الشاعر العماني  لبيـد بن مبـارك العامـري والصحفي زكريا الشريقي (وجها لوجه)

°والدي، رحمه الله، الأستاذ مبارك العامري هو على رأس من ألهمني كتابة الشعر.
° الكتابة ليست متنفس فقط، بل هي نبض وحياة.
° لدي الكثير والكثير لأقوله، والأفق ما يزال مرصعا بالكثير من الأحلام والنصوص والقصائد.
°°°

لم نعد نملك من الوقت للكراهية والضغينة أبدا في وقت تقوضت فيه العلاقات وانهدت أواصر المحبة والود، إلا أن لبيــــد بن مبارك العامري يلهمك بحديثه العفــــوي وروحه المرحة، وفي أحد مقاهي مسقط كان لي لقاء عفــــوي طويل قصير تمخض عن ولادة الكثير من المعلومات الشائقة والماتعة، وفتحنا مع بعض آفاقا واسعة وأبحرنا في خضم الشعر والكتابة.
°°°
س:// من هو لبيد؟
الإجابة: رجل شغوف بالأدب، يحاول، أو قل تورط، في معنى أوضح، بالكتابة الأدبية، الشعر على وجه الخصوص، ويسعى دائما لإنعاش دم الشعر في عروق قصيدته، مصوبا سهام اهتمامه نحو مرمى النص القادم (قصيدة كانت، وهي الغالبة دائما،  أم نص مفتوح، قصة قصيرة أو غيرها من أشكال التعبير الإبداعي التي تستوعب لفكرة النص بأبعادها الجمالية والفنية).
°°°
س://هل لك أن تصف لنا تجربتك الأثيرة في عالم الشعر؟
الإجابة: حقيقة هي ليست بالتجربة الأثيرة، أُفَضِّل تسميتها بالشابة أو الواعدة، لا أعرف إن صح تسميتها بالمتواضعة أو العادية لكنني أتجنب إطلاق عليها هذه الأحكام فالقصيدة ربما ستتبرم علي حينها، الأمر يدعو للضحك نوعا ما.
ضحك قليلا، ومن ثم أكمل:
على العموم لا أعرف حقا كيف أصف تجربتي، فلو أحلنا السؤال للنقاد والقراء ربما سيكون أفضل.
°°°
س://من هو مصدر إلهامك وحافزك الأول في كتابة الشعر؟
الإكابة: والدي، رحمه الله، الأستاذ مبارك العامري هو على رأس من ألهمني كتابة الشعر. إضافة إلى غيرهم من الكتاب الذين تأثرت بهم وقرأت لهم بشغف، وهم عديدون ولا يمكنني حصرهم هنا، إلى جانب العديد من الأساتذة والإخوة والأصدقاء الذين ساندوني ودعموني بحب.
°°°
س:// من يكون هؤلاء الأساتذة والإخوة والأصدقاء الذين دعموك؟
الإجابة: حقيقة دائما ما أتنصل من ذكر الأسماء، فهم كثر، ولا يسعني ذكرهم جميعا هنا، وأعتقد أنه ليس من الإنصاف ذكر البعض فقط. على العموم أعتقد أن هذه الأسماء تعرف نفسها جيدا وتعلم كم المحبة والمودة والتقدير التي أكنها لها.
°°°
س:// بما أنك تكتب قصيدة النثر، ما هو منظورك للمدارس والقوالب الشعرية الأخرى؟
الإجابة: ما أراه أن الشعر هو الشعر، لا يختص بمدرسة معينة وليس حكرا لأسلوب تعبير عن آخر مهما كان نوعه (موزون ، تفعيلة، نثر، شعبي وغيره)، فإذا توفرت فيه أدوات الشعر الفنية والجمالية، وروح الشعر فهو شعر. 
وإذا كنت أميل لقصيدة النثر، التي اخترتها عن قناعة تامة، فأنا أيضا أقرأ وأحب جميع أشكال الشعر، حتى أنني أكتب أحيانا قصيدة التفعيلة.
°°°
س:// حمل أول إصدار لك باكورة أعمالك عنوان “بوسعي أن أقول”، حدثنا عن مدى نجاح هذه التجربة، وبماذا تصفها؟
الإجابة: تجربة جميلة، سعيد وفخور بها كثيرا، رغم ما تخللتها من مغامرات وعقبات، إلا أعتقد أنني نجحت واجتزتها بثقة وعناء.
لكن الغريب في كل هذا، والذي دائما ما تستعيده ذاكرتي بدهشة وحزن، أن أبي، رحمه الله، هو من ألح علي بأن أصدر ديواني في تلك الفترة، وأذكر الآن كلماته التي كان يرددها لي:
” استحن الفرصة يا لبيد وانطلق واصدر ديوانك الأول، أود أن أفرح بك قبل أن أموت “
فأرد عليه ممتعضا من كلماته وفي غير اهتمام أقول: 
“محروز يا أبي بعدك شباب وعافيتك زينة، لا تقول كذا”
لم أكن أدرك لحظتها أن أبي فعلا سيرحل عن عالمنا بعد أقل من شهرين من صدور ديواني “بوسعي أن أقول”، مترجلا بعناد من سرير المستشفى فقط من أجل أن يحضر حفل توقيع ديواني “بوسعي أن أقول” بالكرسي المتحرك ومن ثم يؤوب إلى سرير المستشفى مرة أخرى !!
لروحك الطمأنينة والسلام أبي الغالي .
توقفنا للحظة صمت وحداد
………..
………..
ومن ثم أكملنا الحوار بهذا السؤال: 
س:// يا ترى هل قلت كل ما لديك في ديوانك الأول “بوسعي أن أقول”؟ أم أن هناك شيء جديد يلوح فالأفق؟
الإجابة: لا ليس بعد، فلدي الكثير والكثير لأقوله، والأفق ما يزال مرصعا بالكثير من الأحلام والنصوص والقصائد.
°°°
س:// ما القصيدة التي كتبتها وهي الأقرب إلى قلبك؟
الإجابة: قصيدة “زرقة” التي أهديتها الى أبي رحمه الله
عَلى الشاطِئِ
يَحْتَضِنُ البَحْرُ
وُجوهَهَم
مُوَلِّينَ ظُهورَهَم
للحَياة..
يَهيمُ المُغْتَرِبُ
بَحْثاً عَنْ وَطَنٍ
في هذا الأُفُقِ البَعيد..
وَتقولُ المَرْأَةُ الحَسْناءُ 
لَيْتَني حُرَّةٌ ، طَليقَةٌ
كَهذا النَّسيمِ العَليل..
وَرَجُلُ دينٍ
بِمِسْبَحَتِهِ
ولِحيَتِهِ الكَثَّةِ
يُرَفْرِفُ عالِياً.
°°°
مَعَ الأَوْلِياءِ الصَّالِحين..
وَالمَهْمومُ
يَقْطِفُ مِنْ روحِ
البَحْرِ الصافِيَةِ
نَوارِسَ بَيْضاء..
وَعَلى مَقْرُبَةٍ مِنْهُمْ
ثَمَّةَ شَخْصٌ
يَنْسِجُ مِنْ هذِهِ الأَحْداثِ
قَصيدَةً زَرْقاءَ..
°°°
س://بجانب كونك شاعرًا أبدع وتألق شكلًا ومضمونا في كتابة الشعر، فأنت أيضًا تمكنت من الكتابة السردية، خصوصًا في مجال كتابة القصص القصيرة، فهل يوجد لديك مشروع جديد؟

الإجابة: حقيقة لا أعرف إن حقا تمكنت من كتابة القصة القصيرة، فهي مجرد محاولات.
في رأسي العديد من الأحلام والمشاريع التي ادخرتها للمستقبل، والتي لا أود الإفصاح عنها هنا، وكما يقول المثل: “كل شيء في وقته حلو.”.
°°° 
س؛//في أي المجالات تقرأ، غير الشعر؟
الإجابة؛ أقرأ جميع صنوف الأدب وليس الشعر فقط. وأيضا الفلسفة والفكر وعلم النفس والتاريخ والإعلام وغيرها من العلوم. باختصار أقرأ كل ما أحبه، حتى أنني أحيانا أقرأ كتبا تختص بأنواع وفصائل الحيوانات والنباتات.
°°°
11. من خلال معرفتي الطويلة بك، كنت أعرف لبيد اللاعب المحب لكرة القدم بشغف، وفجأة أصبحت هناك نقلة نوعية في حياتك من ناحية القراءة والكتابة، فما سبب هذه النقلة والتغير؟
الإجابة: ضحك ومن ثم أردف قائلا:
كرة القدم هواية أحبها كثيرا، وأذكر أن في تلك المرحلة من حياتي كنت أيضا أقرأ كثيرا. حقيقة أنا مستغرب أيضا. 
ضحك قليلا، ومن ثم قال:
أعتقد أنها صدفة كونية، فالصدفة تلعب دور أساسي في ظهور وتشكل تجربتي الأدبية، فما يدفع العالم للحركة والدوران على ما أعتقد، هي الصدفة. أذكر حتى أنني كتبت قصيدة في تلك الفترة ترصد هذا التحول:
ذلِكَ الفَتى 
صاحِبُ القَدَمِ الذَّهَبِيَّةِ
كَمْ تَمَنَّى أنْ يَغْدو 
أُسْطورةً
مثل مارادونا
لكِنَّ
تِلْكَ المُسْتَديرَةَ
التي أَحَبَّها 
نَكَثَتْ بِوَعْدِها
وَرَمَتْهُ في 
عَنابِرِ الجَرْحى 
حَزيناً قانِطاً.. 
حينَها
لَمْ يَعلَمْ المِسْكينُ
أنَّ ذلِكَ كانَ
بِدايَةَ تَحليقِهِ عالِياً
نَحوَ سَماءٍ أُخرَى
مُكَلَّلةٍ بِوَميضِ
الإِبْداع.. 
°°°
س://كلمة أخيرة تختم بها الحوار، ما الكتابة لدى لبيد؟
الإجابة: الكتابة ليست متنفس فقط، بل هي نبض وحياة.
أذكر أنني كنت، ولا زلت، لا أستطيع أن أعبر عن ما بداخلي من أحاسيس ومشاعر ورؤى وحدوس تختلجني عن طريق الكلام، أي باللسان. أعتقد أنها ظاهرة غريبة نوعا ما، فالعكس هو ما اعتاد عليه البشر. لكنني استعنت بالكتابة، وهي ما جعلتني أقول كل ما في أعماقي من كلام محشور ومحبوس. فانسكبت المشاعر والرؤى على الورق مصبوغة بحبر الشعر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى