الحبكة في نهاية القصّة!
سجى مشعل | فلسطين المحتلة
أؤمن بالبطء كثيرًا، وفي كلّ لحظة مرّت عليّ _وأسترجعها الآن_ أنظرُ إلى الزّمن الّذي استغرقني لفعل شيء ما، وكم مرّة أرخيت ثقل قلبي على الحافّة ليطير من جديد، كم مرّة رفرفت بوهن صغار الطّيور، وكم مرّة تكرّرت المحاولات حتّى أصبتُها، ومن ثمّ أدري حقًّا بأنّ البطء هو الصّواب بعينه.
لم يكن الأمر هيّنًا ولا سَلِسًا وتلك الفكرة الرّئيسة، فمتى يُولد الإبداع، يقينًا ليس إلّا من نُواة التّكرار والتّفرّد بالصّبر الشّديد، والمُغالبة على ضعف النّفس وشدّة شقاقها، وما كانت الأمور ستسير إذا لم نغامر مرّة جديدة بعد إذ سقطنا سهوًا وهَفْوًا، بعد إذ صرنا نبتلع التّراب ونمضغه ونحن في طريق السّقوط، لا بُدّ بأنّ الوقوف _ولو أخذ وقتًا طويلًا وجرى ببطء تامّ_ أن يحصل، فلا ريب من أنّنا وصلنا، ولا ريب من أنّنا أفنينا قلوبنا في سبيل ذلك، فستكون النّهاية عناقًا مُجازَفًا فيه غير آبِهِين بحلول العتمة ما دام الفجر قادمًا.
فإنّي أُؤكّد وأشُدّ على كلّ يدٍ تفعل ما تفعله دون التّقيّد بالوقت، ولو كانت النّتيجة الآنية خسرانًا أو حسرات ربّما، فها أنا ذا من الإتّجاه المُقابل أشاطركم مُعاناتي الّتي كانت، وأفكاري الّتي كنتُ أعتقد، والّتي يظهر بُطلان ما كنت أسعى إلى إيصاله لِدماغي من خلالها، فالرّكض في سباقات التّعجُّل كثيرًا ما يُفضي إلى الفواجع، فَكثيرًا ما كنت أعتقد بأنّ هناك فترة معلومة تكون هي سقف الكفاية ونهاية الزّمن المُحدّد لِفعل أيّ شيء، وبعد هذه النّقطة سَيفوتُني الأوان، فأصير أبذل جهدًا مُضاعفًا حتّى أصل بسرعة ولا يفوتني القطار، أركض وأستريح، ثمّ أركض وأستريح، كنت أعتقد بأنّ الأسبقيّة لِمَن يصل أوّلًا لكنّ الأسبقيّة في الحقيقة تكون لِمَن يصل قويًّا، يصل صامدًا رافعًا رأسه عاليًا، الأسبقيّة لمَن يصل بقلبه قبل لسانه، لمَن يصل بروحه قبل جسده، لم تكن الأحقّيّة بأولويّة الأدوار يومًا لِمَن يملك المادّة دون توظيف الرّوح فيها!