15 نقطة تجمع بين الملكين: أحمد فؤاد و سيميون
مريم حميد | تركيا – العراق
في يوليو شهر الثورات؛ الشهر الذي تنضج حرارته دماء رجال يغيرون تاريخ بلدانهم غير آبهين بالمصائر نستعرض من قصص الملوك ذلك القصص الحزين كما سماه السياب أو كما رأى ما وراء تلك القصص ما وراء تلك القصور وما وراء الأساطير عن جنانها.
خمسة عشر نقطة تجمع بين آخر الملوك من شمال أفريقيا وآخر الملوك من الجنوب الشرقي لأوروبا
1- ولد الملك سيميون الثاني عام 1937 في 61 حزيران في العاصمة صوفيا وبعد عامين من ميلاده بدأت رحى الحرب العالمية الثانية تطحن البلاد والعباد في عام 1943 وفي سن الست سنوات توج ملكا على بلغاريا بعد وفاة والده وبذلك يكون من أصغر ملوك أوروبا سنا عند تولى الحكم في التاريخ المعاصر.
أما الملك أحمد فؤاد الثاني فقد ولد الساعة السادسة صباحا في الخامس عشر من كانون الأول عام 1952 في القاهرة في سرايا عابدين وتنازل له والده الملك فاروق الأول عن الحكم بعد ستة أشهر من ولادته نزولا عند رغبة الثورة التي قام بها الضباط الأحرارا. أي إنه أصبح ملكا قبل أن يتعلم المشي وتناول الطعام.
2- بدأت رحلة كل منهما مع المنفى مبكرة جدا فغادر سيميون الثاني البلاد هربا دون أن يوقع على أية أوراق للتنازل عن العرش وهو في الثامنة من عمره مع عائلته المكونة من والدته الملكة جيوفانا ابنة ملك إيطاليا فكتور عمانويل وأخته ماريا لويزا بعد أجيتاح السوفيت لبلغاريا 1945 الذي ألغى الملكية بواسطة استفتاء أجراه في الجيش جاءت نسبة 97/100 من نتائجه مع إلغاء الملكية وقام السوفييت خلال اجتياحه بقتل2680 شخصا من بينهم الوصيان على العرش.
أما الملك أحمد فؤاد فأصبح ملكا منفيا في عمر الستة أشهر وبالطبع لم يك يعرف التوقيع بعد ليوقع عن التنازل عن العرش الذي تنازل عنه والده الملك فاروق وبعده غادرت العائلة المالكة من مصر إلى إيطاليا.
3- كلا المليكين تنقل بين المنافي فبدأت رحلة سيميون الثاني من بلغاريا إلى تركيا ثم مصر التي بقت عائلته فيها أربع سنوات عاشوها مع جده لأمه ملك إيطاليا المنفي عمانويل وهناك درس في كلية فيكتوريا مع ولي عهد ألبانيا الأمير ليكا، ثم إلى اسبانيا بعد أن عرض ذلك عليهم السفير الإسباني في مصر بعد ذلك أكمل دراسته العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية ثم عاد إلى إسبانيا واستقر بها.
أما الملك أحمد فؤاد الثاني فبدأت رحلته إلى إيطاليا ثم نقله والده ليتلقى تعليمه في سويسرا وعندما كبر أقام فترة في فرنسا فالمغرب ثم استقر مجددا في سويسرا.
4 – كل من الملكين درس العلوم السياسية والاقتصاد وعمل كمستشار اقتصادي لكبريات الشركات فعمل سيميون الثاني مع مجالس شركات مغربية وإسبانية وسويسرية، وكذلك الملك أحمد فؤاد الثاني عمل مع بعض الشركات الأمريكية كما إنه افتتح ستوديو للتصوير بعد أن استقر في سويسرا.
5- كل من الملكين فقد والده في ظروف غامضة جدا أثارت الجدل والاتهامات؛ فقد توفي الملك بوريس الثالث والد سيميون الثاني عام1943 بعد أسبوع من اجتماعه بالزعيم النازي أودلف هتلر وعاد مضطربا وتوفي نتيجة توقف القلب فجأة وكان شابا في التاسعة والأربعين من عمره وبصحة جيدة فبدأت الشائعات تدور حول قتله مسموما ونتيجة ذلك تم تبادل الإتهامات بين المخابرات البريطانية والألمانية حول مقتله، أما الملك فاروق الأول فقد توفي في الخامسة والأربعين من عمره نتيجة توقف القلب فجأة عندما كان يتناول العشاء في أحد مطاعم روما وأيضا دارت الظنون حول قتله بالسم من قبل أجهزة المخابرات.
6- رفضت عائلة كل من الملكين تشريح جثة والدهما وعبر عن ذلك سيميون الثاني (ما كان قلبي والدتي ليحتمل ذلك أبدا)، لكن تم حفظ قلب صاحب الجلالة بوريس الثالث في مادة كيميائية في معهد الطب وعرضت جثته طوال أسبوع في الكاتدرائية ليتسنى للشعب توديعه ويصف ذلك الملك سيميون (شعور مزعج يراودني إلى الآن عندما أذهب إلى عزاء شخص ما يثار بي كان شعورا مريعا أن أرى جثة والدي معروضة طوال أسبوع وفي هذه الواقعة المؤلمة كان الكل يتجهون إلي كما كانوا يفعلون مع والدي.
أما جثة الملك فاروق فقد رفضت الملكة فريدة تشريحها رفضا تاما متعللة بحرمة ذلك في الشريعة الإسلامية وعبر الملك أحمد فؤاد الثاني عن صدمته بوفاة والده قائلا: عندما أبلغتني مريبتي أحسست بأن شيئا ثقيلا سقط على رأسي٠
7_كلا الملكين نقلت جثة والده بعد وفاته فيقول سيميون الثاني في عام 1946 أجبرنا على نقل جثة والدي ودفنه في حديقة الفيلا التي كنا نقيم فيها في بفرانا بضواحي العاصمة صوفيا حيث أخبرونا بأن المكان الذي دفن به سابقا تحول إلى مكان للحج٠
أما الملك فاروق فقد رفض الرئيس جمال عبد الناصر عودة جثته إلى مصر ليدفن فيها بناء على وصيته وبعد توسط من المملكة العربية السعودية وافق لكن بشرط آلا تدفن جثة الملك فاروق في مدافن الأسرة في مسجد الرفاعي وفعلا لم تدفن هناك إلا بعد مجيء الرئيس السادات وتحسن العلاقات بينه وبين الملك أحمد فؤاد الثاني حيث وافق على نقل رفات الملك فاروق إلى مسجد الرفاعي في مدافن الأسرة المالكة.
8 – كلا الملكين تواصل مع شعبه من المنفى فالملك أحمد فؤاد الثاني كان يتابع أخبار البلاد ويدافع عنها أمام من لم يفهموا عقيدتها السياسية والفكريةوتبرع لحرب العبور 1973 ولضحايا الزلزال عام 1990.
9_كلا الملكين يجيد أكثر من لغة بحكم تنقله بين المنافي فسيميون الثاني يجيد ست لغات هي اللغة البلغارية الأم والإنكليزية والفرنسية والاسبانية ويفهم العربية لكن لا يتمكن من تكلمها بسلاسة، أما الملك أحمد فؤاد الثاني فما نعرفه عنه انه يجيد الفرنسية والإنكليزية والعربية.
10_ كلا الملكين اقترن بمن تخالف جنسيته وعقيدته الدينية؛ فتزوج سيميون الثاني من سيدة إسبانية هي الدونا مارجريتا موجيز وهي كاثوليكية في حين يدين هو بالمذهب الأرثوذكسي وأنجب منها خمسة أولاد هم (كاردام. كيريل. كوبارت . قسطنطين .كالينا ).
أما الملك أحمد فؤاد الثاني فقد تزوج من السيدة الفرنسية دومنييك فرانس بكار ابنة الديانة اليهودية والتي أسلمت واشهرت إسلامها قبل الزواج منه وأنجبا ثلاثة أمراء هم (محمد علي وفوزية و لطيفة و فخر الدين).
11_كلاهما حظي بالعودة إلى بلده معزز مكرما التي لم يحظ بها أي من أهلهما فعاد سيمسون الثاني إلى بلده بلغاريا عام 1990 فبعد خمسين سنة من منفى عاد بعد سقوط السوفيت وشهدت العاصمة البلغارية صوفيا حلقات رقص واسعة في ساحاتهت واحتفالات دامت لثلاثة أسابيع زار خلالها الملك قبر والده وقال:- له إنه يجدد الشعلة بعده . ووصف تلك زيارة قائلا: قال لي أصدقائي إنها خير اختبار لصحتك بذات مع ذلك الجهد والانفعال العاطفي الكبير الذي عشته .
أما الملك أحمد فؤاد الثاني فكانت أول زيارة له لمصر في عهد الرئيس السادات عام 1979 حيث أعلن الرئيس عن منحه الجنسية المصرية أمام البرلمان وأعاد إليه والده وشهدت هذه الزيارة ولادة ابنه البكر الأمير محمد علي وعلى يد ذات الطبيب الذي أشرف على ولادة الملك أحمد فؤاد الثاني. كما كانت لجلالته زيارات أخرى لمصر من أهمها زيارته في بداية التسعينيات وزياراته السريعة مرافقا جثامين أخواته الثلاث الأميرات (فريال . فوزية. فادية) إلى مقرهن الأخير وزيارته قبل ثورة يناير.
12_ شهدت عودة كلا الملكين سابقة تاريخية حيث طالبت فئات كبيرة من الشعبين بعودة الملكية فاستجاب لذلك الملك سيميون الثاني وأسس فور عودته حزب الحركة الوطنية للاستقرار والتقدم وفاز بالانتخابات حيث حصل على نسبة مائة وخمسين مقعدا من أصل مائتين وأربعين مقعدا في البرلمان البلغاري ليصبح رئيسا للوزراء من 2001_2005 وانضمت بلغاريا إلى حلف الناتو في عهده وحققت تقدما كبيرا وبذلك يكون أول ملكا يرئس بلاده في عهدها الجمهوري أما الملك أحمد فؤاد فقد رفض المشاركة السياسية جملة وتفصيلا رغم كثرة المطالبين بعودته لدرجة إنشاء عددا من الصفحات على مواقع التواصل الإجتماعي المطالبة بعودته.
13_ الملك سيميون الثاني من الشخصيات القليلة التي شهدت الحرب العالمية الثانية ولا تزال على قيد الحياة وهو الملك الوحيد الذي يحمل لقب – تزار – وهو لقب خاص بملوك البلقان ويلقب أيضا بفارس النسيج.
أما الملك أحمد فؤاد الثاني فهو من ملوك الشرق القلائل الذين لا يزالون على قيد على الحياة في المنفى إن لم يكن الوحيد.
مما يجمع بين الملكين أيضا إن كل منهما يحمل اسم جده ولقب الثاني فسيميون الثاني تيمنا بجده سيميون الأول والملك أحمد فؤاد الثاني تيمنا بجده فؤاد الأول.
14_ ومم يجمع بينهما هو تصالحمها مع النفس ومع كل ما مر بهما من ظروف قاسية فعندما سئل سيميون الثاني كيف ينظر للماضي أجاب: الأمر كصور تحتفظ بها في المكتبة أو الأرشيف حالفني الحظ وبقيت على قيد الحياة وشهدت وفاة والدي والحرب وعشت في المنفى.. هناك أناس عاشوا مآس أكثر من مآسينا. فقد تركت كل شيء للعناية الإلهية هي من تتولى حساب الجميع لا أفكر بحقد تجاه أحد.
أما الملك أحمد فؤاد الثاني عندما سأله ريكاردو كرم عن تصالحه مع نفسه قال لم أحقد على أحد وسامحت والدتي لأنها تركتني وأنا ابن ثمانية اشهر ورفض يقول رأيه بشخصية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قائلا: إن الشعب المصري يحبه وهو يحترم ذلك.
15_ كلا الملكين ظهر لأول مرة على شاشة التلفزة في الشرق مع الإعلامي اللبناني ريكاردو كرم وكلاهما صديق لملك المغرب و للصحفي العراقي رمزي صوفيا. وفي حياتها عبر جمه يستعان بها على الحياة.