على مقعد التيه

سليمان دغش | فلسطين

لكِ أن تَفتَحي شُرفَةَ البَحرِ ما بَينَ جَفنَيكِ

في حَضرَةِ الليلِ خَبَّأَ بَينَهُما ذاتَ إغفاءَةٍ كَرنَفالَ مصابيحَ

خافِتَةَ الضوءِ سراً وسِحراً،

كَأنَّ الكواكِبَ، كلّ الكواكِبِ، أسرتْ إلَيكِ على جنح الليلِ

كي تَستَحِمَّ على عُريها النَّرجِسِيِّ البَهِيِّ ببؤبؤِ عينيكِ

في التَّجلي الأثير الأخيرِ قُبيلَ الضُّحى

لكِ أن تَمنَحيني قليلاً منَ الوَقتِ والصَّمتِ والهَذَيانِ المُباغِتِ

عَلّيَ أستَوعبُ اللازَوَردَ المُخاتلَ في ظِلِّ جَفنَيكِ

يَستَدرِجُ الروحَ إلى شواطِئَ عذراءَ

ما وطأتها سوى الشّمسُ يَوماً

وَهلْ كانَت الشَّمسُ تُشرِقُ إلّا بِها وَلَها؟!

فَدَعيني وَحيداً على مقعَدِ التّيهِ ما بَينَ زُرقَةِ عَينَيكِ والبَحر

بي شَغَفُ السِّندِبادِ المُغامِرِ في رِحلَةِ الكَشفِ

عَنْ جُزُرِ الماسِ حَولَ تَميمَةِ سُرَّتِكِ الغَجَرِيَّةِ تَهدي

العَصافيرَ ساعَةَ يعلو الأوارُ إلى شفَةِ النَّبعِ

على بُعدِ تَنهيدَتَينِ وأدنى قَليلاً مِنَ الشَّفَقِ الأرجُوانِيِّ

يُزبِدُ شَوقاً لِنايِ الأنينِ وَدَندَنَةِ المَوجِ عِندَ اللُهاثِ الأخيرِ الأخيرِ

على لثغَةِ الماءِ في دِلتَةِ المُنحَنى

لا أريدُ الوصولَ سَريعاً الَيكِ أحبُّ التأني لكَشفِ التفاصيل

إنَّ الطريقَ إلى عَسَلِ النَّحلِ أحلى وأشهى منَ الشَّهدِ

كم وردَةً قَبّلتها على شَغَفٍ نَحلَةٌ في الطَّريقِ الطّويلِ الطّويلِ

إلى مخدَعٍ فرَشتهُ المليكَةُ بالشمعِ حتى يتِمَّ التزاوجُ

عِشقاً وباللسعَةِ القاتلةْ

ها أنا أتَهَجّى تَفاصيلَكِ المُشتَهاة كَخَمرِ الفَراديس

منْ أوَّلِ الماءِ في شَفَةِ النَّبعِ حتى فناءِ الخَريرِ

رُوَيداً رُوَيداً على ساحِلِ العاجِ في قَدَمَيكِ

إذا لامسا البَحرَ جُنَّ جُنونُهُ وارتَبَكَ المَوجُ ما بَينَ مَدٍّ وجَزْرٍ

وكَرٍّ وَفَرٍّ أيا امرَأَةً يَسجُدُ البَحرُ عِشقاً لها

مثلما يَسجُدُ المُتَصَوِّفُ في حَضرَةِ الآلِهةْ

لكِ أن تَفتَحي شُرفَةَ البَحرِ أو تُغلِقيها بِرَفَّةِ جَفنٍ كَسولٍ كَلَيلِ السُّهادِ

ولي مقعَدُ التّهِ في الزُّرقَتَينِ

أحِبُّ الوصولَ إلى مُنتهايَ الأخيرَ لدَيكِ

وأهوى الطّريقَ الطّويلَ الطويلَ إلى مُنتهانا البَهِيِّ

بلا مُنتَهــــــى …..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى