كنْ إيجابيًا وتفاءلْ و ودّع القلق

رحاب يوسف | كاتبة وتربوية فلسطينية

     كلُّ إنسانٍ منّا مُعَرَّضٌ للأفكار السلبِيَّةِ، وهذه الأفكارُ قد تكونُ قَلَقاً، أو ظُنوناً، أو رُهاباً اجتماعيَّاًـ أو خَوفاً، أو قَلَقَ الماضي والتَّعَلُّقِ بهِ، أو قَلَقَ المُستَقبَلِ، لكن كيفَ نَسحَقُ هذه الأفكارَ نِهائيّاً؟ البعضُ ينتَصِرُ عليها بالتجاهُلِ، والانشغالِ بأمورٍ أخرى جديدةٍ في حَياتِه.

     الناسُ دائِماً تَجذِبُ الأشياء المَرفوضَةَ جِداً، ثمَّ تَتَعايَشُ مَعَها، وكُلَّما زادَ الألَمُ زادَ الجذبُ، تجذِبُ لَكَ ما يُؤلِمُكَ، وما أنتَ عليه الآن هو ما تَعيشُهُ بأفكارِكَ ومَشاعِرِكَ، فَقَدتَ عَزيزاً وتَألَّمتَ عليهِ، ستجذبُ إليكَ مَشاعِرَ الألَمِ وتَسعَدُ بها، فكيفَ تَتَفَنَّنُ في جذب السعادةِ والاطمئنانِ لتعيشها؟!

     تعيشُ الناسُ الكثيرَ من الظروفِ ولا تستَطيعُ تَقَبُّلَها، مثل: فَشَلٍ في الزواجِ، فَشَلٍ في العَمَلِ، فَشَلٍ في العلاقات الاجتماعيَّةِ، عندها لا يوجد أمامي إلاّ حلاّن: إما أنْ أرفُضَ وأتَألَّمَ وأتَضايَقَ، وأحمِلَ المَشاعِرَ السلبيَّةَ، أو أتَقَبَّلَ الظرفَ أثناءَ حُدوثِهِ، بالتالي سيَعلو التفكيرُ المَنطِقيُّ ويَصعَدُ، فتأتيني أفكارٌ من نفس دَرجَةِ المَشاعر، فالإنسانُ المُتَقَبِّلُ هو الذي يَخلُقُ الواقِعَ، فالواقِعُ هو وُقوعُ أفكاري وقناعاتي التي أستطيعُ عَيشَها، وتغييرُ الواقعِ يكونُ بتغييرِ الحال التي أعيشُها: “إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” الرعد (11)، فأنا كإنسانٍ ما بداخلي يَقَعُ في خارجي، ومَن يَستَمِدُّ مَعلوماتِه من الواقعِ يَقَعُ في أسرِهِ مدى الحياةِ، ومَن يَستَمِدُّ مَعلوماتِهِ وطاقاتِه من الله والدين يكونُ مُتَفائِلاً.

     لا يُمكِنَ للحَدَثِ أن يُؤَثِّرَ علينا إلا من خِلال الكَلِمَةِ، فالكَلِمَةُ من أعظَمِ نِعَمِ اللهِ – سُبحانَهُ وتعالى – علينا جميعاً، لا يُمكِنُ لشَيءٍ أن يُؤَثِّرَ عَلينا إلا بتَسمِيَتِه اسماً، مثلاً: لو اشتريتُ سَيَّارَةً، ووقعَ لي حادثٌ، وتَحَطَّمَت السيَّارَةُ، ولم يَحصُل لي شيءٌ، فقلتُ: “الحمد لله، جاءت في المال ،لا في البشر”، أكونُ هنا مُتَفائِلَةً، لكن لو نظرتُ إلى الحادث بسَلبِيَّةٍ، ووَلوَلتُ، وصِحتُ، وقُلتُ: “يا ربِّ، إنَّ ماليَ قد ضاع”، ستُسَيطِرُ عليَّ هنا مَشاعِرُ وأفكارٌ سلبيَّةٌ، فكُلُّ مَوقِفٍ يَحصُل لي أسَمِّيه سَلبيّاً، حتى يَتَبَرمَجَ العَقلُ تِلقائِيّاً على السلبية”، لذا عَليَّ أن أتَعَلَّمَ، وأُدَرِّبَ نَفسي أن أقولَ لكُلِّ مَوقِفٍ يحصلُ لي: “خيرٌ إن شاء الله”، بالتالي أشعُرُ بمشاعِرِ الخَيرِ، وأحَوِّلُ هذا المَوقِفَ إلى خيرٍ.

     كُلُّ شَيءٍ في هذه الحياةِ لهُ جانبٌ إيجابيٌّ، وجانِبٌ سَلبِيٌّ، نَظرَتي للموقِفِ هي التي تُحَدِّدُ إن كان إيجابيَّاً أم سَلبيَّاً، فعندما أضَعُ الكَلِمَةَ الإيجابيَّةَ لأيِّ مَوقِفٍ، وأتبَنَّاها، ستكونُ مشاعري إيجابِيَّةً بالتالي سيكونُ تفسيرُ الأحداثِ كُلِّها إيجابيَّاً من نفس دَرَجَةِ المَشاعِرِ، وعندما يَحصُلُ لي أيُّ مَوقِفٍ سآخُذُ منه الجانِبَ الإيجابيَّ، والذي سيُفيدُني دائماً في الحياة، ويوصلِنُي الى نَجاحٍ كَبيرٍ؛ بسبب تَحَمُّلي وتَجَلُّدي، لذا فإنَّ الأحداثَ التي تَحصُلُ لي في الحياة إمّا أن تُرجِعُني أو تُقَدِّمُني، فلا شيءَ يَحصُلُ مَعَكَ في الحياة يُبقيكَ كما أنتَ، وهذا الأمرُ بيَدِكَ!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى