التعقل في وجه الموت

د. سامي محمود إبراهيم | رئيس قسم الفلسفة/ كلية الآداب/ جامعة الموصل/ العراق

 

     يُروى أن أكسير الحياة هو هذا المزيج السحري الذي تولده الدهشة، فكل ما نعرفه هو أننا لا نعرف شيئا، لذلك قد يكون الموت أعظم نعمة على الإنسان، عبارة قالها الرجل الذي جرؤ على السؤال” سقراط”، قال: سأذهب أنا إلى الموت وأنتم إلى الحياة؛ والله وحده يعلم أيهما خير. قال هذا الكلام قبل أن ينفذ فيه حكم الإعدام. وهل في وسع الحروف التي كتبت في حضرة الموت إلا أن تكون خالدة؟

ففي عتمتنا هذه يجب أن نقدر ما عندنا من محمولات النور، فكلانا يا صديقي وكل من عليها، نعاني أزمة القلق الوجودي الذي هو ضريبة خروجنا عن نسق الدلالة وتحمل قسوة الزمن ولحظاته الهاربة من حياتنا، وتحويل صداها الباقي إلى نغمة تصاغ في الذاكرة، تكتبها بذوق رفيع يصل إلى ذروة المشاعر والإحساس بمتعة الحياة تلك التي ضاقت مساحة وجودنا فيها مع تسارع إيقاع الزمن وعدم توازننا في أمواجه المذهلة. حسنا من الممكن ألَّا نعود إلَّا ونحن قلم جف حبره عن الكتابة بعد أن خط أولى الكلمات.

وفي فقه الواقع الصمت أبلغ من الكلام، وها هي جملة شوقنا لا تنطق فنحن سكوت والهوى يتكلم. أجوبة ممزقة لأسئلة المستقبل المفتوح. هناك في غوره العميق سنتصالح مع وجهنا المفقود بغياب لكن بنكهة الحضور، وهذا هو العرفان الذي يتوجب علينا تحمله بخفة الوجدان لا بثقل الأبدان. مع ذلك لن ينتهي شغف القلب، سيبقى يحوم حول نون اليقين.

هذه قصتنا نحن بني البشر، نشكلها إنسان عبر الزمن ونحن نعبر نهر الحياة في ابدية متصلة لا تنطق كلماتنا في غورها الا همسا. أربكتنا تضاريس العمر ولا يغير هذا من قناعاتنا شيء ففي مرايا الواقع شيء من الشك وبعض من أبجديتنا المشتتة ندعي القواعد ونخالف النحو والإعراب.

يبدوا أننا لا نكتمل إلا بسنين القدر ولا يوجد شيء يساوي وصف الحياة. تلك التي يصمت عندها كل لسان، والبوح لن يغير المعنى. ففي الوقت الذي سنحصل فيه على الأجوبة ستكون الأسئلة قد تغيرت. عندها لا يغنينا إلا الأمل، خاصة أننا نصلح كثيرا للتمني والإرجاء. والمفارقة أن حياتنا كلها محاولات عديدة لفهم كل شيء لكن ستنهكنا الأسئلة وسننهيها محاولين الهروب من كل ما فهمنا.

تظهر اللوحة التي رسمها “بروغل” مشهد اللحظات الأخيرة في حياة إيكاروس. والعبرة فيها هي أن مصير “إيكاروس” الذي يغرق، ليس محورا رئيسا في اللوحة رغم أنه عنوانها. عليك أن تدقق كثيرا في اللوحة حتى تلحظ يد “إيكاروس” وهو ينازع الغرق، إلا أن اللوحة تسلط الضوء على الفلاح الذي يحرث الحقل، وعلى راعي الغنم. في الخلفية نرى مدينة وسفنا وميناء. يبدو أنه لا أحد يلحظ حال إيكاروس الأخبار جيدة وسيئة في الوقت نفسه: من ناحية، قد لا يلحظ أحد أننا نوجد، ومن ناحية أخرى، فهم لن يلاحظوا أيضا عندما نسكب الشاي أو عندما ننسى اننا كبرنا ونتصرف كالصغار.

هنا نرى الجانب الإيجابي من حقيقتنا التراجيدية. علينا أن نقبل التحرر الضمني في حقيقة أننا مهملون وسط هذا الزخم الهائل من المشاعر والعواطف والانفعالات. منسيون وسط أشياء العالم ومشاغل الحياة. ومن ثم، نقبل بشجاعة أكبر على هذه المواقف حيث تكون بعض الأخطاء والسخافة أمرا طبيعيا. قد نفشل، ولكننا نقبل بثقة أن الفشل مقدمة للنجاح، وهو الشيء الذي لن يلاحظه أو يهتم به أحد أيضا.

وحين رمى القدر حرف الكاف إلى الكون، استيقظ النون من ضلع الارض وكان طينا بهيئة إنسان، يسرج الشمس وجود، ويغادر الأرض على صهوة الأمل، يحمل أفراحا لا تعد وقليل منها أن تحقق يفرش العالم وردا وقيا ويصبح رغم انف الظلم حيا.

 إلى هنا، ما هو سؤال الوجود؟ إنه لسؤال تأملي مثير يفتح حوارات وقناعات تقلب ما الفناه، وتدعونا للنظر في لون الحقيقة تلك التي يغيب فيها كل لون، حتى البياض لون التصالح مع الزمن، ذلك البحر الذي نقطعه ونحن نحمل أعباء حريتنا على اكتافنا. نلجم جواد أمواجه الجموحة لنكتب سطورنا على صفحاته في كتاب الزمن.

     ففي حضرة النسيان سيمحو الزمن آثار أقدامنا على الأرض. ترى من سيخبر الأبدية أننا لعبنا ها هنا وضحكنا ها هناك. سيختزل الزمن تلك المسافة المضيئة بين الولادة والموت، حتى أن شمسنا ستغرب في عين / ح م ء ة، تحرق عند شفقها الكلمات، وعند غسقها تصمت الحروف، ولا يبقى الإنسان عاقلا بجنسه ولا ناطاقا بنوعه، إذ سيهيم أمام مشهد عين الحقيقة. فلا حيلة لنا ونحن نترقب صيرورتنا المجهولة أمام هذا الغياب الذي يؤرقنا كل يوم، لا حيلة لنا إلا أن نلوذ برب العزة.

تلك هي قمة المعاناة الكامنة في السردية الإنسانية ونحن على خشبة مسرح الحياة ننتظر سنوات وسنوات ليلفنا قطار الغياب. فنحن كما الجنود في رقعة الشطرنج نتقدم خطوة خطوة نحو تلك الحقيقة. كل ذلك في امتحان عسير اسمه الحياة، وأسئلة صعبة جدا ومراوغة لا تقبل الانكشاف ولا الظهور، وأصعب من تلك الاسئلة أجوبتها التي يشترط فيها معاناة الواقع بعسر وكبد.

سيبقى الإنسان يردد سؤال وجوده الكبير والمحير: من انا في هذا الكون الواسع المستمر في الاتساع ” وإنا لموسعون”… من أنا في هذه الأكوان العملاقة وثقوبها السوداء التي يحار فيها الزمن ويتلاشى.  فما عمر البشرية مع كرتهم الأرضية إلا عشر ثانية بالقياس إلى زمن الكون المعلوم بحدود مساحة ضئيلة من فضاء السماء الأولى والتي تقدر بـ”١٥” مليار سنة.

فمسيرة وعي الإنسان قصيرة وفقيرة لا تكاد تذكر بالقياس إلى الوعي الكوني الغامض والمعقد على طول سبع سموات تمدها سبعة أبحر لا ينفد عطاؤها. فحياتنا تشكيلة ظلال مزدوجة عكستها أشعة نور الوجود، وفي مكانها تتبعثر صور الأيام. .. هي رحلة مثيرة للتعجب مليئة باستعادة الأحلام وتأمل القادم. ونحن فيها نثير شفقة اللغة في إحساسنا بالمعنى والشعور بالعيش، نقلب المجهول على ظلال الحقيقة في رغبات طفولية بريئة نترك عندها شيئا من أنفسنا في المكان الذي تركناه.  يحملنا إليه صوت الحنين الموجع إلى ذلك الزمان الذي احتل مكانا في حياتنا واندثر في صفحات الغياب. لكن تبقى هواجس الآخرة في هجرتنا إلى الله تتسع وتتكشف بعدها حجب الحياة .

فالقطرة التي تدرك نفسها تنقلب رحمة على الأرض وفي البحر لؤلؤا وفي السماء نجما لامعا يسبح مع الخلائق .

فعلى كتاب عمرنا وقسمات جبيننا رسالة أمل خطها قلم القدر. رسالة في أهم فصولها تصوير دقيق لحقيقة الإنسان  وهو يكابد سنين العمر . رسالة تسرد وبعمق أحداث وذاكرة الجسد . وهذا قريب من مشهد دروب عشب الريف وهي تجف في نهاية الربيع على آثار أقدام المارة . فلا يبقى إلا الأثر.  فهي ماضية بحكم القدر لكن تبقى الذكريات طقسا مرهقا من طقوسنا اليومية لتلك الأزمان التي انطفأت مرة واحدة دون رجعة. هكذا في هدوء صاخب وعلى حين غفلة، ذهبت، لكن صداها يتردد في آذاننا ولن يزول. ضجيج غامض كان يوما ما حاضرا.

فالحياة برمتها لا تساوي الماضي ولا تساوي الآن الحاضر، بل هي تسير حتما نحو الما بعد/ المستقبل/ القادم/ تلك العبارة التي يستهلكها الخطباء، فالما بعد هو المهم وهو القصد .

مما يدفعنا إلى السفر عبر فضاءات الروح وعوالم الزمن البعيدة. فندرك إنه لا شيء ميت إلا ظاهريا. فطبيعة الوجود مليء بالحياة. لذلك ففي كل مرة تملأ سحب اليأس عقولنا لا نلبث أن نحس يدا تربت على اكتافنا وأخرى تملا السراج فيضيء، وإذا بنا نبصر اثار أقدام تؤنس وحشتنا وعندئذ يعود القلب للغناء، حتى اذا اذنت شمسنا بالغروب ايقنا أن هذا الغروب سيكون شرقا ما في مكان ما.

ولكن الناس تاهوا في الخبر عندما فقدوا الأثر..

إذ كيف ستبصر العين وجه الحبيب المسافر ..

وهي عين لا تبصر غير الصور؟ ! فلن نرتوي أبدا من كأس الحياة.

انها الدنيا وهذا الجمال، ونحن فيها نطارد المستحيل .

وفي سمفونية عشق الحياة تنبض قلوبنا بعاطفة مبهرة من عدم الى وجود مقلق، ومن شك الى يقين متعب، حتى يتجلى الحق كرحمة أزلية ويوقف سرد ذاتنا الأبدي.

ولهذا فوعينا بالحياة يتشكل من لحظات متراكمة مشحونة بالمعنى ومن فواصل لا تحصى تلامسنا خلالها ظلال هذه اللحظات.

فبين بستان العقل ورياض القلوب معاني ودلالات مذهلة وأدوار دقيقة لو عكسناها لن ترضينا المشاهدة.. حشد من المعاني مترجم بكفن وكلنا رواحل في ميدان الزمن ومداخلنا شتى.

اللهم أنت الأول والآخر، والظاهر والبطن، ونحن منحة من منح عطائك الكثير ومداد قلمك الذي لا ينفد، اجعلنا يا رب ومضة نور وخير في مشهد الحياة القصير. فما أضيق الدنيا إذا أقفرت عن المحبة والخير والتراحم.. عندها ستحرقنا شمس المصائب ويسرف الطواغيت في الهدم، ولم تعد أقدارهم ذلك، ليتميز ما تصنع أيادي الخيرين.

ولحياتنا قصة مثيرة مع ذلك الزمن اللعوب الذي يحتال عليها ويخرجها من دائرة المعنى إلى ساحة المتعة والتجاهل في حذف عقارب الساعة واصفارها…. وللغروب في ذاكرتنا حكاية لا يفهم ابجديتها الفراق واللجوء الى زمن العودة.

وفي سياق البحث عن معنى العيش الحقيقي تنساب الاماني في أمواج بحار العالم وأعماقها السحيقة…. في اللاجدوى والفراغ، لكن في موسيقى مبهرة وحالمة ينصت لها العالم.

وفي المقابل تمر بنا لحظات صادقة، كثيفة المعنى، بالغة التوتر، تختزل فيها التفاصيل وتتوهج فيها البصيرة وتتألق الروح حتى كان العالم سكن القلوب فلا نقوى على القول إلا بالإشارة.

والأيام تسبقنا عبر الزمن، نعانيها بألم ونعاينها بأمل.

تصوير بليغ مبهر لا مجال للنسبية فيه ولا استثناء ولا الرجاء بحياة طويلة أو خالدة، وليس لنا في هذه الدنيا وايامها الفوارس السريعة سوى اختزان الذكريات التي لا يمحوها غبار العاديات من الأيام والأعوام…. نعيش بضع لحظات وبعض أوقات في غمرة انشغالنا باللحظة الحاضرة المتتابعة وأحداثها المتسارعة ونائباتها الخيول. وربما عبر عن هذا الحال قول المعري:

غير مجد في ملتي واعتقادي

 نوح باك ولا ترنم شادي

إلى أن ندرك أن كل شيء إذا اقترب من نهايته زاد من سرعته، وأن حياتنا في هذه الدنيا تقترب من نهايتها سريعا بحكم القدر، لا يبقى شيء بل وكان شيئا لم يكن، وكان الدنيا بأسرها زمن ساعة تعارف الناس فيها، عاشوها ثم انقضت.

خفف الوطء ما أظن أديم الأرض

 إلا من هذه الأجساد

ثم تنطق الأضداد بما فيها الحياة والموت…

فرب لحد قد صار لحدا مرارا

 ضاحكا من تزاحم الأضداد

استشعار مرير، فنحن في النهاية من سيموت ولا يبقى إلا الأثر.. مسبقا نحن نعيش حياة الموت… نعيش لنموت.. نمارس العيش الافتراضي وفي الواقع لسنا احياء بل اموات في هيئة نيام… نلهو نلعب نعبث نضحك نبكي، تداهما الرغبة الملحة في توافه الأشياء، نعيش استهلاك الزمن يوما او بعض يوم، ولا نلبث الا قليلا. فالحياة أرخص من بعوضة، وأقل شأنا ووزنا من حناحها. حتى تفاصيل عيشنا غائبة إلا أنها مستمرة في المظهر لاتزال ترفدنا بذاك الزمان وتلك الأمكنة الحالمة، وحديث شوقنا لها شبيه بنبرة الحب في أصوات الصوفية.

ومهما يكن من تشعب رحلة سفرنا هذه، فهي قصيرة وقليلة بالقياس إلى الرحلة الإنسانية الكبرى، ولعل ما بقي منها أضعاف ما سلف.

فمن رحمة الله أن غيب عنا القدر.. رحمة الله تعالى هي النسيج الذي يحكم الكون، هي القانون الذي يسري على الوجود. هو سبحانه أكبر رحمة وأكثر من الوالدة بولدها.

بكى جلال الدين الرومي عندما سمع قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه» بكى الرومي لرأفة الله وحلمه بعباده. فالله تعالى يتوعد إثم الارتداد عن الدين بأرقى ما في الوجود من مشاعر الحب، فالقيمة الوحيدة التي تقف على نقيض الردة والشرك هي حب الله تعالى. وإذا كان الحب يساوي العطاء فعطاء الله ليس له حدود اما عطاء الانسان وقدرته فمحدودة. ولذلك اوجب الله تعالى شكر النعم بدلا من العطاء، ويجعله سببا في زيادة العطاء.

 وهنا انتهى ديوان شعري الى ان رقصة فرح العالم تغرد في اذاننا جميعا، وبدون الرحمة والحب تتحجر القلوب، خاصة بلاغة الكلام أرحم من بلاغة الواقع. هذه هي العقيدة الربانية كتاب الله المسطور يؤيد صفحات الكون المنظور.

اننا نولد حزمة من الممكنات، والزمن يسلبها منا تدريجيا، ويحفر على اجسادنا ذكرياته، فمعاناة احداث الحياة تفعل فعلها وأثرها في الجسد، تترك بصماتها علينا، في وجوهنا والتي هي صورة لمجموعة من الأحداث التي عشناها. ملامح وجوهنا هي بمثابة ديوان قابل للقراءة والتصفح من خلال الشكل الذي نظهر فيه، تماما كما يحدث لدروب الريف في الربيع حيث تجف على اثار اقدام العابرين محتفظة بهذه الاثار كتاريخ خاص بها. فتشكل الجسد والملامح يعد اساس حضورنا موضوعا كوجود بالنسبة لأنفسنا وللغير.

فنحن لسنا سوى هذه الابعاد التي عشناها وسنعيشها، وحياتنا بهذا المعنى شبيهة بمعاناة الصوفي السالك دروب الحقيقة الذي يعبر المقامات ويعانيها، ففي كل مقام من مقامات الحياة نتخلص من قيود وصعاب لنحيا حالا اخر. فان لم نجتز المراتب الوجودية ونمتلكها على شكل لحظات زمانية لا يمكننا تجاوز الماضي والوصول إلى المستقبل، لأن لحظة المستقبل ليست قائمة بذاتها، إلى أن يأتي اليوم الذي يختفي فيه الأثر بوجع خافت لننام نومتنا الطويلة بصمت ناطق. فما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد.

الله أكبر من قدرة العقل البشري على التصور. الله أكبر من قوة القلب في حفظ المشاعر والأحاسيس. الله أكبر من إشارات الحروف وملمات العارفين وأحوال العباد. هذا وإن شمس الحقيقة ما تزال تشرق وإن كنا داخل أسوار كهفنا الأفلاطوني لا نبصر ضوئها.

إننا أمام غيب أغلقت مفاتيحه لا يعلمه إلا الله. وكل الخلائق تدخل تحت مظلة العلم الإلهي الذي لا يغيب عنه شيء «وما تسقط من ورقة إلا يعلمها»، فيكفي مرور عصفور صغير أو نسمة هواء لتهوي الورقة إلى الأرض فتكتب لها النهاية.

هذا عن ورقة واحدة فما بالنا بمن يعلم جميع أوراق الشجر في كل أرجاء عالمنا أو العوالم الأخرى. يعلم ما الذي نقصته الشجرة حين فقدت ورقة واحدة. موازنة كونية عجيبة، سر عجيب يرسم لنا صورة العلم الإلهي الشامل… لا شيء يفلت من القدر. وفي لجة هذا المحيط الكوني الواسع لا يعلم العقل سوى المظاهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى