هل هناك فرصة لإنهاء الانقسام الفلسطيني؟
محمـد علوش | رام الله – فلسطين
نعيش هذه الأيام لحظات ترقب وانتظار لما ستنتج عنه نتائج اللقاءات المارثونية قي أنقرة والدوحة والقاهرة والتفاهمات الايجابية التي تمت بين وفد حركة فتح برئاسة اللواء جبريل الرجوب ووفد حركة حماس برئاسة صالح العاروري ، ومبدئيا فقد تم الاتفاق ثنائيا بين الحركتين على اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بتأييد ومباركة القوى السياسية المختلفة .
هذا الترقب والانتظار نتمنى أن يفضي إلى تحقيق الأهداف المرجوة من هذه اللقاءات نحو إنهاء الانقسام وتوحيد الساحة الفلسطينية .
وحتى نكون أكثر وضوحاً فالساحة الفلسطينية غير مستقرة والانقسام أضر بها أضراراً جسيمة على كافة المستويات ، والمواطن الفلسطيني فقد الثقة بقيادته وبقيادة الحركتين اللتين سببتا هذا الانقسام وما أفرزه من نتائج كارثية على الشعب الفلسطيني وقدم خدمات جليلة للاحتلال الذي استفاد من الانقسام ونفذ سياساته ومشاريعه وسابق الوقت لفرض هيمنته وسياسات أمره الواقع مستغلاً حالة العبث والاقتتال والتراشق الاعلامي والفتنة الداخلية التي ابتليت بها الساحة الفلسطينية في خلاف وصل حد الصراع الدموي في وقت ما تجسيداً لإرادة الأجندات الخارجية التي عبثت بالساحة الفلسطينية نحو إضعافها وتركيعها خدمة لأهداف خارجية معادية للقضية الفلسطينية ، حيث حان الوقت لهؤلاء للعبث المباشر بها نحو تصفيتها بعيداً عن ارادة وقرار الفلسطينيين وكأنها مجرد ورقة بجيب هذا النظام الهامشي أو ذاك النظام المستبد في المحيط العربي.
الفلسطينيون يأملون أن تتحقق المصالحة الوطنية وأن ينتهي الانقسام ولكن وبحكم التجارب والمواقف السابقة العديدة التي لم تفضي إلا الى الفشل الذريع في انهاء الواقع البائس ، حيث وصلت كل الحوارات والمفاوضات السابقة الى طريق مسدود واصطدمت بجدار العناد والأنانية والمواقف المتشنجة ،وهذا الأمر يزيد الأمور تعقيداً ، اذ انعدمت الثقة بالمتحاورين ،ولم يتم تنفيذ أبسط الأمور مما تم الاتفاق عليه .
الفرصة سانحة هذه المرة في ظل حالة النضوج والأجواء الايجابية المبشرة وما عبر عنه البيان المشترك بين الرجوب والعاروري والتصريحات الصحفية المرافقة للحوارات واللقاء الذي عقدته حركة فتح مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في رام الله والحديث حول اجراء الانتخابات العامة ووجود رغبة وطنية عامة باستعادة الوحدة الوطنية وإجراء الانتخابات وفق التمثيل النسبي ، وهذا كله يشكل بارقة أمل بقرب الانتخابات لعلها تشكل مدخلاً لتوحيد الساحة وإنهاء الانقسام بكافة مظاهره .
لا نتحدث هنا عن حلول سحرية ، ستبقى حماس ببرنامجها ورؤيتها وستبقى فتح كذلك بذات الرؤية والبرنامج ، فنحن أمام برنامجين ورؤيتين مختلفتين ولا يمكن إلا ان يستمر الاختلاف ، فكيف ندير هذا الاختلاف ونضمن الشراكة الوطنية ونعزز القواسم المشتركة في ظل حالة التعددية السياسية التي ينبغي تكريسها وصولاً الى اعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني .
نتمنى أن نشهد متغيرات ايجابية دراماتيكية تؤسس لمرحلة جديدة ورؤية وطنية وقواسم مشتركة تعيد البهاء والصدارة لشعبنا الذي يواجه تحديات مصيرية كبرى ، يواجه عدواناً أمريكياً صهيونياً رجعياً في محاولات متكالبة لفرض الاستسلام من خلال ما يسمى صفقة القرن والحلول الأمريكية التصفوية وفرض الأمر الواقع والهرولة العربية نحو التطبيع والعلاقات الانهزامية مع الكيان الصهيوني وتصفية القضية الفلسطيني التي بدأ بعض العرب بالتنكر لها والبحث عن مسارات تضمن لهم بأن يكونوا جزء من التحالفات الاقليمية المستجدة برعاية الولايات المتحدة .
نريد وحدة وطنية وشراكة وطنية ومصير وطني مشترك فالفلسطينيون هم أصحاب القضية وهذه المرحلة ينبغي أن تكون الردود مدروسة وهادئة وحكيمة بعيداً عن الانفعالية والعفوية في بدء الخطوات العملية نحو تعزيز وتصليب الموقف الفلسطيني وتوحيده كجبهة متحدة .