رسائل الأسير حسام شاهين إلى قمر

جميل السلحوت | القدس الشرقية – فلسطين
عن دار الشروق للنّشر والتّوزيع في، رام الله وعمّان، صدر في الأيّام القليلة الماضية للأسير المقدسي حسام زهدي شاهين من داخل سجون الاحتلال نصّا سرديّا بعنوان “رسائل إلى قمر-شظايا سيرة”، وهي عبارة عن مجموعة رسائل كتبها الأسير من داخل زنزانته إلى الطفلة قمر ابنة صديقه عماد الزهيري الذي اعتقل في منزله في يناير العام 2004. وقدّم للكتاب الذي جاء في 224 صفحة من الحجم المتوسّط الأديب الكبير محمود شقير.


وبما أنّنا أمام عمل إبداعيّ لأسير متميّز لا ضير بالتّذكير هنا بأدبيّات الأسرى.
أدبيات السّجون
مع أنّ الكتابة عن التّجربة الإعتقالية ليست جديدة على السّاحة الفلسطينيّة والعربيّة وحتّى العالمية، ونحن هنا ولأهمّيّة هذا الموضوع نشير إلى ما استطعنا جمعه من كتابات للأسرى في مختلف المجالات وليس في الرّواية فقط، وممّن كتبوا بهذا الخصوص: في العام 2015 صدرت رواية ” الشّتات للدكتور رأفت خليل حمدونة من قطاع غزة والذى اعتقل في 23/10/1990 وأمضى 15 عام وتم الافراج عنه في 8/5/2005 ، وكان قد كتبها حمدونة أثناء الاعتقال في سجن بئر السبع – ايشل وطبعت في العام 2004 طبعة أولى ، وله ثلاث روايات سابقة وهى : ” قلبى والمخيم ” في سجن هداريم وطبعت في العام 2006 ، ورواية ” لن يموت الحلم ” كتبت في سجن عسقلان وطبعت في العام 2007 ، ورواية ” عاشق من جنين ” في سجن نفحة الصحراوى وطبعت في العام 2003 طبعة أولى ، و 2005 طبعة ثانية ، ومن كتابات الأسرى أيضاً ديوان “ماذا يريد الموت منا؟” لتحرير اسماعيل البرغوثي، ورواية “الأسير 1578″ للأسير هيثم جمال جابر، وروايات ” وجع بلا قرار”، “خبر عاجل” و “بشائر” للأسير كميل أبو حنيش، وفي العام 2015 صدرت رواية “خريف الانتظار للأسير حسن فطافطة، وفي العام 2016 أيضا صدرت رواية “الحنين إلى المستقبل” لعادل سالم، ورواية “وجع بلا قرار” للكاتب الأسير “كميل أبو حنيش”، وفي العام 2018 صدرت مجموعة قصصية للأسير سائد سلامة بعنوان “عطر الإرادة” ورواية حكاية سرّ الزيت” لوليد دقّة. وفي العام 2019 “جمر خليل بيدس صاحب كتاب”أدب السجون” الذي صدر بدايات القرن العشرين، زمن الانتداب البريطاني، وكتب الشيخ سعيد الكرمي قصائد داخل السّجون العثمانيّة في أواخر العهد العثمانيّ، كما كتب ابراهيم طوقان قصيدته الشّهيرة عام 1930تخليدا للشّهداء عطا الزير، محمد جمجوم وفؤاد حجازي، وكتب الشّاعر الشّعبيّ عوض النّابلسي بنعل حذائه على جدران زنزانته ليلة إعدامه في العام 1937 قصيدته الشّهيرة” ظنّيت النا ملوك تمشي وراها رجال” وكتب الدّكتور أسعد عبد الرحمن في بداية سبعينات القرن العشرين (أوراق سجين)، كما صدرت عام 1973 رواية “المحاصرون: لفيصل حوراني كما صدرت مجموعة قصص(ساعات ما قبل الفجر) للأديب محمد خليل عليان في بداية ثمانينات القرن الماضي، و”أيام مشينة خلف القضبان” لمحمد احمد ابو لبن، و”ترانيم من خلف القضبان” لعبد الفتاح حمايل ، و”رسائل لم تصل بعد” ومجموعة “سجينة” القصصية للرّاحل عزّت الغزّاوي ، وقبل”الأرض واستراح” لسامي الكيلاني، و”نداء من وراء القضبان، “و(الزنزانة رقم 706) لجبريل الرجوب، ورواية “الأسير 1578” لهيثم جابر.
وروايات “ستائر العتمة” و “مدفن الأحياء”و”أمهات في مدفن الأحياء” ورواية “الشعاع القادم من الجنوب”وحكاية(العمّ عز الدين) لوليد الهودلي، وكتبت عائشة عودة “أحلام بالحرّية” و”ثمنا للشّمس”. و(تحت السّماء الثامنة)لنمر شعبان ومحمود الصّفدي، ، و “الشّمس في معتقل النّقب” عام 1991 لهشام عبد الرّازق، وفي السّنوات القليلة الماضية صدر كتابان لراسم عبيدات عن ذكرياته في الأسر، وفي العام 2005صدر للنّائب حسام خضر كتاب”الاعتقال والمعتقلون بين الإعتراف والصّمود” وفي العام 2007 صدرت رواية “قيثارة الرّمل” لنافذ الرّفاعي، ورواية”المسكوبيّة” لأسامة العيسة، وفي العام 2010 صدرت رواية”عناق الأصابع” لعادل سالم، وفي العام 2011 صدر “ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي” لمروان البرغوثي” و”الأبواب المنسيّة” للمتوكل طه، ورواية “سجن السّجن” لعصمت منصور، وفي العام 2012 صدرت رواية”الشمس تولد من الجبل لموسى الشيخ ومحمد البيروتي” كما صدر قبل ذلك أكثر من كتاب لحسن عبدالله عن السجون أيضا، ومجموعة روايات لفاضل يونس، وأعمال أخرى لفلسطينيين ذاقوا مرارة السجن. وفي العام 2011 صدرت رواية”هواجس سجينة” لكفاح طافش، وفي 2013 صدر كتاب”الصّمت البليغ” لخالد رشيد الزبدة، وكتاب نصب تذكاري لحافظ أبو عباية ومحمد البيروتي” وفي العام 2014 رواية”العسف” لجميل السلحوت”، ورواية “عسل الملكات” لماجد أبو غوش، وفي العام 2015 “مرايا الأسر” قصص وحكايا من الزمن الحبيس” لحسام كناعنة، ورواية” مسك الكفاية سيرة سيّدة الظلال الحرة” و “نرجس العزلة” إضافة إلى ديواني شعر هما: “طقوس المرة الاولى”، “أنفاس قصيدة ليلية”، ورواية “الكبسولة ” للكاتب الأسير باسم الخندقجي، كما صدرت له عام 2019 عن دار الآداب في بيروت رواية “خسوف بدر الدين”، ورواية “زغرودة الفنجان” للأسير حسام شاهين، وفي العام 2015 صدرت رواية خريف الانتظار المحطات” للكاتب بسام الكعبي، وكذلك كتب”اربعون يوما على الرصيف” لصالح ابو لبن. وبين العامين 2007 و2017 صدرت أربع روايات” خبر عاجل، بشائر، وجع بلا قرار، والكبسولة” لكميل سعيد أبو حنيش. ورواية “الشتات” للأسير المحرّر د. رأفت خليل حمدونة، كما صدر عام 2017 كتاب “صدى القيد” لأحمد سعادات. وفي العام 2018 صدر كتاب “رسائل في التجربة الاعتقالية” للكاتب الفلسطينيّ الأسير وائل نعيم أحمد الجاغوب، كما صدر كتاب””إضاءات على رواية المعتقلين الأدباء في المعتقلات الإسرائيلية” لرائد محمد الحواري”. وفي العام 2019 صدرت رواية “العنّاب المرّ”للأسير المحرّر أسامة مغربي.
وصدر كتاب”دائرة الألم” ورواية “ليس حلما” للأسير سامر عصام المحروم.
وصدرت “رسائل في التجربة الاعتقالية” للكاتب الفلسطينيّ الأسير وائل نعيم أحمد الجاغوب، و صدر للجاغوب روايتان من داخل المعتقل، الأولى بعنوان “أحلام”، والثانية بعنوان “أحلام مؤجلة”. كما صدر له كتاب بعنوان “رسائل في التجربة الاعتقالية”. كذلك صدر له عدد من الدراسات منها دراسة بعنوان “أطروحات في الوعي بالمشروع الصهيوني في فلسطين”، وأخرى بعنوان “الخارطة السياسية الإسرائيلية.”
وصدرت رواية “تحت عين القَمَر”للأسير معتز محمد فخري عبدالله الهيموني.”
وفي العام 2020 صدركتاب ثقافة الإدارة وإدارة الثقافة” للكاتب حسن عبدالله، الصدور العارية” للكاتب خالد الزبدة، و”العناب المرّ” لأسامة المغربي. وصدر كتاب”الاعتقال الإداري في فلسطين كجزء من المنظومة الاستعمارية: الجهاز القضائي في خدمة الأمن العام”، لعبد الرازق فرّاج.
وصدرت للأسير هيثم جابر خمسة كتب وهي: مجموعته القصصية “العرس الأبيض”، وروايتاه “الشهيدة” و”الأسير 1572″، وديواناه “زفرات في الحبّ والحرب” بجزئيه الأوّل والثاني. وصدرت عام 2020 رواية “تَحتَ عين القَمَر – آلة الزمن الوهمية” للأسير معتز الهيموني. وصدر كتاب نصر الطيار” للأسير إسلام صالح محمد جرار. وصدرت رواية”أنفاس امرأة مخذولة” للأسير باسم خندقجي، كما صدر للأسير حسام شاهين كتاب”رسائل إلى قمر-شظايا سيرة” .
وأدب السجون فرض نفسه كظاهرة أدبيّة في الأدب الفلسطينيّ الحديث، أفرزتها خصوصيّة الوضع الفلسطينيّ، مع التّذكير أنّها بدأت قبل احتلال حزيران 1967، فالشّعراء الفلسطينيّون الكبار محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وغيرهم تعرضوا للاعتقال قبل ذلك، وكتبوا أشعارهم داخل السجون أيضا، والشّاعر معين بسيسو كتب”دفاتر فلسطينية” عن تجربته الاعتقالية في سجن الواحات في مصر أيضا. وفي العام 2019 صدر كتاب “جمر الكلمات” لبسام الكعبي. ورواية “الكبسولة” لكميل أبو حشيش، وسردية “ليس حلما” للأسير سامر محروم. كما صدر كتاب جمر المحطات لبسام الكعبي. وفي العام 2020 صدرت رواية” الأسير 1578″ للأسير هيثم جابر. و”صدى القيد” للأسير القائد أحمد سعادات. وصدر أيضا  “الاعتقال الإداري في فلسطين كجزء من المنظومة الاستعمارية. الجهاز القضائي في خدمة الأمن العام.”للأسير عبدالرازق فراج.
كما أن أدب السّجون والكتابة عنها وعن عذاباتها معروفة منذ القدم عربيّا وعالميّا أيضا، فقد كتب الرّوائي عبد الرحمن منيف روايتي”شرق المتوسط” والآن هنا” عن الاعتقال والتعذيب في سجون دول شرق البحر المتوسّط. وكتب فاضل الغزّاوي روايته” القلعة الخامسة” وديوان الشّاعر المصري أحمد فؤاد نجم”الفاجوجي”.ومنها ما أورده الأستاذ محمد الحسناوي في دراسته المنشورة في مجلة”أخبار الثقافة الجزائرية” والمعنونة بـ”أدب السّجون في رواية “ما لا ترونه” للشّاعر والرّوائي السّوري سليم عبد القادر، وهي (تجربة السّجن في الأدب الأندلسي- لرشا عبد الله الخطيب) و (السّجون وأثرها في شعر العرب.. –لأحمد ممتاز البزرة ) و( السّجون وأثرها في الآداب العربية من الجاهلية حتى العصر الأموي- لواضح الصمد ) وهي مؤلفات تهتم بأدب العصور الماضية، أمّا ما يهتم بأدب العصر الحديث ، فنذكر منها : (أدب السّجون والمنافي في فترة الاحتلال الفرنسيّ – ليحيى الشّيخ صالح ) و( شعر السّجون في الأدب العربيّ الحديث والمعاصر – لسالم معروف المعوش) وأحدث دراسة في ذلك كتاب “القبض على الجمر – للدّكتور محمد حُوَّر”. وفي عام 1998 صدرت رواية (حياة مسروقة: عشرون عاما في سجن الصحراء) للمغربية مليكة محمد أوفقير، وعام 2000 صدرت رواية (من الصخيرات إلى تزممارت: تذكرة ذهاب وإياب إلى الجحيم) للمغربي محمد الرّايس، ورواية (تزممارت الزنزانة رقم 10)لأحمد المرزوقي، ورواية (تلك العتمة الباهرة) للطاهر بن جلّون.

أمّا النّصوص الأدبية التي عكست تجربة السّجن شعرا أو نثرا فهي ليست قليلة،: نذكر منها (روميات أبي فراس الحمداني) وقصائد الحطيئة وعلي ابن الجهم وأمثالهم في الأدب القديم. أما في الأدب الحديث فنذكر: (حصاد السّجن – لأحمد الصّافي النّجفي) و (شاعر في النّظارة : شاعر بين الجدران- لسليمان العيسى) و ديوان (في غيابة الجبّ – لمحمد بهار : محمد الحسناوي) وديوان (تراتيل على أسوار تدمر – ليحيى البشيري) وكتاب (عندما غابت الشّمس – لعبد الحليم خفاجي) ورواية “خطوات في الليل – لمحمد الحسناوي.

وفي العام 2019 صدر كتاب” من أدب السجون العراقي” للناقد حسين سرمك حسن ، وفى العام 2020 صدر ديوان شعر باسم زفرات فى الحب والحرب 2 للأسير الشاعر هيثم جابر.

وعودة إلى رسائل الأسير حسام شاهين

وقبل الدّخول إلى مضمون الكتاب الذي نحن بصدده سنقدّم لمحة سريعة عن كاتبها الأسير حسام زهدي شاهين:

ولد حسام زهدي شاهين في عرب السّواحرة-القدس عام 1972 في أسرة كادحة ومناضلة.

انخرط في صفوف حركة فتح وهو طالب في المدرسة، حيث ظهرت شخصيّته القياديّة والمرحة في سنّ مبكّر، ممّا أهّله أن يتدرّج في صفوف الشّبيبة الفتحاويّة، إلى أن وصل إلى قيادتها بقدرة واقتدار، وهذا ما لفت انتباه زعيم حركة فتح الرّئيس الرّمز ياسر عرفات فقرّبه منه.

عرف عنه حبّه لتطوير وتثقيف نفسه بنفسه، فانكبّ على المطالعة في مختلف المجالات، وهذا ما يشهد له به معارفه قبل وقوعه في الأسر وأثنائه. وهذا ينعكس من خلال المقالات السّياسيّة والفكريّة التي كتبها ولا يزال يكتبها.

وقع في الأسر في 28- 1- 2004، وحكم عليه 27 عاما.

واصل كتابة آرائه وهو قابع في الأسر رغم قساوة الحياة والإمكانيّات القليلة وراء القضبان. 

صدرت له عام 2015 رواية “زغرودة الفنجان” عن دار”الأهليّة للنّشر والتّوزيع” في العاصمة الأردنيّة عمّان. ولاقت ردود فعل إيجابيّة واسعة. 

الإهداء

يهدي المؤلّف الأسير إصداره هذا إلى والدته وإلى قمر عماد الزّهيري التي تركها طفلة لم تتعلّم النّطق عندما وقع في الأسر قبل ثمانية عشر عاما، وإلى شقيقته نسيم.

المضمون:

اختار الكاتب أن يدرج نصوصه هذه تحت باب الرّسائل، والرّسائل فنّ إبداعيّ معروف في الثّقافة العربيّة منذ القدم، وهو واحد من الأصناف الأدبيّة المعروفة. وقد خاطب في رسائله الطّفلة “قمر – ابنة أخويّ عماد وشرين الـــزهــيــري” التي لم تتعلّم النّطق عندما وقع في الأسر لصغر سنّها. وعلينا الأنتباه هنا أنّ قمر الآن على مشارف العشرين من عمرها. وهذا يعني أنّ الكاتب يخاطب من خلالها جيل الشّباب دون نسيان مرحلة الطّفولة لأطفال الوطن الذّبيح، فقمر في طفولتها كانت شاهدة على وقوع الكاتب في الأسر، وها هي الآن تقرأ الرّسائل التي وجّهها إليها وهي في بداية شبابها.

لكنّ رسائل حسام إلى قمر تحمل في ثناياها تأريخا لا يمكن القفز عنه، فهل هي رسائل تعليميّة. ولنتذكّر أنّ الكاتب عندما وقع في الأسر كان يترأس الشّبيبة الفتحاويّة. وبالتّالي فهل هذه الرّسائل هي بمثابة رسائل من القائد إلى جنوده؟

شظايا سيرة:

وصف الكاتب رسائله بأنّها “شظايا سيرة” وجاء في المعجم الوسيط (الشَّظِيَّةُ)

[الشَّظِيَّةُ]: العظم الصغير الوحشيّ من عظمَي الساق، وتتمفصل مع القصبة من أعلى، ومع القصبة والمخلخل من أسفل.” ممّا أقرّه مجمع اللغة العربيّة في القاهرة”. والفِلقة تتناثر من جسم صلب. قالوا: شظيّةٌ من خشبٍ أو عَظمٍ أو فضةٍ أو نحوها. وأكثر مايستعمل الآن في فِلق المتفجرات. والجمع: شظايا. والشظايا: رؤوس الأضلاع السُّفلى، وهي شبيهة بالغضاريِف.

ومن خلال هذا التّعريف سنجد أنّ الكاتب لم يكتب سيرة ذاتيّة متسلسلة ومتكاملة، وإنّما اختار مواقف متناثرة من تجاربه الحياتيّة الغنيّة وكتبها، ومن الممكن أنّه تطرّق لجوانب من بعض هذه التّجارب ولم يكتبها كاملة.

والقارئ لهذه الرّسائل سيجد أنّها ليست سيرة ذاتيّة محضة، فالكاتب القائد الذي خبر الحياة ومارس الفعل النّضاليّ لا تعنيه حياته الشّخصية بمقدار ما تعنيه قضّية شعبه ووطنه، من هنا فإنّ شظايا سيرته ومسيرته تحمل في ثناياها تأريخا سريعا لومضات من مرحلة عايشها الكاتب، تماما مثلما تحمل في طيّاتها ومضات من حياته الشّخصيّة والأسريّة، وهذا الخلط المدهش يظهر جليّا عند كتابته عن فترات حياتيّة مع والدته ومع شقيقته نسيم، ومع الطّفلة قمر التي اختار توجيه رسائله إليها. ومن هنا تداخل إهداء رسائله “إلى والدته وشقيقته نسيم وإلى قمر ابنة صديقه”، والذي تعامل معها تعاملا أبويّا. مع التّذكير بأنّ كاتبنا لا يزال أعزبا.

والقارئ لهذه الرّسائل لا يحتاج إلى كثير من الذّكاء كي يكتشف عمق ثقافة الكاتب وسعة اطّلاعه، وانحيازه الفطريّ والواقعيّ لقضايا وطنه وشعبه، تماما مثلما هو منحاز لقضايا المرأة ودورها النّضاليّ. من هنا فقد تطرّق في رسائله إلى الدّور النّضاليّ لعدد من النّساء الواتي كان لهنّ دور نضاليّ ومواقف مميّزة ولافتة، وكأنّي به يقول للشّابّات وللشّباب بأنّ هؤلاء النّساء يشكلن قدوة لهنّ ولهم. ولم ينس هنا دور بعض النّاشطات الأجنبيّات اللواتي تعاطفن وشاركن في النّضال الفلسطينيّ من أجل تقرير المصير وبناء الدّولة المستقلّة بعاصمتها القدس الشّريف.

اللغة والأسلوب:

 واضح أنّ الكاتب يمتلك ثروة لغوية لافتة بجماليّاتها، وقد اعتمد في رسائله على أسلوب السّرد القصصي والرّوائي الذي لا ينقصه عنصر التّشويق.

وماذا بعد: 

هذا المرور السّريع على هذا الإصدار لا يغني عن قراءته، وقد اعتمدت فيه على قرائتي على قرائته كمخطوطة إلكترونيّة دون الإطلاع على النّسخة الورقيّة.

10 سبتمبر 2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى