وفاءً … لرياض نجيب الريس
توفيق شومان | كاتب وخبير سياسي لبناني
كنتُ في النصف الثاني من عشرينيات العمر، حين تعرفت على رياض نجيب الريس بوساطة محمودة من الصديقين يحي جابر ويوسف بزي، ورغم اتساع مساحة العمر ومساحة القامة المهنية العالية، بيني وبينه، لم يشعرني ذاك الكبير بفارق السنين وبفارق القامة، فقد عمل على تقليص كل المساحات والمسافات إلى أن قال: مجلة ” الناقد ” مفتوحة الصفحات لك، بدون قيد وبدون شرط.
بعدما أغلقت مجلة “الناقد ” مغامرتها، وراحت مغامرة أخرى تلوح في الأفق، وهي مجلة “النقاد”، قال لي رياض نجيب الريس: “النقاد” مثل “الناقد” أنت منها وهي منك، فكان لي إسهاماتي في المغامرة الثانية، متعاونا مع الصديقين عماد العبد الله ومحمود حيدر.
لم يحصل أن رأيت أو لمست استكبارا أو استعلاء من رياض نجيب الريس، كان مكتبه مفتوحا للداخلين والخارجين، وحين كنت أزوره، يبادر فورا إلى السؤال: هل وصلتك آخر كتب الدار؟
ولا مرة، رأيت أو سمعت، أنه صد كاتبا أو مشروع كاتب، ولا مرة حجب صفحات مغامراته عن عابر كتابة في مجلاته أو عابر نشر في داره، وطالما سمعته يقول: النوعية قلقي والأسماء لا تقلقني.
ذاك الشامي الذي كان لها قلبان، قلب دمشقي وقلب بيروتي، بقدر ما أحب سوريا فقد كان لبنان عشقه.
لم تأخذ رياض نجيب الريس عاصفة قطر أو إعصار طائفة ومذهب، كان عربيا حتى العظم، ووطنيا حتى الدم، وإنسانيا حتى العقل والقلب، هو كسائر الكبارأمثاله الذين يرحلون، فيملأ رحيلهم فراغات الأحلام وانكسارات الروح وبعثرات السياسة، وبعد كل رحيل يستعيد السؤال نفسه: ماذا بقي من حلم السياسة؟ ماذا بقي من حلم الثقافة؟ ماذا بقي من حلم الصحافة؟ ماذا بقي من حلم النشر ؟
رياض نجيب الريس رحمك الله