جدليّةُ الموتِ والبعث
عبد الناصر صالح | فلسطين
( إلى ” إلهام أبو زعرور ” عروس فلسطين )
إنها الريح والزرقة المشرئبّة
غصنٌ من النورِ يسقط بين عيون
الأحبّةِ،
يختمر الحلم في سفر العاشقينَ،
وتشتعل الطرقات بالفرح الآدميِّ
ويعتمر البدر أنواره في المساء..
إنّها الريح،
لم ينزعوا منك لهو الطفولةِ
لم يقتلوا الضحك فوق الأسّرةِ
لم يقتلوا الركض خلف المعاني الجديدةِ
للوطن الصعبِ،
لم يقتلوا حفلة العرس
والأغنيات التي تتوهّج بالحبِّ
هل قتلوكِ؟
ـ إذن كانت يداك سهولاً من القمحِ
ينتشر العاشقون بها كالعصافيرِ
ينتشر الفقراء بها كالمتاريس،
كانت عيونك زرقاء كالبحرِ
زرقاء
مسكونةً باللقاء…
///
ذات يومٍ، نسيت على شطّ عينيك ذاكرتي
فغفوت،
تفاعلتُ بالموج
أيقنتُ أنّ السنابل تكبر في الأسر،
أيقنتُ أنّ الصغار يتوقون للقيدِ
أيقنتُ….
أنت التواريخُ
أنت الزمان المخبّأ خلف جدار الحقيقةِ،
خلف جدار الغموض الطويلِ
فأعلنتك شاهدةً في ليالي الجفاء.
///
هل أخذوك من الأخضر الإنتفاضيّ
والطلعة الساحرهْ ؟
ـ لم يأخذوني، توالدتُ في عرق المتعبين.
وهل جردّوكِ من الذاكرهْ ؟
ـ خبّأتُ ذاكرتي ومضيت.
///
من هنا يبدأ الحب وتبتدئ الانتفاضةُ،
سيلٌ من الفجرِ يغمر أفئدةَ الذاهبينَ
إلى عرسهم،
يتكوّنُ جيلٌ من الطعنات التي تَتَنَزَّلُ
جيلٌ من الغضب المتفجّرِ،
والأعين الساهرهْ.
///
إنّها الريح والزرقة المشرئبّةُ،
ناديتُ: إلهام / إلهامُ
فلتنهضي،
حان وقت النهوض ووقت العطاءِ
إذن فانهضي /
اختبئي في ضلوعي بلاداً،
أغاني / خلايا / عصافيرَ شوق ٍ
محاراً / بنفسجة ً من عذاب ٍ/ منارهْ.
ستخرج من ساعديك حقول الرياحين
ينطلق الفرح المتأصّل في مرفأ عينيكِ
ناديتُ: إلهام / فانطلقي،
تشتهيك البحارُ التي صادروها،
الغصونُ التي أحرقوها
البيوتُ التي هدموها
وفي شَغَفٍ، تشتهيك الحجارهْ.
* * * * *
من هنا يبدأ الحب وتبتديء الانتفاضةُ،
يختمر الحلم في مهجة الذاهبين
إلى عرسهم
يصبح الدمّ رايهْ.
فيا أيّها النجم أنت الدليلُ
ويا أيُّها الوطن المتوافد أنت البدايهْ.
…
- إلهام أبو زعرور: إبنة نابلس، وإحدى طالبات جامعة النجاح الوطنية، استشهدت في 26/7/1983 أثناء مظاهرات الاحتجاج على مذبحة جامعة الخليل، وقبل زفافها بأسبوع.