الصمود في علاقته بالهناء في الحياة: إطلالة عامة

د. محمد السعيد أبو حلاوة أستاذ الصحة النفسية المساعد، كلية التربية، جامعة دمنهور

 

أولاً- تعريف الصمود النفسي

يشي تعبير “الصمود Resilience“، أو “المرونة” فيما يشيع في عديد من الكتابات العربية بدلالات اشتقت أساسًا من ملاحظة وجود أشخاص حققوا نوعًا من الارتقاء في الحياة بالرغم من تعرضهم لظروف حياتهم عصيبة وأحداث صادمة وشدائد كان يتصور معها أو بالفعل يتصور معها أن مجرد وجودها أو التعرض لها ينبئ بانهيارهم وإدبارهم عن الحياة ومخاصمة فعل الإثمار فيها، ومع ذلك يحدث العكس.

من جانب آخر قد يوفر لشخص كل مقومات الأريحية في الحياة وتسير حياته بإيقاع تلقائي لا يحرم فيه من أي شيء وتراه في حالة من البلادة النفسية العامة، ويحتل تكوينه النفسي فتورًا وتكاسلاً وإن ارتاد مجالات الحياة فلا يرتاد منها إلا كل سطحي تافٍ سفيه.

وبالتالي قيل أن فاعلية الإنسان واقتداره لا تختبر إلا في الشدائد والأزمات والظروف الحياتية العصيبة، ومن هنا طبيعي أن من يتمكن من مجابهة هذه الشدائد واجتيازاها والتعافي منها والنهوض والارتقاء في إطارها تتحقق له ملامح الهناء في الحياة ربما كما تتمثل في البناءات الكبرى للهناء وقوامها راحة البال وتقبل الذات وتقبل الآخر وتقبل الحياة والتوجه الإيجابي نحو المستقبل، وبالجملة الإثمار والإنجاز إعرابًا عن أصالة الذات وإنفاذًا لمضامينها.

وتفيد مراجعة علمية حديثة للتعريفات والأطر النظرية التي طرحت لمفهوم “الصمود” في أدبيات العلوم الصحية على وجه التحديد في الفترة في من يناير 2000 إلى أبريل 2015 بوجود خمسة قضايا مركزية متداخلة وليست حصرية في نفس الوقت؛ وعليه يوصف الصمود النفسي في إطار هذه الأدبيات على النحو التالي:

  • عملية التغلب (أو الازدهار أو النجاح) على المصاعب، الشدة، أو الصدمة للدرجة التي يصبح معها الشخص أكثر نجاحًا وأكثر أداءً وظيفيًا عن ما كان عليه من قبل.
  • عملية التوافق مع أو التعديل للمواقف الجديدة أو الصعبة.
  • عملية التعافي التام (الارتداد والنهوض) من الفترة الصعبة أو الشدة..
  • صيغة من المناعة النفسية مع صحة نفسية جيدة كمقياس بديل أو مقياس بالإنابة.
  • قوة شخصية عامة وقد يصعب التعبير عنها كميًا تتأسس على الخبرات الإيجابية والمساندة..

وعادة ما تُقاربُ هذه القضايا المفتاحية الخمس للصمود من منظورين مركزيين أساسيين للوصف والتفسير والقياس:

  • الأول- منظور الوصف الموجه بالسمة the trait-oriented perspective:

ينظر بموجبه هذا المنظور إلى الصمود النفسي كقدرة أو مكمن قوة فطري ولادي شأنه شأن المناعة النفسية mental immunity، ويلقى بموجبه المسئولية على الشخص في التغلب على ما يتعرض له من شدائد ومحن، ويقاس الصمود بناء على ذلك بمقاييس شبيهة بمقاييس سمات الشخصية الأخرى عبر الاستبيانات القائمة على صيغة التقرير الذاتي أو المقابلات الشخصية، بغض النظر عن العوامل الاجتماعية والإيكولوجية.   

  • الثاني- منظور الوصف القائم على العملية The process-oriented perspective:

على الجانب الآخر ينظر إلى الصمود وفقًا للمنظور الموجه بالعملية على أنه عمليات تفاعلية بين الفرد والبيئة لتحقيق أو الحفاظ على الثبات والتماسك في سياق الضواغط الحالة أو المتوقعة عبر تغييرات سلوكية و/أو فسيولوجية؛ وعليه فإن الصمود النفسي تبعًا لهذه الرؤية صفة يمكن رؤيتها في كل موقف لكن بتعريفها وقياسها في إطار السياق والشخص وطبيعة الخطر أو التهديد وعوامل التعزيز أو الوقاية وفي نفس الوقت النواتج.

وبناء على هذا المنظور الأخير تم التمييز بين مفهومين مركزيين في بنية الصمود النفسي هما: مكامن القوة أو الممتلكات assets ، والمصادر resources  كنمطين من عوامل الترقية أو التنمية لذلك الصمود والتي يمكن بموجبهما بناء الصمود بمعنى محدد ومباشر على مستويات متنوعة.

ويشير مفهوم “المصادر resources ” في ذلك السياق إلى حضور أو وجود “العوامل البيئية” وليس فقط مجرد غياب عوامل الخطورة أو التهديد البيئي، بينما يفيد مفهوم “القوة أو الممتلكات أو العتاد” حضور أو وجود وفاعلية “العوامل الذاتية أو الشخصية intrapersonal factors.

ثانيًا- الهناء في الحياة “طيب الحياة” Well-being:

بالإضافة إلى الصحة النفسية كغياب لمؤشرات الاضطرابات النفسية، يطلق على تعبير “الهناء في الحياة” “العافية أو حسن الحال أو طيب الحياة wellness “، وعادة ما يُعْدُ أحد مؤشرات الصمود النفسي ـ وإن كنت أتصور أن الصمود أحد أهم العوامل المنبئة بالهناء، بمعنى أن الهناء أو طيب الحياة دالة في جزء منه على الأقل للصمود النفسي ـ خاصة عندما نشير إلى الصمود لعملية “تغلب على المصاعب، الشدائد، أو الصدمات بما يفضي بأن يصل الشخص إلى حالة أداء نفسي وظيفي أفضل مما كان عليها قبل التعرض لهذه المصاعب أو تلك الشدائد والصدمات”. 

وتأسيسًا على ذلك فإن “الهناء أو طيب الحياة” يتجاوز دلالات غياب أو الخلو من الأمراض أو الاضطرابات النفسية، ويؤشر إلى معادلة ذات مكونين الهناء في الحياة = الشعور بحسن الحال وراحة البال + الأداء النفسي الوظيفي الفعال والمثمر على المستوى الفردي وعلى المستوى المجتمعي تحقيقًا للذات وإعرابًا عن أصالة وجودها.

ويجدر الإشارة بالرغم مما تقدم إلى أن قياس “الصمود” بالصيغة المختصرة لمقياس الصمود لكونر ـ ديفيدسون Connor-Davidson Resilience Scale والمكونة من (10) مفردات فقط أثبت أن الإسهام النسبي للصمود في الهناء أو طيب ضعيف إذ لا يفسر إلا ما بين (12% إلى 19%) ـ واقع الأمر أن هذا الكلام غير منطقي لأن 12% إلى 19% نسبة إسهام مرتفعة وليست ضعيفة كما أشاروا معدو الدراسة ـ عند ضبط متغيرات الشخصية الأخرى، والغريب أن (Moreira, Cloninger, Dinis, Sá, Oliveira, Dias. &  Oliviera, 2015)  أكدوا على أن “الهناء أو طيب الحياة” أحد مكونات الصمود دون تصور أن الصمود أحد المسارات التي يمكن من خلالها تحقق ملامح “الهناء في الحياة”.

ومثلما هو الحال بالنسبة لمصطلح “الصمود” لا يوجد اتفاق على تعريف وقياس “الهناء في الحياة أو طيب الحياة”، فقد عرفت منظمة الصحة العالمية “الهناء أو طيب الحياة” على أنه “حضور أو وجود ملامح ومؤشرات الصحة النفسية الإيجابية وليس مجرد غياب ملامح أو مؤشرات المرض النفسي أو العجز والقصور”، بينما وازى البعض بين دلالات الهناء في الحياة ودلالات مفهوم “السعادة happiness“.

إلا أن الأمر الأكثر شيوعًا في المجال هو ذلك التمييز بين تكوينين أساسيين للهناء في الحياة أو طيب الحياة هما: الهناء الذاتي subjective well-being ، والهناء النفسي psychological well-being

الهناء النفسي في الحياة وفقًا لتصور كارول رايف psychological well-being (PWB):

صيغ هذا النموذج بناء على مذهب اليوديمونيا eudaimonia أو السعادة القائمة على الفضيلة يتكون كلمة إغريقية تتضمن مقطعين الأول هو eu ويعني “حسن أو جيد”، والثاني daimōn ويعني “روح spirit“، وغالبًا ما تترجم اصطلاحيًا إلى “السعادة happiness“، “الرفاهية أو الرفاه welfare“، أو “الازدهار flourishing“.

ويجدر الإشارة إلى بنية تكوين “الهناء النفسي في الحياة” أو “طيب الحياة النفسية” تتضمن إدراك الشخص لاندماجه مع التحديات الوجودية للحياة  existential challenges of life حيث ينظر إلى “الهناء” بوصفه الأداء النفسي الوظيفي العام للشخص ومصدر للوقاية.

ويركز في نموذج كارول رايف على المصادر ومكامن القوة التي تجسد ستة عوامل أساسية تتفاعل معًا لتشكل حسب تصور رايف التكوين الكلي للهناء النفسي وتتمثل هذه العوامل في: الغرض من الحياة، الذاتية والاستقلالية، الارتقاء الشخصي، التمكن البيئي، العلاقات الإيجابية مع الآخرين، وتقبل الذات.  

الهناء الذاتي subjective well-being (SWB) وفقًا لتصور إداورد دينير:

أسس هذا المنحى في وصف الهناء على ما يعرف بمذهب اللذة أو السرور أو الاستمتاع hedonia  وهي كلمة إغريقية تعني “الابتهاج أو مبتهج delight” القائم على السرورة واللذة.

ويركز في منحى الهناء الذاتي على “السعادة”، ويعرف الهناء باستخدام مصطلحات: الحصول على اللذة وتجنب الألم، ويتضمن مثل هذا النمط من الهناء مكون معرفي يتمثل في الأحكام التي يسقطها الشخص على مدى رضاه عن الحياة life satisfaction وربما يعرف ذلك “بالهناء المعرفي cognitive well-being“، ومكون وجداني يعبر عن التوان أو تفوق الانفعالات الإيجابية على الانفعالات السلبية affective well-being.  

وطرح في الآونة المعاصرة مدخلاً تكامليًا للهناء في الحياة أو طيب الحياة في سياق ما يسميه أنصار علم نفس “الدراسة العلمية للإيجابية في الشخصية والوجود الإنساني” التربية الإيجابية positive education ـ والتربية بطبيعتها دلاليًا واصطلاحيًا إيجابية ـ سمى بنموذج بيرما خماسي الأبعاد five-dimensional PERMA model على يد مارتين إلياس بيتر سيلجمان Seligman ، وتم فيه التعبير عن الهناء أو طيب الحياة على أنه تكوين نفسي يتضمن: الانفعالات الإيجابية Positive emotions وتمثل ما يعرف بمشاعر اللذة والسرور للسعادة ويتطابق هذا البعد مع الجانب الوجداني للهناء في نموذج الهناء الذاتي لإدوارد دينير، والاندماج أو التدفق Engagement، والعلاقات الإيجابية مع الآخرين Relationships، والمعنى Meaning ، والإنجاز Accomplishment.

   وأشارت نتائج دراسة أولية القيمة أو الفائدة المحتملة لنموذج بيرما خماسي الأبعاد كإطار عام لقياس “الهناء أو طيب الحياة” لدى المتعلمين في السياقات المدرسية، وأظهرت أهميته بالنسبة لرضا المراهقين عن الحياة وبالنسبة للصحة النفسية الإيجابية.

ثالثًا- تعريف الهناء أو طيب الحياة- رؤية تكاملية:   

تفيد مراجعة أدبيات تعريفات وقياس الهناء أو طيب الحياة وتعيين مجالاته التي تتبدى مؤشراته العامة فيه اختلافًا وتنوعًا شديدًا قد لا يمكن من الاقتراب من تقديم تصور تكاملي لماهيته وأبعاده وحدوده.

وبالرغم من ذلك فإن ما هو محل اتفاق أن “الهناء أو طيب الحياة” تكوين نفسي بالغ التعقيد ومتعدد الأبعاد، إلا أن التفكير فيه وصفًا وتفسيرًا وقياسًا بلغة المجالات أو الأنواع ربما يقربنا من تكوين مثل هذا التصوير التكاملي، ويمكن توضيح ذلك فيما يلي:

المجال الجسماني أو البدني والطبيعي أو المعيشي physical domain: ويعبر عنه بالعافية الجسمية أو الصحة الجمسانية، ومعدلات التطور، والمعرفة المتعلقة بالأكل الصحي والإقامة الآمنة.

المجال النفسي psychological domain: وربما يعبر عنه بمصطلح “العافية النفسية” ويعبر عنه بالصحة النفسية، ومستويات القلق، والجوانب النفسية مثل: تقدير الذات، الثقة، والانفعالات.

المجال المعرفي cognitive domain: ويمكن أن يطلق عليه “العافية المعرفية ،“Cognitive Wellness، ويتضمن الجوانب المتعلقة بالتكوين العقلي للشخصية وقضايا التعليم والتعليم المدرسي بما فيها كيف يشعر الأطفال عن المدرسة وأدائهم الأكاديمي. (وإن كانت العافية المعرفية أو الذهنية إن صح التعبير أوسع بكثير جدًا من دلالات ما كتب).

المجال الاجتماعي social domain: وربما يعبر عنه ب “العافية الاجتماعية Social Wellness” ويحتوي على الرؤى والتصورات الاجتماعية ووكالات التنشئة الاجتماعية مثل: الأسرة والعلاقات مع الأقران، ومهارات التواصل، ومدى توافر المساندة الانفعالية والعملية.

المجال الاقتصادي economic domain: وربما يعبر عنها بمصطلح “العافية الاقتصادية economic wellness ” وتتضمن: دخل الأسرة وثروتها، الضائقة أو الاحتياج الاقتصادي، توافر أو عدم توافر المساندة الاقتصادية، وإتاحة الخدمات المعيشية والصحية ومستواها ومدى جودتها.

ويجدر التنويه إلى أن مقاربة “الهناء أو طيب الحياة” وفقًا لهذا المنظور فيه نوعًا من المبالغة الشديدة ويخلطه بالدلالات المتعارف عليها والمستقرة المتضمنة في مفهوم “جودة الحياة Quality of Life“، أو “الرضا عن الحياة life satisfaction“.

لذلك نشر مؤخرًا راشيل دودج وأنيتي دالي جان هويتون لالاج دي ساندرز (2012: 230) Rachel Dodge · Annette P. Daly · Jan Huyton · Lalage D. Sanders تعريفًا عمليًا للهناء (الذاتي) (subjective) well-being تم تصويره كوضعية التوازن بين مصادر الفرد وعتاده في جانب، والتحديات التي يواجهها من الجانب الآخر، والذي يمكن توافقه مع عديد من توصيفات مجالات الهناء والتعبير عنه إجرائيًا في ضوء علاقته بمفهوم “الصمود”.

وتبعًا لهذا لتصوير راشيل دودج وأنيتي دالي جان هويتون لالاج دي ساندرز (2012) ينظر إلى “الهناء الذاتي أو طيب الحياة الذاتية SWB” كحالة متغيرة بدلاً من تصوره على أنه وضعية نفسية ثابتة، وأن النقطة المثالية تتمثل في سرعة عودة الشخص إلى نقطة الأساس للهناء أو التنعم التي تعبر عن التوازن والاستقرار النفسي.

وفي ضوء ذلك إذا كانت “المصادر” أو “الصمود resilience” كافيًة للتعامل مع التحدي ومجابهته والتصدير له (الخطر Risk)، يصبح الهناء أو طيب الحياة ثابتًا نسبيًا أو مستقرًا متوازنًا، أما إذا كانت التحديات مجهدة ومستهلكة وتفوق المصادر ينهار هذا التوازن ويقل مستوى الهناء في الحياة بصورة جوهرية، من جانب آخر فإن نقص أو ندرة التحديات يمكن أن تؤدي إلى الركونية والجمود أو السكونية في الحياة stagnation، ولهذه الوضعية أيضًا تأثيرات سلبية على الهناء أو طيب الحياة.      

رابعًا- مقاييس الصمود: أندرو إيتون (2017):

يٌقْصدُ بالصمود النفسي بدون الدخول في تفاصيل نظرية “الارتقاء بالرغم من الشدة”، وقدم أندرو إيتون 2017 تصورًا إجماليًا عامًا للأبعاد أو المقاييس الفرعية المتضمنة في بنية الصمود ضمن فعاليات أحد المؤتمرات العلمية سنة 2017، أشار فيه إلى أن “الصمود” تكوينًا نفسيًا يفهم كدالة للتفاعل بين “خصائص أو عوامل شخصية”، و “عوامل بيئية”، ويتوسط  ذلك التفاعل ميكانيزمات داخلية سماها “العمليات الداخلية المتضمنة في الصمود النفسي والمؤدية إليه”، من جانب آخر بين أندرو إيتون أن “الصمود” كتركيب نفسي أو بنية نفسية يٌفْهم على أنه “استجابة إبداعية” لصيغ وأشكال ومصادر الكدر والمشقة النفسية والتي تتمثل في: تحديات الحياة ومنغصاتها وظروفها العصيبة، شدائد الحياة وصدماتها، ووقائع الحياة وأزماتها المباغتة غير المتوقعة.

وتأسيسًا على هذا التصور أفاد أندرو إيتون (2017) أن العمليات المركزية المتضمنة في الصمود النفسي والدافعة باتجاهه وتمثل أبعاده التي يجب أن تنصب عليها عملية قياسه تتمثل فيما يلي:

الشعور بالتمكن “الاقتدار × البراعة” Sense of Mastery: ويعكس القدرة على “التفاعل مع والاستمتاع بالعلاقات القائمة على السبب والنتيجة في البيئة”، بمعنى آخر شعور الشخص بامتلاكه القدرة على ضبط وقائع وأحداث الحياة في إطار مركب “السبب والنتيجة”. ويتضمن هذا البعد أو التكوين المركزي من الصمود مقاييس فرعية عبر عنها أندرو إيتون (2017) فيما يلي:

التفاؤل Optimism: يعنى به “التوقعات الإيجابية في المستقبل” وتشير نتائج الدراسات إلى أن التفاؤل يرتبط بانخفاض جوهري دال في مستوى القلق، وبارتفاع معامل الإنجاز الأكاديمي، وبالسلوك الصفي الإيجابي.

فاعلية الذات Self-efficacy: ينتج التعلم المباشر والملاحظة توقعات داخلية عن أن “فاعلية الذات” تؤثر على تفاعلات الشخص مع ظروفه البيئية وما يتعرض له من شدائد وصدمات أو أزمات أو تحديات وعثرات في الحياة، من جانب آخر فإن فاعلية الذات ترتبط بالمثابرة وزيادة احتمالات بذل الجهد في الحياة مجابهة للشدائد وتحقيقًا للأهداف باعتقاد في القدرة على التجاوز والتحقيق.

القدرة التكيفية Adaptability: وتفهم أساسًا على أنها تجسيد “للقدرة على اعتبار البدائل المتنوعة والتفكير فيها والاختيار منها عند حل المشكلة”، وتفهم القدرة التكيفية الآن كجزء من فاعلية الذات، وتعرف على أنها “قدرة الشخص على تقبل التغذية الراجعة التقييمية، التعلم من الأخطاء، وطلب المساعدة”.

الشعور بالارتباط بالآخرين والتعلق بهم Sense of Relatedness: وتعكس امتلاك الشخص لشبكة علاقات اجتماعية واسعة ومساندة من الأقران، على الأقل شعور الشخص بوجود من يلجأ إليه عند الحاجة والاطمئنان إلى توافر المساندة الانفعالية، وأصدقاء مقربون يمثلون مصادر للمساندة أثناء الشدة في إطار العلاقات المفعمة بالمعنى مع الآخرين. ويتضمن هذا البعد أو التكوين المركزي من الصمود مقاييس فرعية عبر عنها أندرو إيتون (2017) فيما يلي:

الشعور بالثقة Sense of Trust: الخطوة الأولى في النمو النفسي ـ الاجتماعي وفقًا لتصورات إريك إريكسون (1963) تتمثل في تنمية الشعور بالثقة في الذات ولا يتأتى هذا الأمر إلا بالتربية والتنشئة القائمة على المساندة والتفهم والدافعة للطفل باتجاه تعلم “تنظيم الذات self-regulation“، والذي يؤثر بدوره على نوعية ومستوى جودة علاقاته.

المساندة المٌدْركة Perceived access to support: ولا يعني إدراك الشخص لإمكانية وجود المساندة المدركة تحقق مستويات مرتفعة بالفعل من المساندة، إذ يكفيه تصوره أنه يمكن أن يتلقى المساندة عند الحاجة، ووجد أن مجرد هذا التصور أو الإدراك يرتبط بالصمود النفسية. ويجدر الإشارة إلى أن ما يعرف ب “التعلق المبكر Early attachment” أساس تكوين ما اصطلح على تسميته في أدبيات المجال “نموذج العمل الداخلي inner working model” وهو أقرب إلى “المخطط المعرفي الإدراكي” الذي يقارب به الشخص العالم والحياة من حوله والذي يتركز عليه توقعاته في العلاقة بالعالم الاجتماعي.

الارتياح إلى الآخرين Comfort of Others: بمجرد أن يشعر الشخص بالدفء في العلاقة مع الآخرين تزداد قدراته على الصمود وتستنهض همته للإبحار في الحياة باقتدار بغض النظر عن متاعبها وظروفها العصيبة بل وكوارثها ونكباتها، خاصة إذا اقترن هذا الارتياح إلى الآخرين وهو طبيعي أن يقترن بالثقة في الآخرين.

تحمل الاختلاف أو الفروق Tolerance of Differences: كما يتمثل في القدرة على أن يعترف الشخص بأنه كما يعطي لنفسه الحق في الاختلاف عن الآخرين، عليه أن يعترف أن الآخرين مختلفون عنه وأنهم ليسوا نسخة كربونية منه ولا يجب أن يكونوا، وهذا الاختلاف لا يرتب تنافرًا أو ابتعادًا إنما يرتب تقبلاً والتقاءً، وهنا بداية الولوج الآمن في مسار القدرة على التوازن بين “الحاجة إلى الاستقلالية والذاتية”، و “الحاجة إلى الارتباط والتعلق”.

التجاوب الانفعالي “التفاعلي” القائم على رد الفعل Emotional Reactivity: كما يعبر عنه بسرعة وكثافة استجابات الشخص الانفعالية وقدرته على تعديل هذه الاستجابات، من جانب آخر يرتبط هذا البعد بما كشفته عنه نتائج الدراسات من أن “الصدمات المبكرة” خاصة تلك الصدمات المرتبطة بالتعرض لمواقف تثير الغضب وتتعلق بالعدوان بالتنبه واليقظة القائمة على الحذر والتخوف hypervigilance ونقص الرعاية المبكرة وقلة التجاوب الانفعالي مع الشخص وزيادة المطالب الملقاة عليه وهذه عوامل تقلل بصورة جوهرية من قدرته على الصمود. ويتضمن هذا البعد أو التكوين المركزي من الصمود مقاييس فرعية عبر عنها أندرو إيتون (2017) فيما يلي:

الحساسية Sensitivity: كما يعسها ما يعرف بيسر أو سهولة الضغط على المفاتيح الانفعالية للشخص وإشعال وهج المشاعر المتعلق بها سواء كانت: الحزن، الغضب، القلق، ..

التعافي Recovery: في ضوء الوقت المطلوب للتخلص من أو البرء من المشاعر الانفعالية السلبية القوية في المواقف المختلفة.

التعوق أو العوق Impairment: كحالة تالية لتأثيرات الانفعالات السلبية على قدرة الشخص على الأداء النفسي الوظيفي في متن وسياق الحياة العادية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى