المثقف والقطيع

د. خضر محجز | فلسطين

إن من مهام المثقف أن يسلط الضوء على القبح المستخفي وراء العديد من الأقنعة المجتمعية، فيهتكها، ليرى الناس الحقيقة.
إن الحقيقة مفيدة للمجتمع دائماً، حتى لو بدت في لحظة من اللحظات قاسية.

ذلك أن نزع قناعٍ التصقَ بالوجه لسنوات، هو عمل قاس بالفعل، وخطر، وغير شعبوي، ويصطدم أحياناً مع الناعمين والمكويين والمجاملين.

لكنه ضروري، خصوصاً حين يملأ الناعمون والمكويون والمجاملون الطرقات.
إنهم جزء من الأزمة المجتمعية. ذلك أنهم يفضلون أن يتبقى كل شيء على ما هو عليه، لأنهم مستفيدون من القبح، أو لأنهم جبناء يُقنّعون جبنهم بأقنعة من المجاملة.
للمثقف مشكلة أخرى مع هؤلاء الجبناء، الذين يتقنعون بقناع الحضارة، تتمثل في شعورهم الغريزي بأنه يتغلغل في أعماقهم فيراهم على حقيقتهم: جماعة منتفعة رخيصة تتساوق مع نزعة البدائية التي تحكم القطيع، لمصلحتها الشخصية التي هي ـ ياللطرافة ـ ضد مصلحة القطيع.
وإنها لخيانةٌ أن يتساوق المثقف مع نزعة القطيع.
وإنها لقسوة ضرورية أن يهتك المثقف كل هذه الأقنعة المزيفة. لقد خُلق لهذا.
وكما يقول إدوارد سعيد:
“فرغم أن رفضك تبرير نزعة القطيع، يجعلك غير شعبي، إلا أن عليك أن تفعل ذلك. واللعنة على الخسارة الشخصية”.
ولكي تعرفوا بعض معنى “غريزة القطيع” فقارنوا قليلا بين عدد اللايكات التي ينالها منشور تافه لفتاة تافهة تنشر صورة مزيفة لنفسها ـ من ناحية ـ وبين عدد اللايكات والتعليقات التي ينالها منشور يقسو على القطيع لمصلحة الجماعة، من الناحية الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى