” بيتار القدس ” العنصري وشهية التطبيع العربي المذل

عصري فياض | فلسطين

لا يعني إطلاق مصطلح العنصرية على الفريق ” الإسرائيلي  “بيتار القدس” أن باقي مكونات المجتمع ” الاسرائيلي” على أخرها ليست عنصرية، بل على العكس تماما، العنصرية والتطرف المتمثل بالتنكر لحقوق الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين في تصاعد متطرد ومتسارع، وخير دليل أن استطلاعات الرأي في داخل ذلك المجتمع تشير أن واقع التطرف في ذلك المجتمع تسارع الزمن نحو أعلى مراتب اليمينية، وأن التشكيلة الحكومية الحالية الأصعب في تاريخ ” الكيان”، ستكون ” معتدلة ” نسبيا مع توقعات القادم إذا ما جرت انتخابات، فالحكومة الحالية التي يقودها نتياهو اليميني وحزب أزرق أبيض الذي يصنف يمين وسط، ستكون من الماضي، بعد أن يسيطر حزب يمينا وحزب لابيد ما يقارب ثلاثين مقعدا من مقاعد” الكنيست ” القادمة ليضافوا لنحو 29 مقعدا لليكود متوقعات حسب الاستطلاعات وهذا يعني تشكيل حكومة يمين شديدة التطرف والعنصرية مريحة.

هذا التقديم، فقط من أجل إيضاح واقع  الحال في المجتمع ” الإسرائيلي والذي بالرغم من قتامة حقده  وعنصريته تجاه الفلسطينيين والعرب والمسلمين، يحاول من انتهج مسار التطبيع  من العرب المهروليين للارتماء في حضن ” إسرائيل” إغماض أعينهم عن هذه الحقيقة، والإمعان في الذهاب لأخر مدى في العناق والانصهار مع هذه الدولة ومؤسساتها، بل دون حسابات ومحاذير، فمثلا كثير من الدول الغربية الأوربية والتي ساندت وما زالت تساند “إسرائيل”، ترفض الاعتراف بالاستيطان في الأراضي العربية الفلسطينية، وترفض السماح لمنتجات المستوطنين من دخول أراضيها بينما المطبعون العرب لا بفرقون بين منتجات مستوطنات وغير مستوطنات، فهم يستقبلون المنتوجات ” الإسرائيلية ” ويغرقون بها أسواقهم، بالرغم من أنها مسروقة الأرض والماء والعرق والدم، والجانب الآخر الذي شكل صعقة كبيرة أيضا، قيام أحد أفراد الاسرة الحاكمة في الإمارات بشراء نصف أسهم نادي “بيتار القدس” العنصري والذي نشأ في العام 1936، والذي ارتبط منذ نشأته بالسياسة المتطرفة لحزب الليكود وبحركة ” حروت” اليمينية المتطرفة إحدى تشكيلات الحزب الأساسية، بل كانت له بصمات في العصابات اليهودية التي هاجمت العرب الفلسطينيين وحتى الإنجليز الذين منحوا اليهود الحق في فلسطين، هذا الفريق العنصري والذي كان لإعلام هذه الدولة المحتلة من رئيسها  ” روبي رفلين” كان رئيسا له في السبعينيات، وكذلك يهود المرت، ووزير الدفاع السابق المتطرف أفيجدور لبرلمان من أكبر مسانديه، وهذا الفريق الذي يرفع في مدرجاته شعارات دائمة ومتواصلة تقول “الموت للعرب” في أي لقاء من لقاءاته الكروية خاصة إذا ما كانت مع فرق عربية من الداخل تجبره القوانين للقاء معه، أو حتى لفرق يهودية يعلب فيها لاعبون عرب ، وليس أدل من حقد هذا النادي وعنصريته وصلفه ما قام به في العام 2013 عندما قدم أعضاء في منظمة «لا فاميليا» على إحراق مكاتب إدارة الفريق؛ احتجاجًا على التعاقد مع لاعبين مسلمين من الشيشان وضمهم إلى صفوف الفريق، وطالبوا بأن فريقهم لابد أن «يبقى نقيًا» من المسلمين.

وقد سبق إحراق المكاتب احتجاجات أخرى، جرت خلال الأسابيع التي سبقت تلك الأحداث أثناء المباريات. والشواهد لا تنتهي ولا مجال لذكرها لكثرتها، المهم أن الأمير العربي والذي تعهد بدفع مئة وخمسين مليون شيكل لقاء تملكه النادي لمدة عشر سنوات، أي ما يساوي 46 مليون دولار، طالب بأن يكون نجله عضوا في إدارة النادي، وستصرف هذه الأموال  لجهة تطوير البنى التحيتة للنادي والفريق واستقطاب لاعبين ـــ طبعا غير عرب أو مسلمين ـــ ، وهذا يدل بشكل قاطع وصارخ أن هذه الخطوة من التطبيع الصارخ والمعادي، ليس مسلكا خجولا يجري بين جهة رياضية وجهة رياضية أخرى مع رفضنا لكل أشكال التطبيع مهما كانت، ومتى جاءت، بل أمر فيه عدوانية واضحة وصريحة تجاه شعبنا، فهذا النادي الذي يجلس مشجعوه في المدرجات يشتمون العرب قياما وقعودا، يخطون الشعارات المناوئة لرسولنا الأكرم محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – ، بل ويشتمون إدارة النادي لأنهم وافقوا على بيع نصف أسهمه لعربي إماراتي لمدة عشر سنوات، وهذا من شدة عنصريتهم وحقدهم ويمينيتهم، لكن هذه المواقف لا تحرك في أؤلئك العرب المطبعين أي مشاعر، أو أي إحساس بالإهانة، وهذا الموقف والإصرار على المضي فيه بحد ذاته فيه تطاول على الشعب الفلسطيني وحركة الرياضية والشعب العربي  والمسلم الرافض للتطبيع، وأن هذا الإصرار أيضا يمثل ظاهرة غريبة ومستهجنة لا يمكن أن تتساوي مع المنطق الإنساني والبشري، فكيف لعضو إدارة هذا النادي ابن المشتري المطبع أن يقف يوما بين جمهوره ليستمع بأذنيه لشتم العرب والفلسطينيين ونبي الأمة محمد ؟ وهل لهذا العضو موقف عندما يقوم أعضاء وجمهور “بيتار القدس” بدخول المسجد الاقصى لاقتسام المكان والزمان في ساحاته المقدسة ونثر التمنيات في إقامة ” الهيكل المزعوم” ؟ وهل لهذا العضو بقية ماء في وجه عندما يصرخ رئيس وأعضاء إدارة النادي في رفض انضمام أي مسلم أو عربي للفريق مهما كانت الحاجة ملحة إليه بحجة عروبته وإسلامه؟

 

أسئلة نحن نعرف الإجابة عليها، بالرغم من إننا لم نكن نتخيل أن تحدث في هذا الوقت القصير من تطبيع التحالف البغيض، لكننا في زمن العجائب والاندهاش، بل في زمن الانزلاق السحيق نحو الذل والمهانة، والتي يموت فيها الإحساس وتدفن فيها خصال وقيم الانسانية إلى الأبد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى