صراع الحضارات وتعدد الأقطاب
د. يحيى عبد الله | أكاديمي من موريتانيا
في ذلك يتنافس المتنافسون وينحسر المنهزمون بين تابع مستحي لا يملك لنفسه غير ما يمليه عليه المنتصر وآخر يملى عليه ليحمل وزر الانهزامية الحضارية ليسدد فاتورة الهزيمة ويدفع ضرائب الماضي بشروط مجحفة وتكاليف قاسية‘
تلكم هي ما تدفعه أمة حينما تغلب في صراعها مع قوة أخرى حضارية.
أما الحضارة المنتصرة فتكسب نشوة وتغرم الكل وتفرض بجبروتها مدنية تناسب قيمها وتاريخها مبرزة أن مدنية الإنسانية في اتباع نظمها التزاما وتطبيقا دون مراعاة خصوصية الأمم الأخرى بحكم الغلبة لبسط ثقافتها وولغ المغلوب بالغالب.
وهاهو صراع الشرق والغرب يحتدم اليوم على أعلى مستوى السياسة والاقتصاد والعلم وتنكنلوجيا البيانات والإعلام وغيرها من مجالات التنافس الحضاري اليوم والصناعي وهو ما يحتم على كل أمة التسلح والمسارعة نحو الريادة والاستقلال في كافات متطلبات العصر والحضارة.
بين شرق وغرب تتموقع أمم هنا وهنالك بقربها من جهة القوة أحيانا وبقوة نقاطها وتقدمها الحضاري أحايين أخر.
وتقع في المسافة دون كل ذلك أمتنا العربية والإسلامية في ركب الإنقسام والطائفية التاريخية التي لن نتمكن من تجاوز واقعنا إلا بتجاوز الأصنام الشكلية تجسيد القيام الإسلامية التنافسية بشكل شفاف يضمن تجسيد العدالة الاجتماعية بين شعوبها.
فللسبق الحضاري أسباب في الأخذ بها تتقدمم الأمم المتحدة وفي حال تغيبها تتراجع وكما يرى باحث اليوم تتهاوى: “السيادة الأوربية نحو الانهيار، وحيث تنتعش آسيا مما يبعث فيها الحياة، وحيث الاتجاه كله في القرن العشرين يبدو كأنما هو صراع شامل بين الشرق والغرب – في هذه اللحظة نرى أن التعصب الإقليمي الذي ساد كتابتنا التقليدية للتاريخ، التي تبدأ رواية التاريخ من اليونان وتلخص آسيا كلها في سطر واحد، لم يعد مجرد غلطة علمية، بل ربما كان إخفاقاً ذريعاً في تصوير الواقع ونقصاً فاضحاً في ذكائنا،
إن المستقبل يولى وجهه شطر المحيط الهادي، فلابد للعقل أن يتابع خطاه هناك”
انظر كتاب: قصة الحضارة, مقدمة، دار الجيل بيروت لبنان ، 1988م، ج 1، ص: 15. وفي ظل هذا الصراع ينبغي التموقع بشكل يخدم المصالح العامة ويحقق تقدما نحو الوعي الحضاري المنشود فالعلاقات بين الأمم المتحدة تبنى على المصالح المشتركة.