الجـرّاح

بشر شبيب – سوريا

جمرٌ تطايرَ فوقنا وجِراحُ

حمراءُ داميّةٌ ولا جرّاحُ

***

العشقُ يفتكُ بالرجالِ كأنَّهُ

جيشٌ لحصنِ قلوبِنا يجتاحُ

***

خمرٌ تدفقَ في عروقِنا خلسةً

فحديثنا السقّاءُ والأقداحُ

***

ونديمنا قصصُ الغرامِ وهمُّنا

مَن يهوى.. مَن يشتاقُ.. كيفَ الرَّاحُ

***

وبني أميّةَ قد تمزّقَ جمعهم

وتعفّنت في شامها الأرواحُ

***

أينَ المعالي سَيفهنّ زنابقٌ

مِن موطني وخيولهنّ رياحُ

***

أينَ الجيوشُ تردُّ عن أعرضها

نهبَ العدو وأينَ راحَ صلاحُ

***

فمنازلُ القدسِ الجميلِ تهدَّمتْ

وعلى رِقابِ صِحابها المفتاحُ

***

 

يا خالدٌ، أينَ الخيولَ تركتها !!

فالأرضُ تبكي وحِمصُنا تُجتاحُ

***

والليلُ طالَ مقامهُ فكأنَّما

ماتَ الَّذي قد كانَ يُدعى صباحُ

***

ودمشقُ خادمةٌ تحضّرُ قهوةً

للمعتدينَ ودمعها ذبَّاحُ

***

وعريشةُ الليمونِ يذبلُ لونها

ويموتُ مِن حزنٍ بنا التفاحُ

***

يا ابنَ الوليدِ على ثيابنا لطخةٌ

بيضاءُ تشهدُ عَضّنا التمساحُ

***

سحبوا عروقَ المجدِ من أجسادنا

سرقوا الأذانَ فما أتانا فلاحُ

***

وتقاسموا العذراءَ حتَّى فروجُهم

كانتْ على أعراضِنا ترتاحُ

***

ماتتْ مروءةُ مَن لديهِ مروءةٌ

وعلتْ قَوافي قَصائدي الأملاحُ

***

يا شامُ يا شمسَ الزمانِ وحسنَهُ

وقصيدةً في وزنِها إلحاحُ

***

أنتِ البدايةُ والنهايةُ والمنى

وحلمُ مَن عن أرضِهم قد راحوا

***

إن ضاقَ صَدري والهواءُ أضرني

فلكم شفاني فضاؤكِ الرَّحراحُ

***

منكِ الجَمالُ أيا دمشقُ ومنهمُ

قتلُ الجمالِ.. وسحقهُ.. وسِفاحُ

***

لم يمنعوا الصهيونَ عن أزهارنا

وكيفَ يحمي زهرةً سفّاحُ؟!

***

متى أعودُ إليكِ حتَّى أضمّكِ

وأشمَّ وجهكِ ذلكَ الفوّاحُ

***

أنا يا حبيبةُ مغرمٌ بورودكِ

فارمي عليَّ ببعضِها أرتاحُ

***

قد تاهَ قلبي في البلادِ عزيزتي

وتاهَ في ظُلَماتنا المصباحُ

***

وتساءلا قبلَ الشّتاتِ وساءلا:

هل القصائدُ كلُّها أتراحُ؟!

***

تساقطَ العمرُ كدمعةِ فلّةٍ

وتحطّمتْ في سُفْننا الألواحُ

***

الفقرُ يملأ حلمَنا وأمامَنا

ووراءَنا .. وتلفُّنا الأشباحُ

***

قد تصنعُ الحُبلى بقتلِ جنينها

روحَ الحياةِ لو يداها شِحاحُ

***

كم دمعةٍ هزمتْ ألوفَ قصائدي

بصمتها إذ خانها الإفصاحُ

***

كم صرخةٍ ثقبتْ جدارِ حروفنا

الحجريِّ حينَ تمخترَ الأقحاحُ

***

كم غزوةٍ خُضنا على صوفايةٍ

في الفيسِ ضاقتْ بعدها “الدحداحُ”

***

وثورةٍ ضاعتْ علينا لأنّنا

ما همّنا منها سوى الأرباحُ

***

قد بالَ كلُّ زناتنا في وجهها

ورموها في أوحَالهم وانزاحوا

***

كلُّ المشانقِ ليسَ تغفرُ ذنبنا

فذنبنا في لحمنا نضّاحُ

***

الحلمُ في وطنٍ جميلٍ كاملٍ

حرٍّ تمكيجُ وجهَهُ الأفراحُ

***

قد ماتْ بعدَ ولادةٍ مشبوهةٍ

وضمهُ في لحظتينِ وشاحُ

***

لا تعذروا قلمي إذا أزعجتكم

فمتى أضرَّ المبدعينَ نباحُ

***

إنّي لأعلمُ أنَّ شِعريَ جارحٌ

وأنَّ حبريَ صارخٌ ردّاحُ

***

لكنّني وجِعٌ على ما قد أرى

في موطني ويغيظني المدّاحُ

***

لا تعذروني لستُ أطلبُ صَفْحكم

أنا شاعرٌ.. أنا ها هنا الجرّاحُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى