قراءة في رواية: ،، لورانس تاج الغار ،، للكاتبة السورية أسمهان الحلواني

مجدولين الجرماني | سورية

الرواية من القطع المتوسط، وصدرت من “دار سين للنشر والاعلام”.. لورانس في سباق مع الزمن، وفي المعجم معنى لورانس هو التاج المصنوع من الغار، وقد كان قديما يلبسه القادة دلالة على النصر والافتخار .


الرمزية التي اختارتها الكاتبة أسمهان الحلواني لروايتها الحديثة رائعة لتسافر بنا الى ذواتنا، كم نحن بحاجة لمدينة لورانس إذ مهما حدث من سلبيات في هذه المدينة ومن سوء طالع لاهلها تبقى تاجا للنصر والافتخار .

يقول كريتيان الفرنسي: “في الرواية يتعرّى القلب الإنساني من خلال المونولوج.. وهنا نرى بأن الكاتبة قد اختارت المنولوج الداخلي للشخصيات بدأً من بطلة الرواية بتول التي تمر بتجارب كثيرة بين الحب والفقد والمجتمع والعادات والعقل والعاطفة والميزان الفكري الذي تخاطب به نفسها في مقطع من الرواية تعبر البطلة (للمساندة أشكالها ومنها هذا الصمت هذا الاحتضان اللذيذ حيث تكون القدرة التعبيرية أعمق من الكلمات وخرائط القلب مترعة بوجهات الدفء).
أيضا نرى بتول بطلة الرواية وهي تسير في شوارع باريس، ثم تدخل لمطعم غال جدا هو فقط للاثرياء لكنها تستمر بالتجربة وتطلب وجبة منه لتكتشف شيئا مهما بأن الطعام للتلذذ وليس فقط للأكل أي الشعور بالمتعة وليس الشعور بسد الجوع .
وهكذا تستمر مغامرات البطلة لتفسير كل المعضلات في حياتها، وتخبرنا الكاتبة بأن بتول ابنة أحد أبناء الرجال المهمين ولكن لتبين لنا التفارق الطبقي وما يسببه من عادات عفنة في المجتمعات و كيف يعود بنتائج وخيمة على الأفراد وينسف بفكرة الحب الحقيقي الذي تسعى له البشرية جمعاء. وكذلك الجدة التي هي ركن أساسي في لورانس الأمل،
والايزوتريك الذي حاولت الكاتبة الغوص بمناحيه لتوصل لنا فكرة هذا العالم ليس وحيدا وهي تحث على الوعي والسلام وبأن هناك كائنات من عوالم بعيدة ونحن رغم كل شيء لا ندرك كل شيء. ويرى جيسي مايتز في كتابه تطوّر الرواية العالمية أنّ: “الرواية يمكن أن تكون علاجًا في حالات خاصّة: ثمّة جانب براغماتي مرتبط بالفنّ الروائي – ما يعمل على كبح التشويش الخارجي مع الضوضاء البشعة المقترنة به، ودفع الأفراد نحو محض التركيز على سماع أصواتهم الداخليّة الثريّة المدفونة تحت غبار الإهمال والتجاهل… وقد تتماهى التجربة في رواية ما مع احداثيات مشابهة لحياة افراد ما مما يدعو لتبني وجهة نظر الرواية .

أما لوك فيري وهو من الفلاسفة المعاصرين الذين حاولوا دمج الفلسفات الشرقية والغربية ، قد صاغ من تراكماته المعرفية، ما يشبه لوحة بانورامية عن منطلقات الفلسفة وأهدافها، وبخاصّة حاجتنا إليها في العالم المعاصر وكيفيّة فهمها، وبخاصّة في ربطه الفلسفة بالحياة: “أن نحيا جيّدًا ونضفي معنى على وجودنا ونحدّد فيمَ تتمثّل حياة طيّبة بالنسبة إلينا نحن البشر، الفانين، تلك هي المسألة التي حاولت في نظرنا الإجابة عنها كلّ الفلسفات فلهذا نرى الكاتبة تدمج الفلسفة والماورائيات مثل التقمص وهذا جيد لتعطي نتائج نهائية يستحقها الانسان الحقيقي.

في احد المقاطع تقول الكاتبة على لسان حنان والدة بتول عن فلسفة الروح والعقل (هل القلب عقل الروح أم أن الروح هي العقل الكلي للجسد وهل نكتفي نحن البشر بالعقل كآلة لتسيير حياتنا أم نحن بحاجة إلى ذلك الأخ العلوي الآخر المقرب من العقل والبعيد عنه في آن واحد) ثم تعود حنان لتقول (مع خليل بك تعلمت كيف يسمو الواجب على قمم عالية وتستقر العاطفة في وديانها وفي موضع القلب) .

أخيرا هي رواية جميلة شفافة و رقيقة المعاني تناشد الحب والخير والمثابرة للوصول على طريق لورانس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى