لماذا قال الله (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه) ولم يقل: وروادته امرأة العزيز عن نفسه؟

محمد العويسات| بيت المقدس

لحظة مع بيان القرآن

في سورة يوسف قال عزّ وجلّ:” وراودته التي هو في بيتها عن نفسه”… والمقصود امرأة العزيز… لماذا جاءت الآية بـ (التي هو في بيتها)، ولم يأت (امرأة العزيز)؟  والله أعلم بما يقول، ولكنّ السّؤال لاستجلاء جانب بلاغيّ، … الجواب: لا نصف بالاسم الموصول إلا عندما نريد زيادة في البيان والمعنى، نقول: جاء الرجل العالم… فإن أردنا زيادة في المعنى، قلنا مثلا: جاء الرجل الذي يعلم أكثر من غيره، أو الذي شاع علمه ونفع… ومن هذا قوله تعالى: ” سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله” فتمّ المعنى في (المسجد الأقصى) ولكن بالاسم الموصول (الذي) وصلته جاءت زيادة عظيمة في المعنى هو أنّه بارك الله ما حوله، فعمّت بلاد الشّام، فلم تُقصر القدسيّة على المسجد الأقصى وحده ( وهناك أمور أخرى). أمّا في قوله تعالى: ” التي هو في بيتها” فيفهم منها معاني كثيرة، قُدّر لنا منها، أنّ الأمر متعلّق بامرأة العزيز وبيوسف أيضا، فقد ربّته طفلا في بيتها… فأوحت العبارة شيئا من التنفير من المراودة، فالطّبع السّليم يأبى ذلك، فهو ربيبها والرّبيب بمكانة الابن…. الأمر الثاني هو إضافة جوّ من الخلوة والإغراء، إذ تكون هي أجرأ في بيتها على الفاحشة والتستّر عليها، والجوّ أكثر مناسبة وأكثر أمنا من عيون الآخرين… وأمّا ما تعلّق بيوسف، فهو امتحان آخر له، من جهة أيخون من ربّاه في بيته وتفضّل عليه أم يكون وفيّا؟ لذا نجح في الامتحان عندما قال:” معاذ الله إنّه ربّي أحسن مثواي” و قد عدّ الاستجابة لها ظلما… فذيّل قوله هذا بـ (إنّه لا يفلح الظالمون). وقولنا في العامّيّة فلان لا يخون العيش والملح… أو بيننا عيش ( خبز) وملح، فهو قول أصله الدّين والشّرع، وعرفته العرب في جاهليتها من دين إبراهيم عليه السّلام، قال تعالى: ” فلمّا رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة” والمعنى الرّاجح أنّه خافهم لمّا امتنعوا عن أكل طعامه. لذا قالوا له: ” لا تخف إنّا أرسلنا إلى قوم لوط”. وهكذا والله أعلى وأعلم جاءت صلة الاسم الموصول بمعنى أبعد من لو قيل امرأة العزيز….

2/11/2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى