في الفاتِحِ مِنْ أيْلُولْ

تركي عامر‏ | فلسطين

(١)

في الفاتِحِ مِنْ أيْلُولْ،

لا يَحْضُرُني إلّا أسْتاذٌ كانَ يَقُولْ:

مَنْ لا يَتَعَلَّمْ يا وَلَدِي يَتَأَلَّمْ،

يَبْقَ على جَهْلٍ، وَيَكُنْ عَنْ 

هٰذا الجَهْلِ هُوَ المَسْؤُولْ.

يَتَنَفَّسُ سَطْرًا ثُمَّ يَقُولْ:

لَنْ تَعْرِفَ شَيْئًا يا وَلَدِي،

لَنْ يَرْحَمَكَ المَجْهُولْ.

 

(٢)

في الفاتِحِ مِنْ أيْلُولْ،

لا يَحْضُرُني إلّا أسْتاذٌ كانَ يَقُولْ:

أعْرِبْ ما تَحْتَهُ خَطٌّ! حَسِّنْ

خَطَّكَ! دَعْكَ مِنَ المَحْمُولْ!

نَتَصَهْصَلْ.

فَيُنَكِّتُ: لا (وَيْفايَ) هُنا،

مَقْفُولٌ.. مَقْفُولْ.

أُذُنِي تَسْتَنْكِرُ ما سَمِعَتْ،

أتَنَطَّحُ كَالسَّيْفِ المَسْلُولْ:

قُلْ “مُقْفَلْ”!

وَأُثَنِّي: ما هٰذِي “المَقْفُولْ”؟

لا يَغْضَبُ. يَطْلُبُ: حَيُّوا

هٰذا القِرْدَ! وَأَخْجَلْ،

مِنْ تَصْفِيقٍ كَمْ كانَ يَطُولْ.

يَتَفَهَّمُ أسْتاذِي، يَتَدَخَّلْ:

كُفُّوا يا أبْنائِي! وَيَعُودُ بِنا،

لِيُعَلِّمَنا. فَيُحَفِّظُنا، 

بَعْضًا مِنْ آلاءِ المَنْقُولْ.

وَيُهَذِّبُنا وَيُحَفِّزُنا:

لا تَرْتَبِكُوا،

لا تَرْتَعِبُوا مِنْ شَيْءٍ،

وَارْتَكِبُوا المَعْقُولْ!

وَيُكَرِّرُها: لا تَخْشَوْا شَيْئًا،

وَارْتَكِبُوا المَعْقُولْ!

(٣)

في الفاتِحِ مِنْ أَيْلُولْ،

لا يَحْضُرُني إلّا أسْتاذٌ كانَ يَقُولْ:

إِنَّ المَنْقُولَ لَبَحْرٌ. 

خُذْ بِيَدِ المَعْقُولْ!

أُسْتاذٌ عَلَّمَنا لُغَةً. 

سَمَّى الأسْماءَ جَمِيعًا.

لَمْ يَنْسَ المَوْصُولْ.

في دَرْسِ الفِعْلِ عَقَدْنا رَايَةَ صُلْحٍ،

بَيْنَ الفاعِلِ والمَفْعُولْ.

تاءَ التَّأْنِيثِ عَشِقْنا. 

نُونُ النُّسْوَةِ حَاجِبَها رَفَعَتْ. 

خِفْنا. كَمْ عَذَّبَنا مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولْ!

(كُلْ زَيْتًا تَنْطَحْ حَيْطًا، 

زَعْتَرَ تَحْفَظْ شِعْرًا!)، كانَ يَقُولْ.

وَحِسابًا عَلَّمَنا. كَسَّرْنا أَعْدادًا.

وجَمَعْنا. لٰكِنْ بَذَّرْنا المَحْصُولْ.

تارِيخًا عَلَّمَنا. كَمْ كانَ يَصُولُ يَجُولْ.

وَحُرُوبًا خُضْناها سَيفًا مَسْلُولْ.

لَنْ أَنْسَى. عَلَّمَنا: هٰذِي سَنَةٌ..

وَمُقَسَّمَةٌ لِفُصُولْ.

والقَوْلُ الفَصْلُ: إذا أَخْطَأْنا 

كانَ يُعاقِبُنا: مَفْصُولٌ.. مَفْصُولٌ.. 

مَفْصُولْ!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى