موال في عشية عرارية
فوزي البكري | فلسطين – القدس
أقسمـت بالله والنـاسوت والجـان
ألا سكـرتُ بخـمَّـارات عَـمَّـان
***
حمراء تسحقـني شربـاً وأسحقـها
كـأنَّـنا في مجـال الحـربِ نـدَّان
***
بكـلِّ كـأس حواشـيـها منـوَّرة
تغـري بتقـبـيلها شيـخاً بقفـطـان
***
مليـكة الشعـر في كـأس متوجة
در الحـبـاب على عـرش حزيراني
***
تكاد من شغـف الصادي بنشـوتها
تقـول مختـالة في الخلـق: سبحاني
***
أم الكبائر صغـرى في زجاجتـها
لكـنَّها في سـمـاء الـرأس نجمـان
***
نجـم يضيء لمسـرور مسالـكه
ومطـفأ لأخي أحـزانـه الـثـاني
***
نهفـو إليـها ونشـكو من عواقبها
كالنـار دفـئاً وحـرقاً فهي ضدان
***
الحـزن عاشقـها واليـأس واردها
فـيا لغـيـداء يهـواها حبيـبـان
***
عقـلي أسيـرٌ لهـا إبـانَ سطوتِها
فإن صحـوت غدا المأسور وجـداني
***
أيـهٍ عـرار القوافي وهي غـارقة
بالجمر والخمر في قصر وفي حـان
***
جعلتها لسَـراة النـاس حنـظلـةً
وللصعـاليك روضـاً قـطفـه دان
***
فوق الحروف نقاط غيـر باهتـةٍ
وتحتَـها لمعـاني الرفـض خطَّـان
***
أتـيتُ حانَـك والأقدار غالبـة
أن لا أكـون وأنت الشـارب الهاني
***
وجئتُ لا شلَّـة النـدمان تعرفني
ولا التحايا ببـاب الكـوخ تـلـقاني
***
فقدت في رحلـة الاحزان راحلتي
وفي مجاهـلها ضيَّـعت عنـوانـي
***
حفظتُ من ورم التجـار حافظتي
وللمسـاكين قـد وسَّعـت دكَّـاني
***
وفيت والقدس لا تنـسى بلابلـها
وليس كـلُّ وفـي العهـد حوراني
***
وقفتُ بالكوخ والخيـام يهتف بي
ليتَ الذي فلسـف الصهبـاء ساساني
***
ورحتُ أنثر في الديوان ذاكـرتي
بين “العشيـات” نيروزي وريحاني
***
فغامزتني صبايا الشعر ضاحكةً :
“نوريَّةَ” الكدح أم خمرية البانِ؟
***
فقـلتُ: إني عشيق كـلِّ ذات يـد
بيضـاء من رفعة التهـذيب والشان
***
أيـهٍ عرار القـوافي وهي نافـرة
كالخيل في الحرب تجري كل ميدان
***
سخرتَ حتى جعلت الارض مائدة
بالشيخ “عبود” في دهليز رغـدان
***
سبَّـحت للفقـر والدنيا مسبـحةٌ
لصاحب العرش في قـاصٍ وفي دان
***
إخوان سلمى وإن كانوا على ضعة
فإنَّـهـم وكـبـار القـوم سيَّـان
***
بيع العروض لهم في الناس منقصة
فكيف يا صاحبي من باع أوطـاني
***
آمنتُ بالخمـر وهي الآن ملهـمتي
بيـنَ الجمـاجم في أسـواق عمـان
***
وقـد تنبـأتَ أن القـدس لو ذهبت
فكَـمْ سيبـقى بها سُنِّـي ونصراني
***
والشاعر الفـذُّ من كانـت قريحـته
تـوحي بما هـو آت قـبل أزمـان
***
القـدس يـا شاعـري غيداء باكية
مجـدُ العـروبة عبـاسي ومرواني
***
فـلا مـآذنـها فيـنا بصـادحـةٍ
ولـيس نـاقوسـها فيهـم برنـان
***
صلَّى إليها أبـو الزهـراء مبتهلاً
والـيوم يبـكي عليها كلُّ عدنـاني
***
تكـاد مـن ألمٍ تهـوي بصخرتها
وليس يحنـو على آلامـها حـاني
***
أيـهٍ عـرار القـوافي لم يعد رمقٌ
بي للقـوافي وإن كانـت تـرجاني
***
فإنني متعـب والقـدس تقـبلـني
إذا صحـوت فإن أسكـرت تأبـاني
***
خُـذ باقـة الـورد مني وهي يانعة
وإن تـكن جُـرِّحَتْ بالشـوك كفّان