بين المطرقة و السندان

د. طارق حامد أ أكاديمي مصري

مصطلح يشي بوقوع الإنسان بين أمرين أحلاهما مر و هذا ما كشفه حادث غرق عشرات الشباب من قرية تلبانة التابعة لمركز المنصورة محافظة الدقهلية المصرية حيث غامروا بحياتهم هربا من مطرقة الوطن الذي ألهب حياتهم بسعير الحياة المعيشية التي تغولت بشكل استحال معه العيش من غلاء فاحش في أسعار السلع الأساسية وارتفاع نفقات الزواج مما أدي إلي ارتفاع معدلات سن الزواج في أوساط الذكور والإناث علي حد سواء وتردي الخدمات الصحية و الموت علي أعتاب المستشفيات، كذلك اليأس من إحداث تغيير إصلاحات جذرية في المجتمع للتغلب تلك الأوضاع المتردية من الألف إلى الياء وأصابهم اليأس من حياة كريمة في أوطانهم فما ترك لهم من متنفس لكي يحيوا حياة سوية يشعر فيها المواطن بالعيش و الحرية و الكرامة الإنسانية فلجأوا إلي الهجرة غير الشرعية عبر بحر الموت المؤدي إلى أوروبا وسندان الغربة في بلاد طالما حلموا بها من نظافتها وتقدمها والأجور والرواتب العالية التي تمنحها إياهم بساعات عمل تتوافق مع حقوق الإنسان وآدميته، كذلك تختصر لهم الزمن بشكل عجيب في توفير المسكن و النفقات التي تتناسب مع معدلات الأجور العالمية التي تجعل الإنسان يربو علي خط الفقر ويحيا حياة كريمة، فخاضوا غمار هذه المخاطرة و هم يعلمون أنهم ربما يلقون حتفهم خضم بحر هائج و فضلوا هذا الأمر بين أمرين كما قلنا أحلاهما مر علي أن يعيشوا بين مطرقة الفقر وسندان الحاجة والعوز والذل في أوطانهم، و مما لا شك فيه أن هذه ظاهرة سيئة ونتاج نكد لنظام سياسي مستبد استمر علي مدار عقود في تهميش الشعوب وتجهليهم وإفقارهم بل قام بنهب الثروات و إدارة الفساد وتوجيه النخب إلي الفرد الواحد نصف الإله الذي بيده كل الخيوط والحلول و غيره من الشعب ليس مؤهلا لذلك بينما قام لولا دي سيلفا العامل رئيس البرازيل من انتشالها من الحضيض والإفلاس المحقق وفي خلال ثماني سنوات وضع البرازيل في مصاف الدول المتقدمة و أصبح اقتصادها ثامن اقتصاد علي العالم، و هذا هو المنشود في العالم العربي من ترسيخ مبادئ الديمقراطية الحقة ومبدأ تداول السلطة لكي يتاح لكلإنسان يري في نفسه القدرة علي الإضطلاع بحكم البلاد و العمل على نهضتها أن بتقدم ويكفل له الدستور الحرية في ذلك و لا يتعرض لحملات التخوين والملاحقات الأمنية والمخابراتيه وفي النهاية الزج به في غياهب السجون بحجة قلب نظام الحكم أو التطرف أو الإرهاب من هذه المصطلحات الهلامية الفضفاضة التي تكون خلعة وحلة ذات انطباع سيء لدي الشعوب ليقوموا هم بالوكالة باغتيال هؤلاء الأفراد معنويا و سياسياً و ربما اغتيال حقيقي كما فعل مع أبي منصور الحلاج كما ورد في قصة مأساة الحلاج، فمتي تتحرر الأوطان من مطرقة الإستبداد وسندان الأفكار العفنة التي فاحت رائحتها وأزكمت الأنوف؟!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى