لا أعرفها أبداً

معين شلبية | فلسطين

لا أعرفها أبداً

وارتعشتْ شهقتُها وجعاً يتغلغلُ في أحشائي

أتأمَّلُ أنَّاتِ الجسدِ العاري، فأرى فيها فينوسَ الأولى

يتجلَّى اللَّيلُ الغجريُّ الأسودُ ظلَّاً ما بينَ الرَّأسِ وبينَ العنقِ البلُّوريِّ

يباغتني كوزا رمَّانٍ عاجيانِ، على طفحةِ نهديهَا

أتساءَلُ:

مَن وضع الجدرانَ وصمتَ العتمةِ في مِحْرابِ أنوثَتِهَا؟

لا أدري ميِّتةً كانتْ أَم حيَّة، كانت في حالةِ ما بينَ البينِ.

هل غابتْ عنها الرُّوحُ وغابَ الجسدُ الدَّاميُّ

في وحشةِ وِحْدَتِهَا؟

عاريةً كانتْ تبكي ألماً، كالعصفورةِ تبحثُ عن وطنٍ

ضيَّعها وأضاعَتُهُ في لحظةِ ضعفٍ يشبهُ حالَ الموتِ!

فماذا تفعلُ أنثى حينَ يباغِتُهَا شبحُ الموتِ بهيئةِ وحشٍ بشريٍّ؟

احترتُ كثيراً وأنا أرقُبُهَا

لا شيءَ سوى سَكَرَاتِ الموتِ!

كان النَّايُّ يإنُّ على شفتيَّ، حزيناً كالآهِ على شفتيهَا

كان الدَّمعُ يبلِّلُ جفنيهَا المكسورينِ على شرفاتِ اللَّيلِ

وصمتِ الوقتِ المسترسلِ في وقتِ الصَّمتِ

فتعالَي يا سيِّدتي الآنَ كما أنتِ

لعلِّي أتلمَّسُ حينَ أعانقُ وجهَكِ روحَ اللهِ

ونورَ الحقِّ المتجلِّي كالشَّمسِ على وجهِ البحرِ

تعالَي يا وطناً مغتصَبَاً في هيئةِ أنثى

إنَّ المغتَصِبينَ كما المحتلينَ القتلَة، لا فرقَ، يموتونَ تباعاً ويعودونَ

يعودونَ..

كظلِّ الموتِ القادمِ شبحاً مِن خلفِ البحرِ

فهل في الموتِ يا سيِّدتي غيرُ الموتِ بثوبٍ جديد؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى