القصة
أحمد برقاوي | شاعر وأكاديمي فلسفي
مذ راح يتأمل الكون مندهشاً
رأى نفسه وجهاً لوجه أمام اللانهائي الصامت
وهو العائش على الأرض
المحدودة من جميع الجهات
فتولدت لديه كل الأسئلة اللماذائية الكونية ؟
تمنى لو كان كالكون اللانهائي حياةً
وتوهم الحياة الأبدية بعد الموت
والوهم وليد الرغبة المستحيلة،
لم يدر بأن الخروج من أسوار الأرض عبث
والتحرر من الزمن الجاثم على الصدر عبث
والصعود إلى السماء عبث.
وحدها اللغة أحتضنت فيلسوف الهم
المثقل بالأسئلة الممضة
وحدها اللغة صعدت به إلى الماوراء
والمابعد
فصار كلما نظر إلى التحت
ابتسم ساخراً
وراح يكتب رسائله للخلق.
لكن النهائي النائم سعيداً في كهفه الرطب
والمزروع عقله بأشواك الوهم المقدس
يصعر خده إليه
سعيداً متوحداً بالظل.
صاحب القلم
يتأمل مبتسماً
ساخراً مرة
ومرة يعصره الألم
مغترباً يعيش
يخلق عالماً آخر في مخيلته الوقادة
تزوره في الليل اسرب الآلهات جميعها
يتحلق حول عرشه
جن عبقر
ويشربون الخمر السماوي المعتق
في خوابي السؤال
وحين تجري في عروقهم النشوة الكونية
ينشدون معاً
بألم وجودي حزين
أغنية عن الأسيرة الأبدية
التي تدمي معصميها
أصفاد الطغاة والطغام والبغات
وتسكن روح الآسر والمأسور .
الخوف الذي يتجول في الصدور حراً
الخوف حارس الأكذوبات المعللة للنفس
لا تأخذه سنة من نوم
ويبقي الجثث مرمية على قارعة الحياة
بانتظار التراب.