أيها البحر
د. إيهاب بسيسو | فلسطين
أيها البحر …
لم تكن غزة عدوةً للزرقة والصباحات المبكرة والأفق القريب من أنفاس الشاطئ حين يخرج الصيادون بحثاً عن الرزق …
بل كانت غزة الحاضنة لأحلام متعَبة بين الأسلاك الشائكة …
تُوقظ الأمل كل يوم مع الفجر بيد أم دافئة رغم الوجع وتجلس بقية النهار تدعو لهم بالتوفيق وسلامة الرجوع …
أيها البحر …
لم يعد محمود وحسن وياسر الزعزوع من الصيد
كان الرصاص وفيراً حولهم وفي أجسادهم التي سكبت وجعاً مع الدم فوق الماء وأصبحت جثثاً …
نجا ياسر من حدة المصير غير أن شقيقيه احتضنا الزرقة السماوية للمرة الأخيرة وغابا في البعيد …
وظل ياسر في انتظار العودة من وراء السياج بجرح في الجسد وجرح في الروح …
أيها البحر …
يُوجعنا هذا الموت المجاني، نحن الذين نجلس أمام توابيت الوقت كل يوم في انتظار جنازاتنا المحتملة …
يوجعنا هذا الرحيل الذي لا يكترث بوجع ولا يقرأ هشاشة الوجوه في قوارب الصيد …
أيها البحر …
لماذا تركت الماء يجرف أحلام الفتية بصيد وفير إلى حيث الموت؟ …
لماذا لم تقم بإعادتهم سالمين من خطر الوقت؟ …
لماذا كنت قاسياً حد الرصاص الشقيق؟ …
نحدق في وجوههم المطلة من الصور …
ونسمع بكاء الأم والأب على فراقهم
ونحترق فينا حزناً …
أيها البحر …