أعجب من العجب

محمد أبوزيد | مصر

يتَشكّل المجتمع الإنساني من عدة جماعات ولكل جماعة تقاليد خاصة في شتى تفاصيل الحياة تمثلهم بشكل خاص وتختلف عن الأخرى، بل كل منهم يرى عادات الأخر هي من العجائب و الغرائب وربما يراها بعين القبح والتدني في حق الإنسانية، أما في مقالنا هذا تتشابه العادات التي نحن بصدد عرضها رغم أننا في مصر ربما ننتقدها ونرفضها تمامًا، لكنها تتشارك في نفس المضمون وتختلف في الوسيلة والشكل الذي تعبر عنه، ولكن وجب التنويه أن تلك العادات الثلاث التي ستُعرض هي ليست الأعجب والأغرب على الإطلاق ولكن .. لنرى ما هي العادة الأعجب من العجب !

 يُقال إن من عادات الزواج بالهند يجب على المرأة كي تختار الزوج المناسب، لا بُد أن تقوم بضربه على رأسه وظهره بقوة، ومن يَستطيع تحمل أكبر قدر من الضربات هو من يُحق له أن يفوز بالزواج منها، هنا في مصر أيضاً نتقاسم نفس الاختبار للرجل، ونقوم بقصف مدفعي، فعلى الرجل أن يُقدم “صداق و قائمة تأثيث بيت الزوجية وشقة وذهب وخلافه” ، كل هذا من المفترض أن يوفره شاب لا يتعدى راتبه ألفي جنيه ويظل في ساقية كالبعير لكي يحظى بزيجته المُباركة ويستمر يدور في تلك الساقية .

وعادة أخرى بالهند أيضًا، تقوم الفتاة بالزحف على قدميها لتصل إلى زوجها، فيقوم بالوقوف بقدميه على رأسها ليُباركها، وهنا يشاطر بعض الرجال المصريين صديقهم الهندي، فعلى البعض منهنَّ يجب أن تتبارك بظل رجل فهو الذي يوفر لها الأمان والمادة وكمان يداينها بمفهوم دنئ لأنه “ستر عليها” وكأنها كانت بالعراء في وهج الشمس الحارقة وظلل عليها، والعجيب هنَّ من يشجعن على ذلك ويشاطرن بالزحف صديقتهم الهندية تلك، وذلك بقناعة شديدة حين تردد إحداهنَّ (ضل راجل ولا ضل حيطة)، وحديثى هذا ليس مُعمما، فالأمر ربما اختلف كثيراً، لكن هذا لايُنفي وجوده.

أما في قبيلة تدعى “داني” بإندونسيا، عند وفاة الزوج، تجبر النساء على قطع إحدى أصابعهم؛ ليتذوقوا مرارة الألم الذي يشعرون به، ثم يربطون المرأة ويخدرونها، ليتم كي الإصبع المبتور؛ أما لدينا بمصر، بعض السيدات بعد وفاة زوجها، تقطع جزءًا من حياتها برمتها وكثيرا من عمرها إذا مات عنها وهي في ريعان شبابها، تخرج إلى العمل وتتعرض إلى سخافات القيل والقال، وإذا تزوجت يقال تزوجت وتركت أبناءها، وإن لم تفعل، يُقال:  “عايزة تمشي على حلّ شعرها”، أما إذا انفصلتٔ عن زوجها فهذه الطامة الكبرى والوصمة التي تُلاحقها..

تشابه ليس ببعيد، بل وكأنه أصل وصورته وربما تكون الصورة أبشع، ولكل عادة أصل في جماعتها، وهي بالنسبة له تطور لتغير طارئ عليه، وعلينا إعادة النظر فيها وأول الأمر، أن نسأل عن مصدر الاعتقاد الذي دفع إلى تلك العادة ومن ثَّمَ أصبحت سلوكا وثقافة لفئة في مجتمع ما أو المجتمع ككل؟ 

الأمر صعب صحيح ولكنّه ليس مستحيلاً ! لكن ما عرضته ليس من العادات الأغرب التي يجب تحليلها وإعادة النظر إليها، العجيب من الموكل إليهم النظر، فإذا عرضت تلك المسألة على من بيدهم دراسة هذا الشأن وفحصه، ربما نجلس ونناقشه سوياً على منضدة واحدة، وتكون جلسة من ثلاثة رجال و ثلاثة نساء بعضهم هم أزواج أو أصدقاء، نلعن هذه العادات إلى مطلع الفجر، لأنها بالطبع أمر سئ جدا ولابد من ثورة، لكن العجيب إذا ما اختلف الزوجان أو الصديقان في هذه الجلسة الموَكل إليها البحث والنظر، تجدهُم أشد إثمًا وعدوان.. وهذه عادة فينا أعجب من العجب، وعليه العوض..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى