رصيف المتعبين
صالح أبو ناجي | الأردن
شمسيّةٌ مهجورةٌ فوق الرصيف.
وغمامةٌ ثكلى تُشتّي في الخريفْ
***
والقهوة السمراءُ تلثمُ ثغرَها
شفَتان ترتجفان في وجهٍ رهيف
***
أنّى الْتَقتْ في الكوبِ تَسري رعشةٌ
من حَرِّها في منحنى الخدِّ الضعيف
***
عصفَتْ بهدأَتها رياحٌ غرَّها
ما لم تُبِنْهُ متاهةُ الثوبِ الشفيف
***
أيلولُ فيها قد أتمَّ صلاتَهُ
وأقام فيها منبرَ الدين الحنيف
***
واستغفرَ العينين ألا تُهلِكا
قلباً تملَّكتاهُ دونَ متى وكيف
***
فاجتثّها من عُلْوِها لسقوطهِ
فهوَتْ على زمنٍ يُسيِّرُهُ كفيف
***
يتَحسَّسُ الأطرافَ منها مُغوِياً
ما لا تطولُ الكفُّ في القدِّ الرَّفيف
***
يحنو عليها وهْيَ تبغي مؤذِياً
يقسو ولكن رغم قسوته لطيف
***
وقفَتْ بمحراب الخريف كأنها
أسطورةٌ هربَتْ من الماضي المخيف
***
فأعاد من ماضيه صورةَ طفلةٍ
بالأمس كانَتْها وضلَّتْ في الرصيف
***
نزفَتْ سنينَ العمرِ أحزاناً وما
فَقَدتْهُ من غَدِها إلى الماضي أُضيف
***
زمنٌ تشابه حينَ أنكر بعضَه
وأتى ثقيلاً يرتدي ظلاً خفيف
***
فارتدَّ آخرهُ عليها أوّلاً ومضى
الخريفُ وما انتهى بعدُ النزيف