دروبُ الشِّعْرِ و الفِكْرِ

علي موللا نعسان | سوريا _  النرويج

ضاعَتْ طقوسُ الشِّعْرِ بيْنَ مَنابرٍ
مِثْلَ الدِّيارِ بدتْ قرى متهجَّره

و البُعْدُ عنْ أنْسامِها قَدْ عَجَّهُ
مُهَجٌ غدَتْ فيها الدُّروبُ مُقَسْوَره

و الفِكْرُ هزَّ تِلالَهُ في خافقٍ
حتى يرى الأصقاعَ فيها مَشْجَره

و النَّفْسُ عنْ آلامِها قدْ هاجرتْ
في عُزْلَةٍ فيها الكُروبُ مُبَعْثَره

و الخيلُ في تُرَبِ الثَّقافةِ هاجمتْ
أسوارَ سَيْطَرَةِ الوغى المُتَنَمِّره

و الزَّوْدُ عَنْها شابَهُ ما يُرْتَجى
بِنَجيعِ مَسْألَةٍ تُواجهُ مَجْزره

ماذا أقولُ و سَرْجُ أحْصِنةٍ هوتْ
والليلُ ينسجُ مكرَهُ ما أغْدَره

لُغةُ الجَسارةِ في العُقولِ مَهيبةٌ
جُعلتْ لمنْ سرَّجَ فِكْراً بِمِئْزره

شغفٌ بِمُعْتَلَجٍ يُوامِقُ خَلْجَةً
و لِحاظُ وعْدٍ مِنْ جواكِ مُنَوَّره

مرَّتْ جِيادُ الشِّعْرِ بينَ نواهِلٍ
في خيبةٍ نحو القنا المُتَوغِّره

و الرُّوحُ في هِمَمِ الجموعِ تَعَصْلَجَتْ
مِثلَ الجِبالِ شِعابُها مُتَعَثِّره

في خافِقي عِطرٌ تَسَرْبلَ بالومى
و مَشى على شَجْوِ الرَّوابي المُطْهَره

عُقْرُ الدِّيارِ كنَظْرَةٍ عَمِشَتْ قَذىً
فيها المَراثي من دُمى مُتَقَهْقِره

سَتَظَلُّ روحُ الشَّوْقِ نبضَ جِراحنا
في سَفْحِ دمعٍ في القُرى المُتَدَمَّره

وَ سَتَضْمَحِلُّ دروبُ وَغرٍ في الورى
من قاسيونَ إلى مرافىء مُتَنَوِّره

ماذا أرومُ وَ قدْ توالى عَلْقَمٌ
في جوفِ ليلٍ روحُهُ مُتَغَذْمِره

و أنا المولَّعُ في الطُّيوبِ والشَّذى
والنَّفْسُ في عَفْقِ الرُّبى مُتَوَتِّره

وأنا الموقَّرُ في المَآرِبِ، والرُّؤى
تغدو بها أَحْلامَ شِعْري مُتَعَطِّره

سَأُجيبُ ساقي الشِّعْرِ مُعْتَدّاً بهِ
إن جاسَ منِّي خِصْلةً مُتَغَيِّره

يا منْ يَعِزُّ علي مِنْبَركَ الشَّجي
ما شئتُ غيرَ مناقبٍ مُتَقَسْوِره

أوصدتُ باباً للحرامِ بتربةٍ
و أشَحْتُ روحاً في الدُّجى متوقِّره

فانْتابَني شَغَفي الذي وَهَبَ النُّهى
عِطْرَ النفوسِ شهامةً مُتَحَضِّره

إنْ كنتُ أَعْلَمُ أنَّ روحاً عَجَّها
مَرَضٌ لغرْبلْتُ الضَّنى في الفَلْتَره

و لَرُمْتُ سَعياً طالما قدْ راعَني
في خافقٍ يقتادُ صَبْراً أثْمَرَه

ماذا أرومُ و قدْ جفاني داعجٌ
في طرْفهِ لَبَبٌ سبى ما أَجْدَرَه

و مروجُ عُنَّابِ المحبَّةِ تلتقي
فتُجيزُ بوحَ الوردِ فيما أزْهره

في خاطري لَمَعَتْ سِهامُ بوارقٍ
و بِحَقْلها سادتْ وُرودٌ مُطْهَره

تَسعى العُقولُ إلى رُقى شَممِ النُّهى
لِتُعينَ نُفوساً من مَخاوِفِ مَجْزره

و تُهادِنَ العُقبانَ في قممِ الوغى
حتى تجوبَ عُرى الصَّدى مُتَشَنْفِره

ماذا أقولُ و قدْ جفى خَصَرُ الرَّدى
فَوْجَ الفدى في وثبةٍ مُتَغَذْمره

أدِمَشْقُ ! إنَّ حُضورَكِ الواشي هفا
والظُّلمُ قد أسَرَ الدُّموعَ بِقَمْطَره

ماذا سأنفضُ و الدِّما عَفَرَتْ حمى
و المكرُ أوْغَلَ صَدْرَ الدُّنى المُتّعَثِّره

كيْفَ السَّلامُ يعودُ دونَ مَهالكٍ
و عُهودُ وِدِّكِ أصْبَحَتْ في مَقْبَره

أشآمُ ! منْ يحْميكِ من غَدْرِ الوغى
إنْ خامرتْ فِكَرٌ نِزالَ العَنْتره

هَمَّتْ بِكِ الأوغادُ في نَبْش البَرى
فاشتدَّ عضُّ مصيبةٍ مُتَعَفِّره

جَشَعٌ جفى العَصماءَ تَرْقُصُ بالونى
في خافقٍ قدْ عاقَهُ عَنْ مأثَره

قاحَتْ دمامِلُ جُرْثُمٍ تعثو المَدى
في فِكْرةٍ غَمَطَتْ سُرىً مُتَقَمِّره

فَنَوالُ سِلْمٍ بالحِمى يُضني العِدى
و خُطى الوَغى تجبو إِلَيْنا المَقْبره

حَزَمتُ أَمري فالدُّروبُ عجيبةٌ
و الشِّعْرُ أجْدَرُ من كلامٍ نَذْكُره

فنشيدُ تعزيزِ الحِمى قدْ أَجْهَدَه
دَرْءُ النِزاعِ بصَفْحٍ عندَ المَقْدِره

فلْنحْفظِ العَهدَ الرؤومَ على الثَّرى
وَ لْنَخْلَعِ الأَتْراحَ عبرَ المَغْفِره

وَ لْنَمْضِ مثلَ لُيوثِ دغلٍ في الورى
فسُوى النَّوى فيها دروبٌ مُقْفَره

يا أيُّها القَدَرُ المُوَشَّى في المَدى
يا خيبةَ الأشعارِ في ما تأسرُه

قل للمُناوِشِ في ترابِ بلادهِ
لن تبلُغَ المَجْدَ الكَريمَ بِسيْطره

فَعَظيمُ إنْشادٍ سَقى وَجدَ النُّهى
وَ لِكُلِّ فِكْرٍ حازمٍ تغدو الكُرَه

‏Ali Molla Nasan
Oslo 29-11-2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى