موعد مع عنيزة
عمار عبد الباقي العمري | العراق
ذَبُلَت زُهورُكِ ، أَو عَسى لم تَذبُلِ
ما شَأَنُ غَيرِكِ بالقَصيدِ الأَجملِ
أَنْتِ القَصيدَةُ فِيكِ كُلُّ شَبابِها
إِنْ كُنْتِ في العِشرينِ، أو إِنْ تَكْهُلي
فِيكِ العَروضُ مُلَوَّنٌ كَمَعارِضٍ
مِن فِتنَةٍ مَرسومةٍ ، فَتَدَلَّلي
في كُلِّ وَصفٍ فيكِ، أَلفُ قَصيدَةٍ
حُبْلى ، وأَلفُ غِوايَةٍ لَمْ تَعقِلِ
تَبقينَ ما قَدِمَ الزَمانُ جَديدةً
والسَهمُ مِنكِ مُتوجٌ في المقتَلِ
يا رَوعَةَ (الحَدباءِ) ، غِبْتِ بِنورِها (1)
ما كانَ وَعدُكِ أَنْ أُقيمَ ، وَتَرحَلي
(عَمَّانُ) ترفُلُ في عَبيرِكِ جَذلَةً (2)
ولَواعِجُ (الغاباتِ) عَنكِ بِمَعزِلِ (3)
قَلبي عَلَيكِ كَخَفْقِ جِنْحِ حَمامَةٍ
بَينَ (التِلاعِ) وَبَينَ حَيِّ (المَوصلِ) (4)
إِنَّ المَدائِنَ والنِسَاءَ تَوائِمٌ
مِن عَهدِ لَيلى في الغَرامِ الأَوَّلِ
فَبِكُلِّ حَاضِرةٍ أَقَمْتِ بِأَرضِها
لي نَزْوَةُ اليَقظانِ والمُتَخَيِّلِ
من لي (بعمَانٍ) يُعيدُ لِقاءَنا
فَيُعيدُ أَطفالَ الهَوى للمُطفِلِ
في ذلكَ الرُكنِ المُقيمِ بِخَلوَةٍ
كَمَقامِ إِلياسٍ بِسَفحِ (الكَرملِ) (5)
وَقَميصُكِ المَحمومُ يُعلِنُ ثورةً
مَكتومَةً في نَبْضِكِ المُتَعَجِّلِ
واللَّثْغَةُ الإِغراءُ تُمطِرُ شَهوةً
كتَميمَةٍ من ثَغركِ المُتَهلِّلِ
والخالُ ما بينَ الترقُبِ والمنى
يُلقي الرسالةَ مُرسَلاً عن مُرسِلِ
أَفديهِ مِنْ لَبِقٍ شَقِيٍّ رَابِضٍ
بينَ (الفُراتِ) وبينَ ضَارٍ أَكحَلِ
ما بين جَمعِ (السينِ) ب (الثاءِ) انزوى
يُصغي لِلَفظِ دلالِها، وتغَزُلِي
فَسألتُها والبَينُ يُعلنُ مأتماً
أَأَقودُ فاتنتي لِبابِ المنزلِ
قالَتْ وزَهوُ الفاتحينَ بِصوتِها
أَنا مَنْ تُقِلُّ حَبيبَها ، فتفَضَّلِ
(سَيَّارتي) في البابِ قد أَودعتُها
فاركب جِواري واحتشمْ وتَعَقَّلِ
(سَيَّارةٌ) ، أَمْ عُشُّ حُبٍ سائِرٍ
وَعُنَيزَةٌ في كُوْرِها المُتَحَمِّلِ
فكأَن (مِقْوَدَها) الحضارةُ سَلَّمَتْ (6)
شَأنَ التَحَضُّرِ ، كَفَّ بِنتِ المَوصلِ
وكأَن مِعراجَ الثَقافةِ دَربُها
تعلو سَماهُ، سَفيرَةَ المستقبلِ
فَوددتُ لو أَنَّ المسافَةَ باعَدتْ
أَضعافَ مابَينَ الدَخولِ فَحومَلِ (7)
أَتأَمَلُ الحَسناءَ ، تيهَها والغِوى
عَشتارُ تُشرِفُ في (الجَنائِنِ) من عَلِ (8)
والصوتُ منها دَهشَةٌ فكأَنها
بَلقيسُ تَشدو في رِحابِ الهَيكلِ (9)
تُلقي على وَهَجِ الحداثَةِ خُطوَةً
وتَحُطُّ أُخرى في الزمانِ المُقبِلِ
غَدرَ الزَمانُ وبئسَ غدره عادة
وخيالُ فُندُقِيَ استبانَ كَ (يَذبُلِ) (10)
فسألتها أَن أَستزيدَ بَقُبلةٍ
من فاتكِ الثَغرِ الشَهِيِّ المُمْتلي
قالتْ وَفَرطُ التَوقِ في أَنفاسِها
يَخطو بِخَدي خُطوةَ المُتَوَسِّلِ
قَبَّلتني أَلفاً ، وَزِدتَ قَصيدَةً
يا شاعرَ الحدباءِ، حَسبُكَ فَانزِلِ
***
هوامش:
1 – (الحدباء) من اسماء مدينة الموصل العراقية
2 – (عَمَّانُ) عاصمة الاردن
3 – (الغابات) غابات مدينة الموصل ، وهي موقع سياحي معروف فيها
4 – (التلاع) تلاع العلي ، احد احياء العاصمة الاردنية عمان
5 – (إلياس) النبي الياس عليه السلام ، (الكرمل) جبل في فلسطين المحتلة
6 – (مقودها) مقود السيارة هو اداة القيادة او اداة توجيه السيارة
7 – المسافة الحقيقية بين الدخول وحومل هي عشرة كيلومترات تقريبا
8 – (الجَنائِنِ) هي جنائن بابل المعلقة
9 – (الهيكل) هيكل النبي سليمان عليه السلام
10 – (يَذبُلِ) اسم جبل في نجد ، وهو نفسه جبل صبحا
