أنخاب العطش
سليمان أحمد العواجي / سوريا
كأيِّ عجوزٍ في مقتبلِ الموتِ..
يصبُّ أبي خمرةَ الخطيئةِ في كأسِ التوبةِ
ويبيعُ حطبَ العمرِ بحفنةٍ من صكوكِ الغفران..
قدرهُ أنْ يجوبَ حدائقَ الحقيقة بقدمينِ متورمتين من مطلع الريبةِ حتى مغيبِ الشكِ..
سبحةُ أبي لاتملُ الدورانَ بينَ أصابعهِ وفي حلقهِ لم يبقَ إلا الطميُ وأسماءُ اللهِ التي لاتجفُ….
قد يغيبُ بعد حينٍ تاركاً ثروةً مهولةً من الحزنِ
وجبيناً مجعَّدَ الحسراتِ
فالأهلُ عنهُ لاهونَ.. يتبادلونَ أنخابَ العطشِ..
هنا مدينةٌ نَشِفَ فيها ريقُ الماءِ
وأميرةُ البيادرِ سنبلةٌ في رَيعانِ الحنطةِ تمشي حافيةَ الحلقِ تقول: إن النهرَ جرحها بوعدٍ كاذب..
وهل على الأسيرِ جناحٌ ياأميرة؟!..
أماه:
متى تخرجُ عشتارُ من قمقمِ الردةِ لتُعَدِدَ سجايا الفصول وتمسح دمعَ الحقول؟…
نمْ ياصغيري …
غداً سيأتي ( الخابور) بعرائسِ الماء…
كيف أنام على وسادةِ العطشِ؟!..
وأولادُ السلطان يلهونَ ببريدِ السحابِ..
ويسدونَ دروبَ الشريانِ
والماءُ الذابلُ يمسكُ بطرفِ ثوبكِ كآخرِ ملاذ…
لن أنامَ وضرعُ المدينةِ قتيل…
دعي الملحَ يلعقُ جرحي..
وهزّي بجذعِ الغضبِ حتى يخضرَّ الكلامُ…
الأماني لاتطفئ ماجمعَ ( النمرودُ) من كيدٍ
فيا نارُ كوني برداً وسلاماً
همْ إخوةٌ كانوا لنا إخوةً
يسيِّجونَ العطشَ ويرفعونَ أسوارَ الموتِ…
إمامُ الظلِ يرفعُ فيهم أذانَ الأباطيلِ من مآذنَ قضيةِ الإيمانِ…
ويرشونَ الذئبَ والجبَّ والسيَّارةَ….
قلْ لمنْ يكنزونَ الريحَ في خزائنِ صدرهم:
لا.. لن أنامَ حتى يصيرَ الثأرُ فراتاً من كرامة.