إلى قرية منسية

سمير عبد الصمد | المملكة الأردنية الهاشمية

(رسالةٌ إلى قريةٍ منسيةٍ، هجرها أهلُها لكنها لم تهجرهم).

أتيـتُ أمــرَحُ في تلكَ البساتينِ
أرمي العذاباتِ بينَ الماءِ والطينِ

***

أعَلِـلُ النفــسَ والآمــالُ خـافـقـةٌ
وأُرسِلُ الشوقَ في إحساسِ مَحزونِ

***

أعودُ للطـفلِ فِـيَّ، كنتُ من زمـنٍ
هُـنا، أطـارِدُ أسـرابَ الحساســينِ

***

وأسـتريحُ إذا ما الجـريُ أتعـبَـنـي
بينَ العرائـشِ والزيتـونِ والتـيـنِ

***

وأمتطي الغُصنَ خيلًا قد فُتِنتُ بها
كأنـني كنتُ من فُـرســانِ حِطِّـينِ
***

أتـيتُ أسـألُ في مِحرابِ مسجدِنا
عن سَجـدةِ الفجرِ بالإيمانِ تَرويني

***

عن سيدي الشيخِ ما أنقى عمامتَهُ
وقـارُ لِـحـيتِـهِ البيضـاءِ يَـكسـونـي

***

وأسـتكـينُ خُـشـوعًـا من تِـلاوتِــهِ
ترتيلُهُ العذبُ في الأسحارِ يُحييني

***

نُـورٌ إلى مَـلكـوتِ اللهِ يَـنـشِـلُـني
فترتقي النفسُ في علياءِ تَـكويني

***

أتيتُ والقلبُ مَسكونٌ بِـنورِ هُـدًى
ولَـهفةُ الوجدِ تَسري في شراييني

***
إلى الذين بِـطينِ الأرضِ قد جُبِلوا
إلى الرجــالِ الأجـلّاءِ المـيـامـيـنِ

***

في قريتي بَسَقت أشجارُ نخوتِهم
لم يُـهمِـلوا قلبَ مَهمومٍ ومَـوهـونِ

***

وعـندَ دُكَّـانِـها كـم نـدوةٍ عَـقدوا
وحللوا الوضعَ بين الحينِ والحينِ

***

صَـفوُ المحبةِ والإيثارُ جـمَّـعَـهم
كانت مجالِسُهم عـطرَ الرياحينِ
***

اتيتُ والروحُ حَـيرى بعدَ غُربتِـها
والريحُ تَـعبثُ في أغصانِ ليمونِ

***

إلى البيـوتِ التي صانَـت كرامـتَـها
عِطرُ العفافِ سرى من حُورِها العِينِ

***

نَقيَّـةُ الجيبِ،  ما كًَـلَّـت عزائمُها
في حَـرِّ تـمـوزَ أو بَـردِ الكـوانـينِ

***

هي المُـعلـمةُ الأولى بِـفِطـرتِـها
تُـعِـدُّ جيلًا على هَـديٍ وتمكينِ
***
أتيت أسألُ عن أستاذِ مدرستي
يُـقـيمُ شِـقـوتَـنا بالشَّـدِّ واللـيـنِ

***

في شاربيهِ صُـقـورُ الحزمِ واقفةٌ
وفي العصا كان تأديبُ الشياطينِ

***

وصـوتُـهُ يَـملِـكُ الأسماعَ قاطـبةً
تدريسُـه بيـنَ ترهـيبٍ وتـلـقـيـنِ

***

لكـنَّـه الطيّـبُ الأخـلاقَ عَـلَّـمَـنا
أن نَطلُـبَ العِلمَ من عَمّانَ للصينِ

***

وأن يكونَ هوى (الأردنِ) غايتًَنا
بِـلا مُــواربــةٍ ودونَ تــلـويـنٍ

***

وأنَّـها الأرضُ تُـحـيـيها إرادَتُـنا
بِذاكَ صِـرنا بُـناةَ العـلمِ والدينِ

***

يا قريةَ الخيرِ إني قد مَددتُ يدًا
لِـطيبـةِ الزمَـنِ المَـنسـيِّ رُدِّيـنـي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى