وسيبقى المسجد الأقصى
فوزي البكري| القدس العربية المحتلة
كتبت هذه القصيدة بانفعال شديد عصر يوم 11/4/ 1982، بعد أن قام “ألن غوتمان” صباح ذلك اليوم بإطلاق الرصاص على المصلين المسلمين في قبة الصخرة وساحات الحرم القدسيّ الشريف، وخرجت القدسُ القديمة عن بكرة أبيها في سيل جارف من البشر – مسلمين ومسيحيين – يتدفق نحو الحرم لحمايته.. فاستشهد يومها مَنْ استشهد.. وجُرِحَ مَنْ جرح.. وكانت هذه الصرخة..
حيَّاكَ ربُّـكَ
أيُّها الشعبُ المدجَّجُ بالحجارةِ
كيفَ تقهرُ في عنادِكَ
كلَّ جبارٍ عنيد
أنتَ الذي رضعَ النضالَ
من الأُلى صنعوا النضالَ
فهل غريبٌ
أن تكون السيفَ والرمحَ الجديد؟
رباهُ
إنِّي إنْ كفرتُ
فقدْ كفرْتُ بِمَنْ يُظَنُّ
بأنهم في الناسِ أيقاظٌ
وهم – يا عالم الأسرارِ –
أيقاظٌ رقودْ
الراكعينَ لربِّهم – فيما نرى –
لكنهم في معبد الأهواءِ
أنذالٌ سجودْ
ويُقالُ أسيادٌ
يقودونَ الشعوبَ
ولوْ نظرتَ وجدتهم
يا حسرة الأقصى.. عبيد
اللهُ أكبرُ أيها الأقصى
لكلِّ مساجدِ الدنيا الكثيرةِ
كلَّ عامٍ
يومُ عيدٍ واحدٌ
أما لأهلك عند بابكَ
كُلَّ يومٍ
ألفُ عيدْ
تلك الجماهيرُ التي زحفتْ
إلى البستانِ يقطفُها الرصاصُ
كأنَّها جَـنْيُ الورود
الله أكبرُ
لو رأيتَ اليومَ
رشَّاشَ الطغاةِ
أمام أقدامِ الوليدةِ والوليدْ
وشبابَ عيسى
يتبعونَ شبابَ احمدَ
يهتفونَ بأنه آن الآوانُ
إلى مراجعة العهود
الله أكبرُ
لو رأيتَ زنودَهم
سمراءَ.. وهي تصيحُ بالشريانِ
فلتبذلْ دماءَك للوريد
في كلِّ صدرٍ مُشرعِ الأضلاعِ
يسخرُ بالبنادقِ
وهي تقصفُ كالرعودْ
وشوارعَ القدسِ العتيقةِ
وهي أنهارٌ
تفيضُ بأهلها
من كُلِّ فجٍّ
من قريبٍ.. من بعيد
وحناجراً
أوتارُها عزفتْ
على قيثارةِ الدنيا
ستبقى أيها الأقصى
وتخفقُ فوقَ قُـبَّـتِـكَ البنودْ
رمزاً لإسلامِ السماحةِ
والعُرُوبةِ
والعدالةِ
والخلودْ
///
يا صخرة المعراجِ
شيَّدَكِ الوليدُ
وصار يحمي عرضَـكِ المهتوكَ
في القدس القديمةِ
يا حبيبة َ الفقراءِ
أطفالُ الوليدْ
في كُلِّ محرابٍ
جريح نازفٌ
وعلى زوايا كل مصطبةٍ.. شهيدْ
وزجاجُكِ المجروح في شُرُفاتِهِ
لا بُدَّ يوماً
أن يعودَ إلى التوهُّجِ من جديد
ومآذنُ الحُـزْنِ النزيفةُ
سوف ينطلقُ الأذانُ
مُجَـلْجـِلاً منها
يهزُّ مسامعَ الدنيا
ووجدانَ الوجود
فإلى جنانِ الخُـلْدِ
مَنْ سقطوا
إلى أعلى
وروَّوْا بالدماءِ الزاكياتِ
ترابَ أقصانا المجيد
وإلى جهنَّمَ
كلُّ مَن قالوا “نعمْ”
للتسوياتِ العارِ
ما دامَ الصغارُ الأبرياءُ
لدى مخيماتِ الجوعِ
تهتفُ : “لا” نريد.