فرنسا واللغة العربية

شعبان عبد الرحمن | فرنسا – نانت

اللغة العربية كنز فرنسى، عنوان كتاب صدر فى فرنسا منتصف فبراير الماضى، وأثار نقاشا فى بعض الأوساط السياسية والثقافية الفرنسية.

مؤلف الكتاب Jack Lang   جاك لانج ، استاذ القانون العام فى إحدى جامعات باريس، و رجل سياسة تولى عدة مناصب وزارية فى عهد ميتران، أهمها وزارتى الثقافة، والتعليم.

أما الكتاب نفسه فيبدأ بالحديث عن العلاقة التى تربط فرنسا باللغة العربية منذ بداية القرن السادس عشر، عندما قرر ملك فرنسا فرنسوا الأول François 1er   اعتبار اللغة العربية إحدى ثلاث لغات أجنبية، يجب تدريسها فى المدارس الفرنسية، لأنها لغة علم و ثقافة من الطراز الأول و عن طريقها تم ترجمة فلسفة اليونان إلى أوربا، إضافة الى كونها اللغة التى التى حملت علوم الرياضيات و الكيميا و غيرها ، و ساهمت بقدر كبير فى تقدم أوربا.

ثم يتناول الكتاب  الخطأ الذى وقعت فيه فرنسا نتيجة تجريمها الحديث بالعربية فى مستعمراتها شمال أفريقيا، وكان من الأفضل تشجيع تدريس هذه اللغة فى المدارس والاستفادة منها بدلا من محاربتها .

يقترح المؤلف أن تقوم وزارة التعليم باعتماد اللغة العربية كلغة أجنبية يختارها من يشاء من الطلاب ، ويتم تدريسها بمعرفة متخصصين ينقلون للطلاب  الآداب و الفنون العربية من خلال لغتها الأصلية، بدلا من ترك هذه اللغة تدرس فى المساجد من خلال متطرفين إسلاميين، لا يهمهم نقل الفنون والآداب، بقدر إهتمامهم بنشر الأفكار المتطرفة التى تشكل فكر الشباب وتحولهم الى قنابل موقوته يمكن ان تنفجر فى أى وقت .

هذا عن الكتاب الذى أثار الجدل، من خلال المناقشات التى تدور حوله بحضور مؤلفه جاك لانج، فلم أقرأ الكتاب بعد ، فقط أتخذته مقدمة للحديث عن علاقة فرنسا باللغة العربية.

يوجد فى فرنسا وجهتى نظر بخصوص اللغة العربية، الأولى تدعو الى منع تدريسها، ومحاربتها بإعتبارها تنقل الأفكار المتطرفة، وهى لغة الإرهاب، والعمل على تعليم اللغة الفرنسية بإعتبارها الوسيلة الناجزة للإندماج فى المجتمع  و بالتالى الإبتعاد عن التطرف ، و يغذى هذا الإتجاه الربط الشديد بين اللغة العربية ونزول القرآن الكريم بهذه اللغة ، لدرجة أن بعض الباحثين لا يرون للغة العربية وجودا خارج هذا النطاق.

منذ سنوات قرأت كتابا لباحثة من أصل تونسى، تكتب بالفرنسية، عن علاقة اللغة العربية بالقرآن، تتحدث فيه عن أن قواعد اللغة العربية ترجع فى معظمها إلى نصوص القرآن الكريم ، ولا يمكن تصور أى وجود لهذه اللغة الا من خلال النصوص القرآنية.

أما وجهة النظر الآخرى، فترى الفصل بين اللغة العربية ،كوسيلة لنقل العلوم و الفنون، و نزول القرآن الكريم بهذه اللغة ، فلقد وجدت اللغة العربية قبل نزول القرآن بقرنين من الزمان، و اجادها اهلها ، وصاغوا الشعر بها ، متضمنا اجمل الصور البلاغية، وبعد نزول القرآن لم يقتصر الحديث بالعربية على المسلمين وحدهم ، بل إمتد لأهل الديانات الآخرى ، و مازال العرب يتحدثون و يكتبون العربية رغم إختلاف دياناتهم. 

 من وجهة نظرى  وجهة النظر الثانية هى الأقرب للصحة ، فاللغة ما هى إلا وسيلة تنتقل من خلالها الأفكار، والثقافات، وربط لغة معينة بديانة معينة، ربما بثرى هذه اللغة ويزيد إنتشارها ، لكن قصرها على العلوم الدينية يمثل خطرا عليها .

الخلاصة، هى أن هناك ارتباط بين الثقافة الفرنسية واللغة العربية، نتيجة الجوار الجغرافى، حيث لا يفصلهما، حاليا، سوى البحر المتوسط، ونتيجة التبادل التجارى والثقافى لا يمكن إهمال أيا منهما للآخر..

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى