تخلي فلسطين عن رئاسة الجامعة العربية بين الاحتجاج والرغبة بالإصلاح
علي أبو هلال | فلسطين المحتلة
محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي
ردا على الاجتماع الوزاري الأخير لجامعة الدول العربية، يوم التاسع من شهر أيلول/ سبتمبر الجاري، الذي فشل في إدانة خطوات التطبيع العربية الجديدة مع دولة الاحتلال، قررت دولة فلسطين التخلي عن رئاسة الجامعة العربية لهذه الدورة.
وفي مؤتمر صحافي عقد في مدينة رام الله، يوم الثلاثاء الماضي، أعلن وزير الخارجية رياض المالكي أن دولة فلسطين قررت التخلي عن حقها في ترؤس مجلس جامعة الدول العربية بدورته الحالية، ردا على تطبيع الإمارات والبحرين مع إسرائيل.
وأكد المالكي أن “دولة فلسطين عضو في الجامعة العربية وعملت من أجل تعزيز دورها ومكانتها، وأنها لن تتنازل عن مقعدها في الجامعة لأن ذلك سيخلق فراغا يمكن أن يولد سيناريوهات مختلفة نحن في غنى عنها في هذه المرحلة الحساسة”.
وأكد رفض ارتباط رئاسة فلسطين لمجلس الجامعة في هذه الفترة التي وصفها بـ “المشؤومة”، مشيرا إلى أن قرار التطبيع الإماراتي البحريني مع إسرائيل “يشكل منعطفا في العمل العربي المشترك، والجامعة العربية، التي طال إرثها في دعم القضية الفلسطينية تواجه مأزقا بهذا الخصوص”.
وقال المالكي الذي ترأس اجتماع مجلس وزراء الخارجية الأخير، والذي فشل في إدانة الإمارات لتطبيعها مع الاحتلال: “هناك بعض الدول العربية المتنفذة رفضت إدانة الخروج عن مبادرة السلام العربية وأسقطت قرارا لإدانة التطبيع، وبالتالي لن تأخذ الجامعة قراراً في الوقت المنظور لصالح إدانة الخروج عن قراراتها”.
وأضاف: “للأسف أن الأمانة العامة للجامعة العربية اتخذت قرارا بالتغاضي عن التطبيع الإماراتي، وفشلت في إصدار قرار يدين تطبيع العلاقات مع إسرائيل، خلال الاجتماع الأخير للجامعة وكان اجتماعا عاديا”.
في تعقيبه على ما حدث، وعن قرار التخلي عن رئاسة الجامعة قال المالكي: “لا نريد إرباك عمل الجامعة بقدر رفضنا إرباكها لعملنا”، ويذكر أن قطر اعتذرت عن تسلم رئاسة الدورة الحالية لجامعة الدول العربية بعد تخلي فلسطين عن الرئاسة، وجاء اختيار قطر لرئاسة الدورة الحالية للجامعة العربية وفق الترتيب الهجائي لأسماء الدول، واستنادا إلى نص المادة السادسة من النظام الداخلي لمجلس جامعة الدول العربية التي تنص على: “إذا تعذر على رئيس المجلس على المستوى الوزاري مباشرة أعمال الرئاسة، أسندت الرئاسة الوقتية لمندوب الدولة التي لها رئاسة الدورة التالية” .
تحاول دولة فلسطين من خلال هذا الموقف التأكيد أن جامعة الدول العربية، لم تعد تعبر عن الالتزام بميثاقها ومبادئها، التي تضمنها ميثاق الجامعة منذ تأسيسها، ولم تعد تلتزم بالقرارات والمبادرات الصادرة عنها، وخاصة مبادرة السلام العربية، الذي أقرها مؤتمر القمة العربي بالعاصمة اللبنانية بيروت في عام 2002، والتي وقعت عليها جميع الدول العربية، ولم تعد الجامعة العربية قادرة على إلزام أعضائها بالقرارات الصادرة عنها، أو على الأقل منع الأعضاء من خرق هذه القرارات، كما فعلت كل من الامارات العربية والبحرين في خطوة التطبيع مع حكومة الاحتلال، بما يتعارض مع مبادرة السلام العربية، وقرارات الاجماع العربي.
ولسان حال فلسطين يقول ما الفائدة المتوخاة من رئاسة دورة جامعة الدول العربية، وما الفائدة أيضاً من البقاء في هذه المنظمة العربية التي لا تحترم ميثاقها ومبادئها، ولا تلتزم بالقرارات الصادرة عنها.
يتضح الآن أن الخطة السياسية لدولة فلسطين، لا تشمل الانسحاب من الجامعة العربية، في هذه الفترة المشؤومة، لكن فلسطين ستعمل على تقليل الاعتماد على الجامعة في المشاورات الخاصة بتطورات القضية الفلسطينية، على أن تكون الوجهة الجديدة تجاه منظمة التعاون الإسلامي، وكذلك دول هامة في الاتحاد الأوروبي.
لقد أصاب جامعة الدول العربية الكثير من الضعف والتردي والترهل، تعبيرا عن وضع الدول العربية، التي بات يسودها حالة من انعدام الوزن والتأثير في التطورات العربية والإقليمية والدولية، ما أفقد الجامعة مبرر وجودها، وهذا يقتضي البحث الجدي في ضرورة العمل من أجل إصلاحها وتطويرها، حتى ترتقي إلى مستوى التحديات التي تواجهها، وهذه التوجهات جرى بحثها في إطار الجامعة وفي العديد من المنتديات العربية خلال السنوات الماضية، ولكن ضعف الإرادة العربية، وحالة التفكك والصراعات والنزاعات التي تشهدها الدول العربية حالت دون اصلاح الجامعة وتطوير أوضاعها، فكيف يمكن أن تتحقق إرادة إصلاح وتطوير الجامعة الآن، وقد وصلت أوضاع الدول العربية حالة غير مسبوقة من التردي والضعف والتفكك.