نشر الرسوم المسيئة للإسلام مكايدة سياسية

خالد جمعة | فلسطين المحتلة

لو أن أحداً في الزمن الوسيط [بين 300 و1300 ميلادية] قد حاكم المسيحية بسلوك آبائها وكرادلتها وكل رجال الدين فيها، لقال إن المسيحية دين إرهاب دون أن يرف له جفن، مع أن الحقيقة هي أن المسيحية لا علاقة لها بما كان يحدث من قتل وحرق وبيع صكوك غفران ومصادرة ألسنة الرأي وقمع الأفكار العلمية… إلخ، إنما تعلقت المسألة بأعناق حقائق ملوية لصالح طبقة معينة هم رجال الكنيسة لضمان استمرار رضوخ الناس لأوامرهم التي كانوا يقولون إنها أوامر الرب.

لماذا لا يخضع الإسلام للقياس ذاته؟ ولماذا لا يتم النظر إلى “الذكر الأبيض” الذي تقول الدراسات والحقائق على الأرض أنه صاحب اليد العليا في الجرائم المتسلسلة في أمريكا، وصاحب اليد العليا أيضاً في إطلاق النار العشوائي والقتل في أمريكا أيضاً؟ ولماذا لا يذكر شيء عن مسيحية القاتل أو إلحاده، إنما يتم اعتبار ذلك مجرد حادث عرضي، رغم أنه يتم أحيانا تحت غطاء ديني؟

ببساطة، القوي يفرض إرادته وتصنيفه على الناس، أيا كانوا، ويستطيع التوجيه الثقافي للقوى الكبيرة في أي عصر أن يشيطن أي دين أو فلسفة أو فكرة لا تتناسب مع مصالحه الاقتصادية والسياسية، بغض النظر عن معرفته بالحقيقة من عدمه، لذا، إذا كنت ضعيفا، فعليك أن تتحمل تبعات ضعفك، هذا قانون العالم منذ خلقت البشرية إلى اليوم، حتى أن الديمقراطية في أرقى أشكالها، هي ديمقراطية باتجاه مصالح فئة معينة، وحين يتم تجاوز هذه المصالح، فسيضرب من يتجاوزها بيد من حديد، وحتى لو كانت اليد من خشب فسيكون لها التأثير ذاته، لأن رد الفعل دائما يكون ضعيفاً، حين تضربك ثقافة بأكملها.

 إعادة نشر الرسوم المسيئة للإسلام ممثلا بنبيه محمد – صلى الله عله وسلم -، هي مسألة سياسية وليست دينية، فالديمقراطية التي تدعيها فرنسا على سبيل المثال، لا تسمح بالحديث عن الهولوكوست مثلا، ولا تسمح بالحديث عن تدخلات فرنسا في أفريقيا، ولا تسمح بالحديث عن أي شيء يضر بمصالح فرنسا في أي مكان في العالم، هذه بالضبط هي ديمقراطية القوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى