍ للجندي [البطل] الذي أطلق الرصاص؟ بالطبع لا، فالبطولة تقتضي أن تطلق النار على داليا أحمد سليمان سمودي داخل منزلها في حي الجابريات، وأن تكمل الحكاية بإطلاق النار على سيارة إسعاف مركز إسعاف جنين بشكل مباشر، حيث اخترقت رصاصتان السيارة، وذلك لدى محاولتها تقديم الإسعاف الأولي لداليا، فربما لم تمت داليا من الرصاصة الأولى، وهذا عيب في حق الجندي، فكان لا بد أن يتأكد.
أتت داليا إلى العالم حين كان والدهال أحمد استيتي في سجون الاحتلال عام 1996، وسماها داليا، لما تشير إليه الدالية في فلسطين، وأي فلسطيني لا يعرف الدالية؟
تصاوبت يا باسم… دير بالك عالأولاد”… كانت آخر كلماتها
أما أمها، وآه من الأمهات حين يموت أولادهن أمام أعينهن، فقالت [ولا كلام يصف المشهد]: “تروحيش يمّا خليكي معانا”.