تأمّلات لغويّة وأدبيّة على هامش التناصّ الشعريّ في ديوان: (ليل الأرمل) للشاعر عبد الرزاق الربيعيّ

أ.م.د. بتول عباس نسيم | قسم اللغة العربية / كلية الآداب / جامعة بغداد

مدخل:

تأتي المجموعة الشعرية (ليل الأرمل) للشاعر العراقي المبدع عبد الرزاق الربيعي لافتة للنظر من حيث الكم الهائل من الحزن والفجيعة، حتى لتحس بألم الحزن وفجيعة الفقد من عنوانها، أو ما يصطلح عليه بعتبة النص، فلا شك في أن ليل الأرمل ليل قاس أسود بارد يحمل كل معاني السلبية والمشاعر الكئيبة، وهذه الكآبة تستدعي بطبيعة الحال الركون إلى العزلة، والولوج في الوحدة ليستأنس صاحبها بالتذكر واستحضار كل ما هو جميل في الماضي، والتحسر على ما فات وانقضى، والتعلل بالأماني والخيالات.

هذا التذكر والتعلل يستدعي من الشاعر العودة إلى مخزونه وتداعياته الفكرية والثقافية والدينية والأدبية، مما يجعله ينجذب إلى الماضي أكثر من توقه إلى المضي مستقبلا، وهذا ما انعكس على المتن الشعري لشاعرنا عبد الرزاق في تلك المجموعة، حتى ظهر لنا موضوع التناص طاغيا جليا على عمله الإبداعي، فنرى التناص في لغته الشعرية لافتا للنظر لغويا وسيميائيا، جعله ينفتح على التراث، فكان ذلك من أبرز خصائصه.

والشعر العربي القديم واحد من آليات تخصيب النص الحديث، لما يحمل من ثراء لغوي كبير، ومن صور فنية مكثفة، فضلا عما يحمله من تجارب اجتماعية متعددة ومواقف إنسانية يشترك فيها مع الشعر العربي المعاصر، فيلجأ المبدع المعاصر إلى هذا المخزون كلما تشابهت التجارب، وتماهت المواقف، وعبد الرزاق الربيعي ليس بدعا من الشعراء المعاصرين، فقد أحس بقدرة الموروث الشعري القديم على التعبير عن همومه ومآسيه، فسجل التناص الشعري في مجموعته هذه حضوراً فاعلاً، بل طاغيا، في عنوانات قصائده كما في متونها .

ولم تعن الباحثة في هذا المقام بالتناص في حد ذاته عند الشاعر عبد الرزاق الربيعي ، بقدر ما وفر لها من تداعيات لغوية وتأملات أدبية جاءت على هامش هذا التناص، فالبحث في حقيقة أمره أشبه بالتأملات اللغوية والمراجعات الأدبية لأصول التناص الواقع في عنوانات المجموعة الشعرية (ليل الأرمل) وفي متنها الشعري  ومرجعياته، متجنبة قدر الإمكان الحديث عن كيفية توظيف الشاعر للتناص، وأنواعه لديه ، وماذا أضاف إليه وما مدخراته الوجدانية والأدبية، إلا بما يخدم التأملات اللغوية تلك ، أو المراجعات الأدبية ذات الصلة باللغة، وبقدر تسخير مواضع التناص لخدمة عرض المسائل اللغوية أو الملاحظات ، ولا سيما أن كثيرا من التناص يفهم من الفكرة والرمز والقصة ، ومما لا حضور للفظ أو العبارة المشتركين في النص الحاضر أو النص المهاجر ، وهو نوع يتنافى وعمل اللغوي الذي يبحث عما صرح به المبدع من ألفاظ وعبارات تحيل إلى المعاني والدلالات المركزية والهامشية، والبحث عن السياق اللفظي والموضع الذي وجدت فيه ، لما للسياق والموضع من دلالة زائدة على دلالات الألفاظ والعبارات .

لذلك جاء هذا البحث على تمهيد يعرف التناص الشعري وآلياته بشكل سريع ومختصر، ومبحث يعرض التأملات اللغوية على وفق حضوره في العنونة، ومبحث آخر يعرضها على وفق حضوره في المتن الشعري.

 

التمهيد:  التناص الشعري وآلياته:

لا يمكن لأي نص إبداعي أن يكتبه مبدعه بمعزل عن خزينه الثقافي والفكري والديني والأدبي المتمثل بالذاكرة ، والمتحصلة من قراءاته الخاصة وتجاربه الكثيرة   فلا شك في أن جزءا من مخزونه هذا يكون حاضرا في نصه ، وأن تداعيات كثيرة تجعلها تطفو على سطحه ، وهذا ما يدعى بالتناص .

ولا يعني أن يكون حضور النصوص المخزونة بقصد وإدراك ، بل قد يكون بطريقة غير مقصودة ، يحدث نتيجة علاقات ظاهرة أو خفية بين النصين تبيح للنصوص المخزونة الظهور (1)، فيمثل التناص لذلك ( تقاطع نصوص ووحدات من نصوص في نص أو نصوص أخرى، وأصبح النص في منظورها لوحة فسيفسائية من الاقتباسات ، فكل نص يستقطب ما لا يحصى من النصوص التي يعيدها عن طريق التحويل ، والنفي ، والهدم ، وإعادة البناء) (2)، والنص الإبداعي على هذا أصبح ( ينطوي على أبنــــية متعددة ، متنوعة متوالدة ، بلا توقف (3)  .

ويعد النص الإبداعي على وفق التناص نصا تعاقبيا ومتحركا ومفتوحا ومتغيرا ومتجددا (4)، ويرى ” جينيت ” أن الشعرية تكمن في العلاقات الظاهرة أو الخفية التي أشرنا إليها  عبر النصية ، أو ما يحلو لبعض النقاد والدارسين تسميته التعالي النصي الذي يجعله  ينفتح على مجموع الأدب (5) .

 وقد اختلف النقاد في تحديد آليات التناص لدرجة أنها أشكلت على كثير من الدارسين ، وقد ناقش عصام حفظ الله حسين واصل هذا الإشكال وخرج بنتيجة واضحة لا لبس فيها أن آليات التناص تكون على ثلاث هي (6)

1ـ الاقتباس .   2ـ الإحالة .   3 ـ الإيحاء .

والتناص تجده في العنوان الذي يحمله النص ، كما تجده في متنه ، ودلالات التناص على هذا تختلف باختلاف العنوان والمتن .وقد أولت الدراسات السيميائية العنوانات عناية كبيرة في الدرس النقدي ، لأنها  مفاتيح إجرائية ، كما يراها بعضهم ، تسهم في توجيه المتلقي في فهم النص الإبداعي ودلالاته (7)  فالعتبة (هي البداية والمدخل ، وعتبات المتن / النص هي بداياته ومداخله ، التي تهيء استقباله وتمثله و/ أو تتمثل به ، وتقوم بعملية الربط بين الداخل / المتن ، والخارج / (المتلقي ، أو نصوص وإشارات ما ) (8) .

وقد أطلق على العتبة أيضا مصطلح النص الموازي، وحددها (جيرار جينيت) بكل (ما يحيط بالمتن، ويجعل منه متنا / كتابا / نصا ) (9) ، ويعدها من ضمن المتعاليات النصية ، وهي عنده على قسيمين (10):

 1ـ النص المحيط: وهو كل ما يحيط بفضاء النص / الكتاب، كالمقدمات والإهداءات والعناوين الفرعية والرئيسة والعناوين الخارجية والداخلية ..إلخ .

2ـ النص الفوقي: وهو كل ما أحاط النص / الكتاب ، ويقع على مسافة أبعد من النص المحيط، كالمراسلات والمقالات النقدية (حول النص).

وقد رفض نقاد جعل العتبات تحت مصطلح النصوص الموازية الذي وضعه جينيت، لأن (مصطلح النصوص الموازية .. الذي وضعه .. يتضمن إشارة تبعد إلى حد ما فكرة التفاعل بين العتبات ، والنصوص المرتبطة بها ، فالموازاة تحمل انفصالا أي أنها تقصي فكرة الانفصال  ) (11)  فالعتبة تغني النص وتؤازره تركيبا ودلالة ، والعكس صحيح ، ولا سيما أن العنوان مثلا ليس شكلا مكتفيا بنفسه أو مستقلا عن النص (12)  وكذلك كل ما يندرج فيها من مقدمات وإهداءات ( فإن المعنى أو المقصدية لا تتضح إلا باجتماعهما معا ، لأنهما يكونان العملية الإبداعية التي تجسد رؤية المبدع الشاملة ، لذا لا ينبغي جعل العنوان نصا موازيا لنصه بل جزءا منه ) (13)  .

ومهما يكن، سواء أكانت العتبة بعناوينها ومقدماتها تناصا مع المتن أم لا ، فإن عبد الرزاق الربيعي قد أحدث هذا التناص لا مع المتن فحسب بل مع ما اختزنه في ذاكرته من نصوص شعرية تتناسب وثيمة مجموعته الشعرية ، وهي الجدلية الأزلية في الحياة والموت ، التي جسدها أكثر ما يكون في قصيدته مكاشفات ، ناهيك عن سائر القصائد فيها ..

 

المبحث الأول : التناص الشعري في العتبات في (ليل الأرمل) 

      بينا أن المقدمات قسم من العتبة التي تحيل إلى المتن وتسفر عن مدلولاته، وقد ابتدأ عبد الرزاق مجموعته الشعرية بعد إهدائه الديوان إلى أحبائه الراحلين إلى الملكوت الأعلى بمختارات شعرية متباينة في العصور والأزمنة، متفقة في مضمونها الذي يسفر عن الحزن العميق، والألم المر من فقد الأحبة ، ومعبرة عن دهاليز تلك المجموعة ومضامينها .

وأول هذه المختارات قول ابن خفاجة (14):

فحتى متى أبقى ويظعن صاحب 

أودّع منه راحلا غير آيبِ.

هذا الشاعر الذي باستطاعته تشخيص عناصر الطبيعة، فبيته من ضمن مجموعة أبيات قالها على لسان جبل ملّ المكوث ، وحنّ للفناء لكثرة السنين الصعبة التي مرت عليه ، ولكثرة ما رأى  من فراق أصحابه ، ملتاعا لوحدته من دونهم ( 15)  .

فوظف الشاعر عبد الرزاق هذا الاقتباس ليشعر المتلقي بثيمة المجموعة الشعرية أغلبها، وهي فقد الأحبة ، ولوعة الفراق ، وليعبر عما في داخله من حزن وأسى بطريقة التناص الذي يزيد نصه الإبداعي بعدا جماليا ، ووحدة فنية ، وليعكس جانبا من المواقف الإنسانية المشتركة، فكأنما يشبه نفسه بهذا الجبل الذي لا يزول على الرغم من توقه للزوال أسوة بأحبائه من جانب، ويشبه نفسه بابن خفاجة من جانب آخر ، هذا الشاعر الذي عرف بأنه الصارخ بالأجداث (16)، فهو يخاطب (جثامين الموتى، ويطلب منها أن تغني ولكنها لا تجيب ولا تستجيب، يرفع صوته يصيح، يصرخ والصمت مطبق.. إنه الموت.. وهو سيتحول في يوم قريب إلى واحدة من تلك الأجداث(  (17)  .

وابن خفاجة كان يحدث نفسه بشكل مَرَضيّ ـ على الرغم من كونه الأندلسي الذي يحيط به جمال الطبيعة من كل مكان ـ  ويسألها عن جدوى إبداعه في ظل مصير محتم هو الموت: (ـ لمن تبدع يا ابن خفاجة؟ ولماذا؟ أنت غداً أو بعد غد ستغلق عينك إلى الأبد.. وستصبح مجرد ذكرى.. ستموت يا ابن خفاجة.. الموت قادم لا محالة.. أسمعت عن إنسان لم تثير مخاوفه وتجعله دائم الخوف من فكرة الموت) (18)  ، ففكرة الموت سيطرت على عقل ابن خفاجة تماما كما سيطرت على ديوان عبد الرزاق .

هذا على صعيد التناص ، أما على صعيد اللغة ، فمما يلفت في هذا البيت  ثلاث مسائل:

 الأولى: لا شك في أنها تتعلق بالتعالق بين النصين (نص ابن خفاجة ، وعبد الرزاق ، وهو نوع الاستفهام في البيت ، فالاستفهام هنا خرج من معناه الحقيقي إلى معنى مجازي يحتمل التعجب من رحيل الأحبة وبقائه من بعدهم للحزن والأسى  كما يحتمل الاستنكار من فكرة الموت التي لا تبقي له أحدا، ويحتمل أيضا الاستبطاء كما جاء في الإيضاح في علوم البلاغة من أن الاستفهام قد يخرج إليه (19)  ، فكأنما هو يرى الموت بطيئا في قدومه عليه ، فيستعجله لذلك .

الثانية : استثناء الراحل من الصاحب في المعنى ، بلفظة ( منه ) ، إذ كيف يستثني المفرد من المفرد ، وهل الراحل إلا الصاحب ، أو هو مختلف عنه ؟ وما دلالة من في هذا الموضع ؟.

ولا يوجه هذا الأمر إلا بكون الصاحب مفرد يراد به الجمع بمعنى الصحب أو الأصحاب، والمعنى : فحتى متى أبقى ويظعن صحب أودّع منهم راحلا غير آيبِ.

وقد راعى الشاعر اللفظ المفرد فأعاد عليه الضمير المفرد أيضا ، وقد أجاز سيبويه والمبرد قيام المفرد مقام الجمع على جهة الضرورة الشعرية ، قال سيبويه : (وليس بمستنكر في كلامهم أن يكون المعنى جميع ، حتى قال بعضهم في الشعر من ذلك ما لا يستعمل في الكلام) (20)، وقال المبرد : (وَهَذَا خطأ فِي الْكَلَام غير جَائِز وَإِنَّمَا يجوز مثله فِي الشّعْر للضَّرُورَة وجوازه فِي الشّعْر أَنا نحمله على الْمَعْنى لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنى جمَاعَة وَقد جَازَ فِي الشّعْر أَن تفرد وَأَنت تُرِيدُ الْجَمَاعَة إِذا كَانَ فِي الْكَلَام دَلِيل على الْجمع ) (21)  مستشهدين بقول علقمة بن عبده (22) :

بها جيف الحسرى فأما عظامها

فبيض وأما جلدها فصليب .

فأفرد الجلد وصفته الصليب بمعنى اليابس ، مع أن الهاء في جلدها عائد على الجيف الحسرى ، والجيف جمع جيفة، والحسرى جمع حسير وهي الناقة التي سقطت من الإعياء والكلال (23) . والحق أن ظاهرة الحمل على المعنى ظاهرة واسعة جدا وهي طالت كلام العرب نثرهم كما طالت شعرهم ، وهي لا تقتصر على الضرورة الشعرية إذ وردت في القرآن وفي القراءات وفي غير ذلك  ، ودرجها ابن جني بما أسماه شجاعة العربية المتمثلة بـ ( الحذف والزيادة  والتقديم والتأخير والحمل على المعنى والتحريف) (24)، وعلى هذا فمن تبعيضية ، أي أودع راحلا  من بعض أصحابي .  

والثالثة  : آيب ، ما وزنها ومم اشتقت ؟ .

وهي مشتقة من آب يأوب إذا رجع ، ( وكل شيء يرجع إلى مكانه فقد آب يؤوب إيابا)  (25)  ،  قال عبيد بن الأبرص في الميت الذي لا يعود (26) :

وكُلُّ ذي غَيْبَةٍ يَؤُوبُ

 وغَائِبُ المَوْتِ لا يؤوبُ

فعلى هذا يكون أصل آيب آوِب، على وزن فاعل ، فاء الكلمة همزة ، ثم ألف فاعل ، ثم عين الكلمة الواو ثم لامها الباء ،  قلبت عين الفعل همزة لأنها  إذا وقعت بعد ألف فاعل قلبت همزة قياسا ، ثم إن الهمزة قلبت ياء لوجود الكسرة تخفيفا .

ثم يعقب عبد الرزاق الربيعي اقتباس قول ابن خفاجة باقتباس قول السياب (27)  :

هات الردى أريد أن أنام

بين قبور أهلي المبعثرة

وراء ليل المقبرة

رصاصة الرحمة يا إله .

فهل وصل اليأس بشاعرنا عبد الرزاق حدا يستعجل فيه الموت السريع كما يطلبه السياب باسم فعل الأمر (هات) التي لم نجد نصا تعبديا تخاطب به الذات الإلهية، لأنها في اعتقادي لا تصدر من أدنى إلى أعلى ، ولا سيما في الدعاء ؟!!.

 وهل وصل به اليأس حدا يسلب فيه لفظ الجلالة تعريفه المطلق وصفاته الثابتة فيه ؟ حتى يقال له كما قيل في تعبير السياب (يا إله) : ( وهو وإن كان فيها التجاء إلى الله تعالى إلا أنه يخاطب الله فيها بلا توقير ولا تعظيم ولا إجلال وهذه من نتائج تربيته الحداثية ، التي علمته الاستخفاف بالله تعالى) (28)  .

وبغض النظر عن تربية السياب الحداثية فإن ما مر به من مرض عضال ومن أزمات نفسية قد تخرجه كما أخرجت كثيرا من الناس عن حدود الإيمان الراسخ وتحمله على الجنوح إلى الاستخفاف بالذات الإلهية المشار إليه ! .

ولا نشك في إيمان الشاعر عبد الرزاق بالله تعالى وفي تدينه بالدين الحنيف ، ولكن يبدو أنه وجد في نص السياب هذا تلك المبالغة التي ينشدها كل شاعر في التعبير عن تجربته الإنسانية من حزن وألم ، مع ما للمبالغة الشعرية  من بعد مذموم قد تخرجه عن دائرة الإيمان والتصديق !.

وإن التمسنا لشاعرنا عبد الرزاق عذرا في هذا الاقتباس، فقد التمسنا للسياب نفسه هذا التنكير للذات الإلهية ، والمبالغة غير الموفقة ، في قصيدته الجميلة :

أيّوب إن صاح صاح ..

لك الحمد مهما استطال البلاء

ومهما استبد الألم ..

لك الحمد إن الرزايا عطاء ..

وإن المصيبات بعض الكرم ..

فقد جسّد السياب في قصيدة أيّوب الرضا بقضاء الله (29)  وقدره ، حتى أنه تقمّص شخص نبينا أيوب عليه السلام بابتلاءاته ، وبصبره عليها ( ويتمثل اتحاده مع أيّوب في قصيدته ” قالوا لأيوب ” دون أن يزاوله أيضا الأمل في الشفاء ، فقد كان ذلك الأمل هو العامل الموجه لذلك الرضى المطلق ) (30)

من كل ما ذكرنا فإن تناص شاعرنا عبد الرزاق قادنا إلى تأملات لغوية في مسألتين لغويتين في هذا النص ، الأولى : هات ، أهي فعل أمر أم اسم فعل أمر ، وبمناسبة ورود هات في قول السياب  هل يستوي فعل الأمر واسم فعل الأمر أصلا في دلالة الدعاء (الطلب من أدنى إلى أعلى)؟ ، كما يستويان في دلالتي الاستعلاء ( الطلب من أعلى إلى أدنى )  ، و الالتماس ( طلب بين متساويين في الرتبة ) ؟ .

المسألة الأخرى: هل يجوز تنكير لفظ الجلالة ( الله ) من دون أن تسلب منه  الصفات الإلهية ومنها التوحيد ؟ .

أما المسألة الأولى المتعلقة بهات ونوعها فقد اختلف العلماء فيها ، أهي فعل أمر أم اسم فعل أمر ، كما اختلفوا في غيرها من الألفاظ ، إذ ذهب الخليل إلى أنها فعل أمر من هاتى يهاتي على وزن فاع مثل قاض ، مبني على حذف حرف العلة ، إذا كان مسندا إلى المفرد المخاطب ، وهذا يعني أن الألف فيه زائد ، والهاء فيه أصلية (ويقال: بل الهاء في موضع قطعِ الألف من آتى يؤاتي، ولكن العرب أماتوا كل شيء من فعلها إلا (هاتِ) في الأمر) (31) ، قال الخليل : (والإِيتاء: الاِعطاءُ. ويقال: هاتِ في معنى آتِ على فاعِل، فدَخَلَت الهاء على الألف )(32).

وذهب سيبويه إلى أنها اسم فعل أمر ، قال في باب (من الفعل سمى الفعل فيه بأسماء لم تؤخَذْ من أَمثلة الفعل الحادث ) : ( وموضعُها من الكلام الأَمرُ والنَّهْىُ، فمنها ما يَتعدّى المأمور إلى مأمور به، ومنها ما لا يَتعدّى المأمورَ، ومنها ما يَتعدَّى المَنهىَّ إلى منهي عنه، ومنها ما لا يَتعدَّى المَنهىَّ ، أَمّا ما يتَعدّى فقولك: رُوْيْدَ زيداً، فإنما هو اسم لقولك: أَرْوِدْ زيدا. ومنها هَلُمَّ زيدا، إنَّما تريد هاتِ زيدا. ) (33)  وتابعه في ذلك كثير من العلماء منهم الزمخشري (34)  .

وقد رفض كثير من العلماء جعلها اسم فعل أمر لقبولها علامات فعل الأمر ، ولا سيما ياء المخاطبة ، قال ابن هشام : (وأما هاتِ وتَعالَ فعدّهما جماعة من النّحويين في أسماء الأفعال، والصّواب أنّهما فعلا أمر، بدليل أنّهما دالان على الطّلب، وتلحقهما ياء المخاطبة، تقول: هاتِي وتعالَيْ ) (35)  .

(وَأما هاتِ ففعلٌ صريحٌ يقالُ : هاتَا يُهَاتي مهاتاةٌ مثل رامى وحامى ) (36)  .

     ويمكن مناقشة كونها فعل أمر أو اسم فعل أمر من جملة وجوه :

  1. قول الخليل أنها من المهاتاة يعني أنها من المفاعلة التي تفيد المشاركة ، وفي هذا الكلام نظر ، إذ حاصل الطلب من هات لا يفيد هذا المعنى ( قال الفراء: هات: كأنها من هاتيت. قال: وليس هاتيت من كلام العرب، وأنها في السن أهل الحيرة، فأما العرب فلا، ولا ينهى بها؛ لأنها ليست بثابتة في فعلت ويفعل، ومعناها: أعطني. ) (37).
  2. رأي الخليل أن هات فعل متصرف وأن ماضيه ومضارعه مماتان غير دقيق لأنهما غير مسموعين أوثابتين كما هو في ودع مثلا ماضيا لدع ، ووذر ماضيا لذر ، وهو ما جعل أبو علي الفارسي يشتقه اشتقاقا آخر لا إبدال فيه ، ولا شك في أن عدم الإبدال أولى من الإبدال ، فرأى أنها مشتقة من الهوتة وهي المنخفض من الأرض ،  (هات إنما هو استدعاء منك للشيء واجتذابه إليك. وكذلك صاحب العين إنما حمله على اعتقاد بدل الهاء من الهمزة أنه أخذه من أتيت الشيء والإتيان ضرب من الانجذاب إلى الشيء.) (38)، كما جعل ظاهر شوكت البياتي من المحدثين يحكم على هات بأنه ( فعل أمر جامد معناه (اعط) يتصل بالضمائر فنقول: (هاتيا، هاتوا، هاتي) (39)  ، وإذا لم يحسم أصل الاشتقاق أو تصريف الفعل فلا دليل على أن هات فعل أمر ورجح كونه اسم فعل أمر .
  3. يجعلونها مثل هلم في قبولها علامات فعل الأمر وفي أنها متصرفة ، وماضيها ومضارعها أميتا ، فقالوا هاتي وهاتوا وهاتيا ، وهاتن ، وما شابه ذلك كما قيل : هلمي وهلما وهلموا وهلممن ، واللغويون كما رووا إسناد هلم إلى الضمائر ولا سيما ياء المخاطبة التي من علامات فعل الأمر ، فقد رووا بقاء هلم على حالها من دون إسنادها إلى الضمائر على الرغم من إسنادها إلى كل أنواع المخاطبين وأنها لغة الحجاز (40) (فَأَما بَنو تَمِيم فيجعلونها فعلا صَحِيحا ) (41) ،  لذلك يمكن القول إن : (هي اسم فعل على لغة من ألزمها طريقة واحدة مع الواحد والمثنّى والجمع، وهي لغة أهل الحجاز، وبها جاء التّنزيل،) (42) . قال تعالى: (والقَائِلِينَ لإِخْوَانِهم هَلُمَّ إِلينَا) (43) أي: ائتوا إلينا. وقال : (قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ) (44).
  4. ذكر ابن السكيت أن لزوم هلم حالة واحدة من دون إسنادها إلى أي ضمير أفصح من إسنادها (45) ، ولا شك في أن هذا ينطبق على هات لتشبيههم إياها في التصريف والدلالة والإسناد إلى ياء المخاطبة ، وإذا كان كذلك فالراجح أنها اسم فعل أمر لا فعل أمر .
  5. قول الفراء أنها لم يسمع فيها إسنادها إلى الاثنين (46) ، وقول ابن السكيت السابق أن لزومها حالة واحدة أفصح ، يرجح كونها اسم فعل أمر ، ولتمكن دلالة الطلب فيها ، أسندوها إلى بعض الضمائر تجوزا .
  6. إن حكم بعض النحويين على أن هات وهلم وغيرها أنها أفعال أمر لا أسماء لأفعال أمر لأنهما قبلا علامة فعل الأمر وهي ياء المخاطبة، غير دقيق لأنها لم تقبل كل علامات فعل الأمر ، فمن علاماته أيضا توكيده بالنونين الثقيلة والخفيفة ، ولم يرو أنها أكدت بإحدى النونين فضلا عنهما ، لذلك حسم ابن مالك هذا الخلاف مرجحا كون هات وأشباهها اسماء لفعل أمر لا فعل أمر وقوله (47) :

وماضي الأفعال بالتاء مز وسم

وبالنون فعل الأمر إن أمر فهم

        وقوله (48)  :

والأمر إن لم يك للنون محل

فيه هو اسم نحو صه وحيهل

ومن الغريب قول الصبان في شرحه على شرح الأشموني لألفية ابن مالك: (قوله: “وقبولها نون التوكيد” صريح في قبول هات وتعال على الصحيح من فعليتهما نون التوكيد وإن لم يسمعا بها قاله الروداني فيجوز هاتين وتعالين بإعادة اللام مفتوحة كما تقول أرمين وأخشين.) (49)  ، إذ كيف فهم الصراحة في قبول هات وتعال لنون التوكيد وهو مما لم يسمع أصلا ؟ لا لشيء إلا لإصرار علماء النحو على جعل هات وغيرها فعل أمر لا اسم فعل ، فتراهم يتحايلون لهذا اللفظ بشتى الحيل النحوية منذ القرن الثاني الهجري متمثلا بالخليل إلى القرن الثالث عشر الهجري متمثلا بالصبان ، ومتشبثين بأدلة هي أقرب للحيل النحوية منها إلى الأدلة القاطعة ، ومناقشتنا لتلك الآراء يؤكد كونها اسم فعل أمر كما ذهب إليه سيبويه وكثير من المتابعين له .

أما عن دلالة اســم فعل الأمر هات هل يستوي مع فعل الأمر الدعاء (الطلب من أدنى إلى أعلى)؟ ، كما يستويان في دلالتي الاستعلاء (الطلب من أعلى إلى أدنى)  ، و الالتماس ( طلب بين متساويين في الرتبة ) ؟ .

      فقد استقصيت النصوص التي ترد فيها اسم فعل الأمر عموما وهات خصوصا، فلم أجده واردا في نصوص دعائية قط، ولهذا الأمر دلالات منها: أن اسم فعل الأمر فيه طاقة انفعالية أكبر من فعل الأمر، لا تتوافر معها حدود بين المتكلم والمخاطب ، قال تمام حسان في تعريف الخوالف: ( الخوالف كلمات تستعمل في أساليب إفصاحية، أي: في الأساليب التي تستعمل للكشف عن موقف انفعالي ما والإفصاح عنه, فهي من حيث استعمالها قريبة الشبه بما يسمّونه في اللغة الإنجليزية Exclamation وهذه الكلمات …..يسميها النحاة: اسم الفعل ) (50) .

 أو أنه لا يتطلب مع اسم فعل الأمر قدرا من التأدب والتحرج كما هي مع فعل الأمر الصادر من أدنى إلى أعلى ، وهذا ينسجم مع دلالتي الاستعلاء والالتماس ، ولا ينسجم مع الدعاء ، وكل الشواهد تؤكد ذلك ، فهات وردت في القرآن في سياق الاستعلاء لأنها من أعلى لأدنى كقوله تعالى : (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ) (51)   ، ووردت في الحديث النبوي الشريف بهذا المعنى فقد روي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِابْنِ أم معبد يَا غُلَام هَات قروا ، فَأَتَاهُ بِهِ فَضرب ظهر الشَّاة فاجترت وَدرت ) (52) ومثله أيضا ( حَدِيثُ عَائِشَةَ «قَالَ لَهَا: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لَا، إلاَّ شَيْءٌ بَعَثَت بِهِ إِلَيْنَا نُسَيْبةُ مِنَ الشَّاةِ الَّتِي بَعَثْت إِلَيْهَا مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: هاتِ فَقَدْ بَلَغَت مَحِلَّها» أَيْ وصَلَت إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَحِلّ فِيهِ، وقُضِيَ الواجبُ فِيهَا مِنَ التّصدُّق بِهَا، فَصَارَتْ مِلْكا لِمَنْ تُصَدِّق بِهَا عَلَيْهِ، يصِحُّ لَهُ التَّصرف فِيهَا، وَيَصِحُّ قَبُولُ مَا أهْدَى منها وأكْلُه، وإنما قال ذلك لأنه كان يَحْرُم عَلَيْهِ أكلُ الصَّدَقَةِ.) (53)  .

كما ورد في التراث الشعري ما يدل على الالتماس ، كقول الراجز (54)  :

هَات الشظاظين وهات المربعه .

وهات وسق النَّاقة الجلنفعه

وكذلك ما أنشده ابْن الْأَعرَابِي (55)  :

مُولَعاتٍ بهاتِ هاتِ فإنْ شَفَّ

 رَ مَال أرَدْنَ مِنْك الخِلاعا .

وعلى هذا فقد خالف السياب المعتاد في مخاطبة الذات الإلهية باسم الفعل هات التي تحمل شحنة انفعالية عالية تجاوزت حدود التأدب المطلوب في مقام الدعاء والتذلل والتضرع، بل فيها شيء من الاستعلاء والتمرد على الذات الإلهية .

ومصداق ذلك ما لاحظناه وسجلناه في المسألة الثانية وهي تنكير لفظ الجلالة توظيفا لهذا الاستعلاء ، وإبرازا لهذا التمرد ، إذ يتميز لفظ الجلالة عن غيره من الأسماء المعرفة بأل ، أن زيادة أل فيه زيادة لازمة لا يجوز حذفها بأي حال من الأحوال ، في النداء وغيره (56)  ، لقصر الألوهية على الله من دون سواه ، وحصر وجوب التعبد فيه ، وحذف أل منه سلب لصفاته المطلقة ، ومساواته بغيره من الآلهة المفترضة أو المتوهمة ، ولا يفسر بغير إنكاره للصفات الثابتة فيه من رحمة ورأفة وغيرها .

يختم عبد الرزاق مختاراته الشعرية في المقدمة بقول نسبه إلى الكميت بن زيد الأسدي (57)  وهو :

ويلي من البين ماذا حل بي وبها

 من نازل البين حل البين وارتحلوا .

ليت المطايا التي سارت بهم ضلعت

 يوم الرحيل فلا يبقى لهم جمل .

وتأملاتي اللغوية لم تطل النص الذي اقتبسه عبد الرزاق الربيعي بل نسبته إلى غير قائله ، فلم تشر الكتب الأدبية أو اللغوية ، ولا التراجم ولا الفهارس ، ولا الدواوين (58)، ولا كل أنواع المؤلفات القديمة والحديثة إلى أن النص المقتبس هو للكميت بن زيد الأسدي، والنص المقتبس بيتان من قصيدة كتبت في موضوع فراق الحبيبة ، وهي من أجمل ما كتب وأرق ما قيل شعرا .

ولا أدري ما مرد هذه النسبة التي جزم بها الربيعي ، إلا أن تكون من تداعيات التناص الذي لم يفده من قراءاته للدواوين والأشعار، بل من ثقافة العقل الجمعي الذي يعد عبد الرزاق جزءا لا يتجزأ منه بأي حال من الأحوال ، وما تعارف عليه ، لدى فئة ليست بالقليلة من مجتمعه العراقي ، وهو أن هذه الأبيات قيلت بعد واقعة الطف ومقتل الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه وسبي نسائه وحرائره ، وأن القصيدة كلها كناية عن هذه الواقعة المؤلمة ، وأن البدور في قول الشاعر من تلك القصيدة :

إن البــــــــــدور اللواتـي جئـت تطلبهـا

بالأمس كانت هنا واليـوم قد رحـــــلـوا

إنما المقصود بها بدور آل النبي ( ص) الذين تعرضوا للقتل والسبي .

هكذا كان وقع الأبيات في ضمير العقل الجمعي العراقي ، وهكذا كان يستقبل أثر الأبيات التي غناها محمد القبانجي وناظم الغزالي وصباح فخري وعبد اللطيف الكويتي وغيرهم ، فيكون أثرها مضاعفا ووقعها في النفوس أشد .

ولعل هذه الفكرة قد استحكمت في العقل الباطن لشاعرنا الجميل عبد الرزاق حتى ترسخ في ذهنه أنها لشاعر معروف تغنى بأهل البيت ، وأظهر مناقبهم ومفاخرهم ، وعاب على مناوئيهم وجاحديهم ، ولا أشهر من الكميت في هذا المضمار فهو صاحب الهاشميات ، وهو من هو في مدحه آل بيت النبوة .

لا أجزم في ما ذهبت إليه لكني هنا أرى تناصه في هذا الموضع ، تناصا مزيجا بين ما شاع في مجتمعه وبين ما قرأه في الكتب وبين ما رسخ في عقله الباطن .

وقد جاء البيتان اللذان اقتبسهما عبد الرزاق الربيعي في قصيدة أوردتها  أمهات الكتب والمؤلفات الأدبية ، واختلفوا في قائلها كما اختلفوا في عدد أبياتها وفي بعض ألفاظها ، واختلفوا في راويها وفي ظروف روايتها ، وما يعنينا هنا هو اختلافهم في نسبتها،  إذ نسبت مرة إلى شاعر مجنون قابع في سجون الأديرة المخصصة للمجانين ، وهي الرواية الأكثر شهرة من غيرها  (59)  ، ومرة ينسب إلى محمد بن القاسم أبو الحسن المصري ، وهو  شاعر من أهل مصر، قدم بغداد في القرن الثاني ، واستقر فيها حتى مات سنة 245 هـ (وهو من الشعراء المنسيين الذين كاد يمحى ذكرهم من الأدب القديم لولا بعض الأخبار القليلة التي وردت في الأغاني ) (60)  لقب بماني الموسوس ، لأنه كان ( يسكن مزاجه فِي بعض الأوقات) (61) والموسوسون من الشعراء (هم من يتشبهون بما ليس فيهم استظرافا وتظرفا أو تعبيرا عن موقف أو طلبا للرزق ) (62)  وربما لتمرير رسائل نقدية للحكام والولاة ، لا يمكن أن يتقبلوها منهم إلا بهذه الطريقة ، فيخلط الموسوسون بين الجد والهزل ، وبين العقل والجنون ، حتى لتبدو تلك الرسائل حكما تخرج من أفواه المجانين ، كما فعل الموسوس نفسه ، وكما فعل البهلول الذي صنف من ضمن عقلاء المجانين ،  وهذا لا يستوجب أن يوضع في دير خاص بالمجانين ، حتى يقال مثلا أن المجنون المشار إليه في بعض الكتب إنما هو ماني الموسوس .

ونسبتها إلى ماني الموسوس لا يطمئن القلب إليها ، وإن وجدت الأبيات في شعره الذي جمعه عادل العامل وحققه  (63)  ، ذلك أنه استنتج خطأ أنها له مستفيدا مما رواه السري الرفاء في كتابه المحب والمحبوب قائلا  (وقال انفرد السري الرفاء في كتابه المحب والمحبوب القطعة 86 ، بنسبة هذا الشعر لماني الموسوس ، بينما أوردته مصادر التراث منسوبا لمجنون   ) (64) ، وبالرجوع إلى كتاب السري الرفاء لا نجد ذكرا للأبيات التي تضمنت البيتين اللذين اقتبسهما شاعرنا الربيعي ، والتي تبدأ بالبيت : ( لما أناخوا قبيل الصبح  ….. ) بل ذكر الأبيات :

الله يعلُم أنَّني كَمِدُ

 لا أستطيع أَبثُّ ما أَجدُ

نَفسانِ لي: نَفْسٌ تضَّمنَها

بلدٌ وأخرى حازَها بَلَدُ

وأرى المقيمةَ ليس ينفَعُها

صَبْرٌ وليسَ يُقيمُها جَلَدُ

وأَظَنُّ غائِبَتي كشاهِدتي

بمكانها تَجِدُ الذي أَجِدُ (65)

 

وهذه الأبيات مذكورة في الرواية المشهورة التي تبين أن أحدهم (66)  مر بدير للمجانين، فأنشده المجنون : الله يعلم أنني كمد … ثم أنشد : لما أناخوا قبيل .. ، وفي رواية أن المار بالدير هو المبرد ، وهو الذي أنشده : لما أناخوا ، بعد أن أنشده المجنون : الله يعلم أنني كمد ، فاستنتج المحقق عادل العامل أن قصيدة : لما أناخوا لماني الموسوس (67)، اعتمادا على كتاب السري الرفاء الذي لم يذكرها أصلا ، ناسيا أو متناسيا أن الشاعر المجنون إنما كان منشدا ، وقد يكون الإنشاد الأول لأبيات ماني الموسوس (الله يعلم أنني كمد) ، والإنشاد الثاني للمجنون نفسه ، أو لشاعر آخر غير ماني الموسوس ، فلم ينشد المحقق الحذر في الجمع ، ولم يتوخ الدقة في التحقيق ، وعلى هذا فالأبيات : لما أناخوا لم تكن لماني الموسوس .

ومرة ثالثة تنسب إلى المبرد ، هذا اللغوي المعروف محمد بن يزيد المتوفى سنة 286 للهجرة ، فالمبرد مرة يكون مجرد راو (68)  ومرة يكون راويا وشاعرا (69)   والنسبة للمبرد أمر غريب لم  أجده إلا في كتاب نوادر الخلفاء المشهور بـ «إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس ، ولا سيما أن أغلب المصادر التي تذكر هذه الأبيات تذكر المبرد على أنه راو .

ومرة تذكر المصادر أن الشاعر هو خالد الكاتب وقد أنكر داوود بن عمر الأنطاكي هذه النسبة إليه بقوله :  ( وسيأتي منه أنه ينسب هذا الشعر لخالد الكاتب ولا يمكن أن يقال إن هذا المحكى عنه هو لأن خالداً لم يحبس وإنما كان سائحاً ، كما سيأتي فلم يبق إلا استعارة أحدهما من الآخر )  (70)  .

وللاختلاف الحاصل في قائلها يكتفي بعض من يوردها في مؤلفه بقوله قال بعضهم (71)، وهذا العمل أسلم من نسبتها إلى شخص بعينه ، لأن ذلك سيفضي إلى ترجيح بلا مرجح ، وإلى حكم من غير دليل .

كما أن الكميت تغزل (وأكثر من الغزل ولا سيما في مطالع هاشمياته على عادة الشعراء البداة في الجاهلية والإسلام ، ولكنه غزل فني مصنوع ، لا يصدر عن عاطفة مشبوبة أو هوى جامح ،  وإنما أغلبه يصنعه بحكم العادة والتقاليد الفنية التي كان الشعراء يتبعونها في تقديم الغزل أول القصائد بين أيدي الأغراض الأخرى ) (72) ، خلافا للأبيات التي اقتبسها عبد الرزاق والتي تعد من أجمل ما قيل في الغزل المطبوع وأرقه .

أما النص الشعري على لسان أم كلكامش  تخاطب فيه الإله نيسون وتصف به ولدها كلكامش ، والذي اقتبسه شاعرنا عبد الرزاق (73) ،  فلم يثر فيّ تأملا يذكر ، بقدر ما استوقفني وقوعه ثانيا بعد نص ابن خفاجة ، وقبل السياب ، ومن ثم الكميت ، هذا الترتيب غير المنطقي زمنيا ، والذي يعبر عن انتقالات مشوشة عبر الأزمان تعكس حالة التشظي الوجداني لدى الشاعر ، أو أنه كان مدركا لهذا الترتيب متخذا منه منطقا آخر غير الزمن ، فبتناصه مع قول ابن خفاجة يعبر عن فجيعته بفقده الخلان والأخوة والأصحاب ، وبتناصه مع النص الشعري الذي قيل على لسان أم كلكامش يعكس حالة الحزن المؤلم من الفراق الواقع بينه وبين والدته ، حتى أنه شبه نفسه بكلكامش ذلك الرجل الدائم الترحال بحثا عن المجد والخلود ، تاركا خلفه قلبا يتقطع ، خوفا عليه وشوقا إليه .

وبتناصه مع قول السياب يرثي نفسه لما ألم به من كل ذلك ، ثم بتناصه مع القول الذي نسبه إلى الكميت ، يودع كل حزنه الماضي على نفسه وعلى أهله وأصحابه بآخر فقد لآخر حبيب ، والذي لا أراه إلا الزوجة القريبة إلى نفسه ، والعزيزة على قلبه ، توأم الروح الذي ما كتب مجموعته الشعرية إلا من أجله ، فكان الختام من أبلغ ما يعبر عنه من انكسار النفس وفقد لذة الحياة .

إن الترتيب الذي اتخذه شاعرنا عبد الرزاق لهذه النصوص يعكس منطقا نفسيا واجتماعيا غالبا في النفس البشرية يتطابق إلى حد كبير مع قوله تعالى : ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته التي تؤويه ) (74)  فالنص القرآني هنا يناقش درجة القرابة للفرد ، وكيف يتخلى عنهم تباعا ، لهول يوم القيامة ولذهوله عن كل ما حوله ، فبدأ بالتخلي عن الأخ أولا ثم الأم والأب لأن الفرد أكثر التصاقا بهما من أخيه ، ثم عمن هو أكثر التصاقا من كل أحد وهي الزوجة ، وهكذا فعل الشاعر عن قصد أو غير قصد رتب النصوص المقتبسة بحسب حالته الانفعالية وبحسب درجة القرابة فكانت مطابقة للمنطق القرآني الدقيق .

 

المبحث الثاني: التناص الشعري في المتن الشعري لـ (ليل الأرمل)

استعمل الشاعر عبد الرزاق في متنه الشعري بعض المتلازمات اللفظية التي شاعت في شعر الشعراء القدامى ، والتي بقيت متلازمة عبر العصور والأزمان فوجدناها في شعر الإسلاميين والأمويين والعباسيين ، كما وجدناها عند المحدثين  ، فضلا عن الجاهليين ، كما في قصيدته التي عنونها بــ  (على حائط  “يوليوس قيصر ” ) وقد خصها للحديث عن أصدقائه الذين فارقوه ، بعضهم بسبب الموت وبعضهم بسبب  السفر ، وبعضهم بما يحمل من كبر وتعال حملاه على المقاطعة والبعاد  ، مما أثر في نفس شاعرنا ، مبينا أن الصداقة شيء سام وجميل يجلب النفع والراحة ، ولكنها في الوقت نفسه قد تأتي بثمار مرة تتمثل بالمضرة والألم لما يبديه الأصدقاء من جفوة وقسوة ، مختزلا قصيدته هذه بما اقتبسه من أقوال المتنبي : ” ومن الصداقة ما يضر ويؤلم ” (75) جاعلا هذا الشطر معلقا مجازا على حائط يوليوس قيصر الذي غدر به أصدقاؤه ، وتعرضه لمكيدة دبروها له على الرغم من حبه لهم وحرصه عليهم  ، ولوجود مناسبة بين بيت المتنبي وقصة يوليوس قيصر

والمتلازمات اللفظية ( ظاهرة لغوية عالية الإنتاجية تجعل لفظتين أو أكثر ،في توارد ما ، متلاصقتين ومتضامتين ومجتمعتين بشكل دائم لا يتغير ، وذلك راجع إلى الاستعمال التداولي الخاص لتلك المتلازمات ) (76) ، فلا ترد لفظة من تلك الألفاظ المتلازمة إلا وترد في ذهن المتلقي اللفظة الملازمة لها ، كالمتلازمات اللفظية  مثلا عابر سبيل ، وعيد الفطر ، وحسن الجوار ، وما إلى ذلك  و(يطلق على بعض المتلازمات اسم التأليفات الثابتة أو الصماء وهي توجد في منطقة بين الاسم والصفة أو الاسم والفعل .. ) (77)  .

قال عبد الرزاق (78)  :

طعنةٌ نجلاء

في القلب

وبرقٌ خلّبُ

أصدقائي

خارج التقويم

لما طـُلبوا

زرعوا الخنجر

في الوردة

ثم انسحبوا

وطعنة نجلاء : واسعة  (79)  ، وهي متلازمة متكونة من لفظين هما طعنة ، وهو اسم موصوف ونجلاء وهي صفة مشبهة على وزن فعلاء ، مشتقة من الباب الرابع فعلها نجِل ينجَل ، ومذكرها أنجلُ ، وقد استعمل المتلازمة اللفظية نكرة لمناسبة نصه المتنبي ، من باب الإخبار عن أصدقائه الذين هجروه ، مشبههم بتلك الطعنة الواسعة التي تأخذ من نفسه وروحه مأخذا كما تأخذ من جسده وسلامته ،  فكان تناصا جميلا ومؤثرا، وقد وجدناها لدى شعراء كثر، ولا شك أن ذلك متأت من قراءات شاعرنا المتنوعة ، التي استدعى بعضا مما يناسب نصه الشعري وتجربته الإنسانية فيه .

قال عنترة بن شداد من العصر الجاهلي (80):

قد أطعن الطعنة النجلاء عن عرض

تصفر كف أخيها وهو منزوف

وقال أبو محجن الثقفي من العصر الإسلامي  (81)  :

هل أطعن الطعنة النجلاء عن عرض

وأكتم السر فيه ضربة العنق

وقال ابن الرومي من العصر الأموي  (82)  :

ويطعن الطعنة النجلاء يتبعها

شخب درير إذا لاقى الحصى ضرحا

وقال أبو العلاء المعرّي  في رثاء والده (83)  :

نقمت الرضا حتى على ضاحك المزن

فلا جادني إلا عبوس من الدّجن

وليت فمي إن شاء سنى تبسمي

 فم الطعنة النجلاء تدمى بلا سن(84)

وقال الطغرائي  (85)   :

لا أكره الطعنة النجلاء قد شفعت

برشفة من نبال الأعين النجل

     و قال أحمد شوقي من العصر الحديث في مدح الخلفاء العرب القدامى  وجيوشهم (86)  :

الطَّعْنَةُ النَّجْلاَءُ تَحْكِى عِنْدَهُمْ

 طَرْفَاً غَضِيضَاً جَفْنُهُ مَكْحُولاَ

وفي النص نفسه تناص شعري  بنصوص سابقة أفاد الشاعر فيه من متلازمة أخرى جميلة ، فقد شبه أصدقاءه بالبرق الخلب، الذي تنتظر منه غيثا ورواء ، فلا تجد منه غير الخداع والخذلان ، وهو تشــبيه بليغ جاء بطريقة العطــف على الخبر (طعنة نجلاء) للمبتدأ أصدقائي ـ كما بينا ـ والبرق الخلب من المتلازمات التي لم ترد في الشعر فقط ، بل في النثر أيضا، مما يدل على كثرة استعمال هذه المتلازمة عند العرب ولا سيما أن المطر يعد شغل البدوي الشاغل ، فهو مصدر حياته وسبب ديمومته، يراقب السماء ويعرف ما يصدر منها من برق يرجى غيثه و يجلب رخاؤه  ، ومن برق خلب مخادع لا يجلب إلا الانكسار واليأس .

وقد جاءت هذه المتلازمة بشكلين : إما بوصف البرق بالخلب فيقال: برقٌ خلب وهو ما استعمله عبد الرزاق الربيعي ، أو بإضافة البرق إلى الصفة (الخلب ) ، فيقال : برقُ خلبٍ ، وهنا لا بد من تقدير مضاف إليه والأصل : برق سحابة خلب . 

وقد ورد في معجمات اللغة أن (البرق الخلب : الذي لا غيث فيه ، كأنه خادع يومض ، حتى تطمع بمطره ، ثم يخلفك . ويقال : برق الخلب ، وبرق خلب ، فيضافان ; ومنه قيل لمن يعد ولا ينجز وعده : إنما أنت كبرق خلب . ويقال : إنه كبرق خلب ، وبرق خلب ، وهو السحاب الذي يبرق ويرعد ، ولا مطر معه . والخلب أيضا : السحاب الذي لا مطر فيه ) (87)  .

ومنه حديث ابن عباس – رضي الله عنهم : ( كان أسرع من برق الخلب (  (88) 

ويقال في المثل : ( إنما هو كبرق خلب ، وبرق خلب بالإضافة ، وهو البرق الذي لا غيث معه، كأنه خادع ، والخلب أيضا السحاب الذي لا مطر فيه فإذا قيل برق الخلب فمعناه برق السحاب الخلب (89) . 

ومن الشعراء الذين وردت في شعرهم هذه المتلازمة، وبأشكال مختلفة ، النابغة الجعدي، وقد فصل بين اللفظين بحرف الجر من، ولصفة هذا النوع من البرق من خداع شبه به صفات بعض النسوة ، فكنى به عن خداعهن إذا وعدن وأخلفن، قال النابغة الجعدي من العصر لجاهلي (90)  :

ولست بذي مَلَقٍ كاذب

إلاقٍ كبرق من الخلب

فهم يجعلونه مثلا لكل شيء لا حقيقة له ، وقال: أبو الأسود الدؤلي من العصر الإسلامي لحوثرة بن سليم  (91)  :

لا يكن برقك برقاً خلباً 

إن خير البرق ما الغيث معه

وقال صالح عبد القدوس (92) يصف به غدر الزمان وووصل النساء في زمن الشيب :

وكذاك وصل الغانيات فإنه

آل ببلقعة وبرق خلبُ

وقد فضل الشاعر عبد الرزاق الربيعي أن يكون الخلب وصفا للبرق لأنه أبلغ من تقدير الإضافة ( برق سحابة خلب ) ، لالتصاق الصفة بالموصوف .

ومن المتلازمات اللفظية التي استعملها عبد الرزاق الربيعي والتي أفادها من الموروث الشعري القديم تركيب ( قعرُ مظلمةٍ ) التي جاءت عنده كما جاءت قديما بإضافة الاسم (قعر) إلى الصفة (مظلمة) ، قال في قصيدته جبل في سرير (93) التي تحدث فيها عن الإرهاب كيف ينال من البلدان والشعوب في غفلة من أمرها : 

بينما كان الجبل

يتنزه فوق سفوحه

انفجر لغم

فتدحرجت قامته

لتستقر في قعرِ مظلمةٍ

حيث للثعابين لحى

وسيوف باشطة

ورجال قوامون على الجنة

وهذه المتلازمة وردت كثيرا في الشعر كما وردت في النثر ولم ترد على القياس المألوف في أن الصفة تتبع الموصوف إعرابا وتذكيرا وتأنيثا إلا نادرا ، بل بتركيب مختلف تماما ، فالأصل (قعر بئر مظلمة)، فاستعملت بهذا التركيب بما يحوي من حذف وإضافة، فتدل ( قعر مظلمة ) على البئر على الحقيقة ، وقد تخرج دلالات مجازية بحسب  ما ترد فيه من سياق، فتدل على القبر مرة ، وعلى مكان السجن أخرى ، وهكذا ، وقد وردت بهذه المعاني في الشعر والنثر ، فمما قيل شعرا قول شيبة الحمد عبد المطلب بن عبد مناف ، وقد غصب نوفل بن عبد مناف أركاحا له أو ساحات ، بعد أن مات ناصره وحاميه المطلب  (94)  :

فغاب مطلب في قعر مظلمة

وقام نوفل كي يعدو على مالي .

وقول الحطيأة يخاطب الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض) وقد سجنه لهجائه الزبرقان : (95):

ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ

 زغب الحواصل لا ماء ولا شجر

ألقيت كاسبهم في قعر مظلمةٍ

فاغفر عليك سلام الله يا عمر

وقول عمر بن عبد العزيز وهو في جنازة إلى قوم قد تلثموا من الغبار والشمس وأحازوا إلى الظل فبكى وأنشد : (96):

من كان حين تصيب الشمس جبهته

أو الغبار يخاف الشين والشعثا

ويألف الظل كي تبقى بشاشته

 فسوف يسكن يوما راغما جدثا

في قعر مظلمة غبراء موحشة

 يطيل في قعرها تحث الثرى لبثا

تجهزي بجهاز تبلغين به

 يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثا

وقول دعبل بن علي الخزاعي وقد طلب حاجة إلى بعض الملوك فصرح بمنعه، فكتب إليه (97):

ثم ارم بي في قعر مظلمة

إن عدت بعد اليوم في الحمق

    ومما قيل نثرا ما ورد في خطبة الإمام علي عليه السلام: (أيها اللاهي الغارّ بنفسه، كأني بك وقد أتاك رسول ربك، لا يقرع لك بابا، ولا يهاب لك حجابا، ولا يقبل منك بديلا، ولا يأخذ منك كفيلا، ولا يرجم لك صغيرا، ولا يوقر فيك كبيرا، حتى يؤديك إلى قعر مظلمة، أرجاؤها موحشة، كفعله بالأمم الخالية والقرون الماضية! ) (98) .  

    والقعر يوصف بالظلمة ولكن على التذكير فيقال في القياس قعر مظلم ، ولو أضيف القعر إلى مظلم ، وقيل قعرُ مظلمٍ ، بإضافة الاسم إلى صفته ، لأصبح الحكم عليه بالخطأ لعدم جواز إضافة الموصوف إلى الصفة  ، جاء في عدم جواز إضافة الرقيق إلى صفته القوام : (عَلَى أَنَّ رَقِيقَ الْقَوَامِ خَطَأٌ لُغَةً لِمَا فِيهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إلَى الصِّفَةِ) (99)  ، ولكن ما سوغ قعرُ مظلمةٍ أن الصفة (مظلمة) ليست وصفا للقعر في الأصل بل هي وصف شيء مضاف إلى القعر ومقدر ، يقال مثلا قعر بئر مظلمة ، وهو مثل قولهم في زمزم بأنها طعامُ طَعْمٍ ، بمعنى طعام شيءٍ طعم، أي مُشبِع ، وما حكم على هذا التركيب ( طعام طعم ) بأنه من قبيل (إضافة الصفة إلى الموصوف) (100)  هو تعبير فيه تســــامح وتجوز كبيران، لأن الصفة في الحقيقة هي لاسم محذوف لا إلى الاســـــم المذكور في البداية، فلا بد إذن من تقدير وتأويل كما يقدر قولهم : صلاة الأولى وحبة الحمقاء ومســـجد الجامع  (101)  ، والتقدير يكون في صلاة الأولى: صلاة الساعة الأولى ، وفي حبة الحمقاء (102): حبة البقلة الحمقاء ، ومسجد الجامع : مسجد المكان الجامع (103)  ، وما يميز قعرُ مظلمة عن التراكيب المذكورة أن صفة الاسم المحذوف المضافة إلى الاسم الأول في تلك التراكيب جاءت مطابقة للاسم الأول في التذكير والتأنيث في حين أنها لم تأت مطابقة في التركيب المقتبس .

  وقال شاعرنا عبد الرزاق في المقطع التاسع من قصيدة (على جسر بزيبز) (104)  الذي صور لنا فيه حوارا بين مجموعة شخوص منهم الأب النازح الحائر في وجهته وفي إيصال أبنائه إلى بر الأمان ، والأم المستسلمة  ليأسها الواسع بسعة الخراب الممتد ، والشيخ الذي لا يملك في هذا الوضع المزري غير النصح والإرشاد ،كلهم في مقابل السياسي الذي لم يكن همه في هذا الظرف المؤلم سوى مصالحه الشخصية الضيقة ، متجاهلا  معاناة من انتخبه وأوصله إلى التحكّم في رقابهم عبر صناديق الاقتراع (105)  :

قالوا لبغداد ” أقصى ما يراد بنا

ثم القفول .. “

الأبُ :

ـ لنتجه حيث تضع الشمس أسمالها

الأم :

ـ أرض الخراب واسعة

العباس بن الأحنف :

ـ ” ما أقدرَ الله أن يدني على شحط .. “

الشيخ :

ـ الأفضل دائما

أن نودع أثقال الأيام في النهر

السياسي :

ـ لننم هانئين في ظلال صناديق الاقتراع .

    وقد أحدث شاعرنا عبد الرزاق لدى المتلقي صدمة مفاجئة بأن جعل شخصية شعرية تاريخية من ضمن تلك الشخوص المتزامنة  والحاضرة في قلب الحدث، هو العباس بن الأحنف جاعلا منه شخصية فاعلة ومحاورة ، يدعو في صدر بيت له إلى الإيمان بالله تعالى وبقدرته على رفع الغمة والحزن عنهم ، وعلى أن يدني البعيد ، على الرغم من انعدام بوادر واضحة لحل الأزمة التي يعانون منها:

مَا أَقْدَرَ اللَّهُ أَنْ يُدْنِي عَلَى شَحَط 

    وقد بدأ شاعرنا هذا المقطع أصلا بعبارة : (قالوا لبغداد ” أقصى ما يراد بنا ثم القفول .. ” ) وهي عبارة مستوحاة من قول العباس بن الأحنف نفسه والسابق للبيت : ما أقدر الله … ، جاء في كتاب الأغاني قوله (106) :

قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا

ثم القفول فقد جئنا خراسانا

ما أقدر الله أن يدني على شحط

سكان دجلة من سكان جيحانا   (107)

متى يكون الذي أرجو وآمله

أما الذي كنت أخشاه فقد كانا

عين الزمان أصابتنا فلا نظرت

وعذبت بصنوف الهجر ألوانا

    وأبياته هذه قالها شوقا إلى بغداد، وقد فارقها زمنا بعد خروجه إلى خراسان بصحبة الخليفة هارون الرشيد ، فطال مقامه بها ، ثم خرج إلى أرمينية ، فلما ركب الرشيد عارضه العباس في طريقه وأنشده تلك الأبيات ، فقال له الرشيد : (قد اشتقت يا عباس ! قد أذنت لك خاصة ، وأمر له بثلاثين ألف درهم ، وانصرف) ، فنزوح  أهل الأنبار إلى بغداد على قربه وعلى أمل العودة منه سريعا إلى محل سكناهم ، يراه أهلها دائما مقيما والعودة منه  بعيد المنال ، لذلك أحدث الشاعر عبد الرزاق موازنة بين الموقفين موقف أهل الأنبار وفراقهم لمنطقتهم وخوفهم من عدم العودة إلى محل إقامتهم ، وخروج العباس بن الأحنف إلى خراسان ، وشوقه العارم إلى موطنه بغداد ، لذلك جعله محاورا مهما على جسر بزيبز يمنيهم بالعودة الميمونة .

ومن التأملات التي يفرضها النص هنا مسألتان :

الأولى : ترجيح نسبة البيت : ما أقدر الله … إلى العباس بن الأحنف ، والنسبة مختلف فيها ، فقد قيل أنها للأحنف كما أكد الربيعي وكما ورد في كتاب الأغاني وغيره (108)   ، وقيل أنها لحندج بن حندج المري  (109) ،  ويبدو أن بت الربيعي بنسبة الأبيات إلى العباس ترجيح بلا مرجح ، بل أن أكثر كتب الأدب تذكر النسبة إلى حندج ، ولما لم يكن النص الشعري عموما نصا أو مؤلفا علميا ، فلا يمكن إلا أن نحيل نسبة الربيعي هذه إلى تفاعله مع العباس ، وقناعته بأنه هو من قالها، أو لأن شهرة العباس التي فاقت شهرة حندج أوقع في نفس المتلقي ، وأكثر تعلقا في ذاكرته، فآثرها الربيعي .

والأخرى: هي إيراد التعجب من صــفات الله تعالى على صيغة ما أفعله ، فيقال مثلا : ما أقدر الله وما أعظمه وما أجله ، وهكذا …، وقد وقع في ذلك خلاف بين الفريقين الكوفي والبصري على خلفية كون صــيغة التــعجب أفعل ،أهي اســم أم فعل ؟ .

      ذهب الكوفيون إلى أن صيغة أفعل للتعجب هي اسم لا فعل ، والبصريون ذهبوا إلى أنه فعل، ومن الأمور التي استدل بها الكوفيون على أنه اسم لا فعل أن قولهم ما أحسن زيدا على رأي البصريين بمعنى شيء أحسن زيدا ، وهذا مما لا يجوز مع الله وصفاته ، فلا يجوز أن يكون ما أحسن الله وما أقدر الله بمعنى شيء أحسنَ اللهَ وشيء أقدرَ اللهَ ، بجعل ما على قول البصريين بمعنى شيء في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية من الفعل أحسنَ أو أقدرَ ومعموليه الفاعل والمفعول به في محل خبر ، ولما كان الله يتصف بصفاته بنفسه لا بجعل جاعل أو فعل فاعل تعين كون  أفعل اسما لا فعلا (110)  .

     وذهب البصريون إلى أن أفعل فعل لا اســم وأن قولهم ما أعظـم الله وما أقدره ( معناه شيء أَعظم اللَّه أَي وَصفه بِالعظمة كما تقول عظَّمت عظيمًا، وَلِذلِك الشَّيء ثلاثة معانٍ: أَحدها أَن نعنِي بِالشَّيء مَن يُعَظِّمُه من عِبادِه. وَالثَّانِي أَن نَعنِي بِالشَّيْء مَا يدلُّ علَى عَظَمة اللَّهِ تعالَى وَقدْرَته مِن مَصْنوعَاتِه. وَالثَّالِث أَن نَعْنِي بِهِ نَفْسَه أَيْ أَنَّه عَظِيم لِنَفْسِه لَا لِشَيْء جَعَلَه عَظِيمًا، فَرْقًا بَيْنَه وَبَينَ غَيْره.) (111).  

   وهذا يعني أن المراد من التعجب من صفات الله ليس على (حقيقة التعجب لاستحالته عليه تعالى، فالمراد أنه أمر عظيم من شأنه أن يتعجب من أمثاله) (112) ، وهو كثير في كلام العرب ( فقد ارتضى أكثر أهل العربية كالمبرد والفارسي أنه جائز، وسئل ابن هشام عنه فكتب رسالة في جوازه ) (113)  .

 

الخاتمة:

ديوان عبد الرزاق الربيعي (ليل الأرمل) الصادر مؤخرا يحمل المتلقي على تأملات لغوية وأدبية عديدة ، فضلا عما يحققه له من  متعة وفائدة كبيرين ، وقد لمسنا التناص بأنواعه حاضرا بقوة في ديوانه ، ولا سيما التناص الشعري ، وقد سجل البحث على هامش هذا التناص عددا من الملاحظات الأدبية المتواضعة ، وجملة من التأملات اللغوية السريعة ، لعل أهمها ما يأتي :

  1. أحس الشاعر عبد الرزاق بقدرة الموروث الشعري القديم على التعبير عن همومه ومآسيه ، فسجل التناص الشعري  في مجموعته هذه حضوراً فاعلاً ، بل طاغيا ، في عنوانات قصائده كما في متونها  ، فأحدث هذا التناص مع ما اختزنه في ذاكرته من نصوص شعرية تتناسب وثيمة مجموعته الشعرية ، وهي الجدلية الأزلية في الحياة والموت ، التي جسدها أكثر ما يكون في قصيدته مكاشفات ، ناهيك عن سائر القصائد فيها ..
  2. بينا أن المقدمات قسم من العتبة التي تحيل إلى المتن وتسفر عن مدلولاته ، وقد ابتدأ عبد الرزاق مجموعته الشعرية بعد إهدائه الديوان إلى أحبائه الراحلين إلى الملكوت الأعلى بمختارات شعرية متباينة في العصور والأزمنة ، متفقة في مضمونها الذي يسفر عن الحزن العميق ، والألم المر من فقد الأحبة ، ومعبرة عن دهاليز تلك المجموعة ومضامينها .
  3. الاستفهام الوارد في بيت ابن خفاجة الذي اقتبسه شاعرنا :

فحتى متى أبقى ويظعن صاحب

أودّع منه راحلا غير آيبِ.

 خرج من معناه الحقيقي إلى معنى مجازي يحتمل التعجب من رحيل الأحبة وبقائه من بعدهم للحزن والأسى،  كما يحتمل الاستنكار من فكرة الموت التي لا تبقي له أحدا، ويحتمل أيضا الاستبطاء، فكأنما هو يرى الموت بطيئا في قدومه عليه، فيستعجله لذلك.

  1. استثنى ابن خفاجة في المعنى الراحل من الصاحب، بمن التبعيضية، وهو لا يستقيم إلا بكون الصاحب مفردا يراد به الجمع، وهو مما أجازه النحويون ووصفوه بالحمل على المعنى لوروده في الشعر كثيرا .
  2. آيب في بيت ابن خفاجة مشتق من آب يأوب إذا رجع ، أصله: آوِب، على وزن فاعل ، فاء الكلمة همزة ، ثم ألف فاعل ، ثم عين الكلمة الواو ثم لامها الباء ، قلبت عين الفعل همزة لأنها إذا وقعت بعد ألف فاعل قلبت همزة قياسا ، ثم إن الهمزة قلبت ياء لوجود الكسرة تخفيفا .
  3. اقتبس الربيعي أبياتا للسياب يخاطب بها الذات الإلهية بلفظة (هات) واختلف النحويون القدامى فيها : أهي فعل أمر أم اسم فعل أمر ؟ وقد أثبت البحث أنها اسم فعل أمر لا فعل أمر .
  4. عيب على السياب مخاطبة الذات الإلهية باسم فعل الأمر ( هات ) لأنه أوردها في سياق الاستهزاء والاستهانة بالذات الإلهية ، وهم محقون في ذلك ، فقد أثبت البحث بعد استقصاء النصوص التي ترد فيها اسم فعل الأمر عموما وهات خصوصا، أن هات لم ترد في نصوص دعائية قط ، كما أثبت أن اسم فعل الأمر فيه طاقة انفعالية أكبر من فعل الأمر ، لا تتوافر معها حدود بين المتكلم والمخاطب ، أو أنه لا يتطلب مع اسم فعل الأمر قدرا من التأدب والتحرج كما هي مع فعل الأمر الصادر من أدنى إلى أعلى ، وهذا ينسجم مع دلالتي الاستعلاء والالتماس ، ولا ينسجم مع الدعاء ، وكل الشواهد تؤكد ذلك .
  5. كما عيب على السياب مناداة الذات الإلهية بلفظة ( إله ) منكرة ، توظيفا للاستعلاء الذي لمسه القارئ في نصه الذي أوردها فيه، وإبرازا للتمرد ، إذ يتميز لفظ الجلالة عن غيره من الأسماء المعرفة بأل ، أن زيادة أل فيه زيادة لازمة لا يجوز حذفها بأي حال من الأحوال ، في النداء وغيره ، لقصر الألوهية على الله من دون سواه ، وحصر وجوب التعبد فيه ، وحذف أل منه سلب لصفاته المطلقة ، ومساواته بغيره من الآلهة المفترضة أو المتوهمة ، ولا يفسر بغير إنكاره للصفات الثابتة فيه من رحمة ورأفة وغيرها .
  6. يختم عبد الرزاق مختاراته الشعرية في المقدمة ببيتين نسبهما الكميت بن زيد الأسدي وهو :

ويلي من البين ماذا حل بي وبها

من نازل البين حل البين وارتحلوا .

ليت المطايا التي سارت بهم ضلعت

يوم الرحيل فلا يبقى لهم جمل .

وهما ليسا للكميت ، ولم تذكر المصادر الأدبية واللغوية لا من قريب ولا من بعيد أنها له .

  1. يبدو أن نسبة عبد الرزاق هذين البيتين إلى الكميت من تداعيات التناص الذي لم يفده من قراءاته للدواوين والأشعار ، بل من ثقافة العقل الجمعي الذي يعد عبد الرزاق جزءا لا يتجزأ منه بأي حال من الأحوال ، وما تعارف عليه ، لدى فئة ليست بالقليلة من مجتمعه العراقي ، وهو أن هذه الأبيات قيلت بعد واقعة الطف ومقتل الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه وسبي نسائه وحرائره ، وأن القصيدة كلها كناية عن هذه الواقعة المؤلمة ، والكميت هو الأقرب لهذه الموضوعات ولا سيما أن لديه ديوان الهاشميات .
  2. اختلف أصحاب الكتب والمؤلفات الأدبية في البيتين الذكورين وقد نسبوها إلى أكثر من شخص ولم تثبت لأحد على وجه اليقين .
  3. جمع عادل العامل شعر ماني الموسوس في مؤلف بعنوان شعر ماني الموسوس وأخباره ، وقد ضمنه البيتين ، وقد استنتج خطأ أنها له ، مستفيدا مما رواه السري الرفاء في كتابه المحب والمحبوب من أبيات أخرى كانت متلازمة في روايتها مع ( لما أناخوا .. ) وقد نسبها إلى ماني الموسوس ، مع العلم أن السري الرفاء لم يذكر الأبيات ( لما أناخوا .. ) ولم ينسبها لماني الموسوس أصلا .
  4. إن الترتيب الذي اتخذه شاعرنا الجميل للنصوص المقتبسة في مقدمة الديوان والتي جاءت في النص الأول على لسان الأخ والصديق ، والآخر على لسان الأم ، والثالث على لسان الحبيب ـ باستثناء نص السياب الذي يتحدث عن نفسه ـ يعكس منطقا نفسيا واجتماعيا غالبا في النفس البشرية يتطابق إلى حد كبير مع قوله تعالى : ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته التي تؤويه ) فالنص القرآني هنا يناقش درجة القرابة للفرد ، وكيف يتخلى عنهم تباعا ، لهول يوم القيامة ولذهوله عن كل ما حوله ، فبدأ بالتخلي عن الأخ أولا ثم الأم والأب لأن الفرد أكثر التصاقا بهما من أخيه ، ثم عمن هو أكثر التصاقا من كل أحد وهي الزوجة ، وهكذا فعل الشاعر عن قصد أو غير قصد رتب النصوص المقتبسة بحسب حالته الانفعالية وبحسب درجة القرابة فكانت مطابقة للمنطق القرآني الدقيق .
  5. استعمل الشاعر عبد الرزاق في متنه الشعري بعض المتلازمات اللفظية التي شاعت في شعر الشعراء القدامى والتي بقيت متلازمة عبر العصور والأزمان فوجدناها في شعر الإسلاميين والأمويين والعباسيين، كما وجدناها عند المحدثين، فضلا عن الجاهليين ، نحو: طعنةٌ نجلاء ، و برقٌ خلب ، وقعرُ مظلمةٍ ، وقد أفاد شاعرنا من تلك المتلازمات اللفظية التي تعد ظاهرة لغوية عالية الإنتاجية تجعل لفظتين أو أكثر ،في توارد ما ، متلاصقتين بشكل دائم لا يتغير ، بالاستعمال التداولي لها .
  6. أحدث شاعرنا الجميل لدى المتلقي صدمة مفاجئة بأن جعل شخصية شعرية تاريخية من ضمن الشخوص متزامنة والحاضرة في قلب الحدث في قصيدته على جسر بزيبز ، هو العباس بن الأحنف جاعلا منه شخصية فاعلة ومحاورة .
  7. نسب الربيعي صدر البيت : ما أقدر الله أن يدني على شحط ، إلى العباس بن الأحنف ، وهو مما اختلف في نسبته في كتب اللغة والأدب ، فقد قيل أنها للأحنف كما أكد الربيعي وكما ورد في كتاب الأغاني وغيره ، وقيل أنها لحندج بن حندج المري، ويبدو أن بت الربيعي بنسبة الأبيات إلى العباس ترجيح بلا مرجح ، بل أن أكثر كتب الأدب تذكر النسبة إلى حندج ، ولما لم يكن النص الشعري عموما نصا أو مؤلفا علميا، فلا يمكن إلا أن نحيل نسبة الربيعي هذه إلى تفاعله مع العباس ، وقناعته بأنه هو من قالها ، أو لأن شهرة العباس التي فاقت شهرة حندج أوقع في نفس المتلقي ، وأكثر تعلقا في ذاكرته ، فآثرها الربيعي .
  8. التعجب بقدرة الله في البيت المنسوب إلى العباس بصيغة أفعل التعجب محل خلاف بين البصريين والكوفيين ، فكلاهما يجيز البيت ولكنهما يختلفان في تقدير أفعل التعجب فيه ، أو في إيراد التعجب من صفات الله تعالى على صيغة ما أفعله ، فيقال مثلا : ما أقدر الله وما أعظمه وما أجله ، وهكذا … ، وقد وقع هذا الخلاف على خلفية كون صيغة التعجب أفعل ،هي اسم أو فعل ؟ إذ ذهب الكوفيون إلى أن صيغة أفعل للتعجب هي اسم لا فعل مستدلين على ذلك بأن قولهم ما أحسن زيدا على رأي البصريين بمعنى شيء أحسن زيدا ، وهذا مما لا يجوز مع الله وصفاته ، فلا يجوز أن يكون ما أحسن الله وما أقدر الله بمعنى شيء أحسنَ اللهَ ، وشيء أقدرَ اللهَ ، بجعل ما على قول البصريين بمعنى شيء في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية من الفعل أحسنَ أو أقدرَ ومعموليه الفاعل والمفعول به في محل خبر ، ولما كان الله يتصف بصفاته بنفسه لا بجعل جاعل أو فعل فاعل تعين كون  أفعل اسما لا فعلا ، وذهب البصريون إلى أن أفعل فعل لا اسم وأن قولهم ما أعظم الله وما أقدره مَعْنَاهُ شَيْءٌ أَعْظَمَ اللَّهَ أَيْ وَصَفَهُ بِالْعَظَمَةِ كَمَا تَقُولُ عَظَّمْت عَظِيمًا، وهذا يعني أن المراد من التعجب من صفات الله ليس على  حقيقة التعجب لاستحالته عليه تعالى، فالمراد أنه أمر عظيم من شأنه أن يتعجب من أمثاله ، وهو كثير في كلام العرب .
  9.  

قائمة المصادر والمراجع:

(1) غروس ، ناتالي بيقي ، مدخل إلى التناص ،  ترجمة وتحقيق : عبد الحميد بورايو ، الناشر دار نينوى للدراسات والتوزيع والنشر، ط1  : 13

2) ) الماضي ، د. شكري ، ما بعد البنيوية  حول مفهوم التناص ، المعرفة السورية ، مجلة ثقافية شهرية ،  وزارة الثقافة بدمشق، العدد : 353 ، شباط : 1993 م : 94 .

3) ) ما بعد البنيوية  حول مفهوم التناص : 94 .

4) ) المصدر نفسه : 99 .

5) ) مدخل إلى التناص : 1 .

6) ) واصل ، عصام حفظ الله ، التناص التراثي في الشعر العربي المعاصر ، دار غيداء للنشر والتوزيع ، ط1 ، 2011 م  : 23 .

7) ) الحضرمي ، طه حسين ، المنظور الروائي في روايات علي أحمد باكثير ، رسالة ماجستير، كلية التربية ، المكلاء ، جامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا ، 2005 م : 29 .

8) ) التناص التراثي في الشعر العربي المعاصر : 18 .

9) ) منصر ، نبيل ، الخطاب الموازي للقصيدة العربية المعاصرة ، دار توبقال للنشر ، المغرب ، ط1 ، 2007 م : 25 ـ 26  .

10) ) حمداوي ، د. جميل ، السيميوطيقيا والعنونة : ، عالم الفكر ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والأدب والفنون والآداب ، دولة الكويت ، مج : 25 ، ع : 3 ، يناير / مارس ، 1997 م : 102 ـ 103 ، و التناص التراثي في الشعر العربي المعاصر : 36 .

11) ) لحمداني ، حميد ، عتبات النص الأدبي ( بحث نظري ) علامات في النقد ، النادي الثقافي الأدبي بجدة ، السعودية ، ع12 ، ج46 ، مج : 12 ، ديسمبر : 2002 م : 23 .

 12)  التناص التراثي في الشعر العربي المعاصر : 37 .

13) )  المصدر نفسه : 37 .

14) ) ابن خفاجة ، إبراهيم بن أبي الفتح بن عبد الله  الهواري الأندلسي  ( ت 533 هـ )  ديوان ابن خفاجة ، شرحه وضبط نصوصه وقدم له : د. عمر فاروق الطباع ، بيروت ـ لبنان ، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع : 49 ، والبيت الذي اقتبسه الشاعر عبد الرزاق الربيعي في صفحة : 9 من ليل الأرمل ، الصادر عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان ، كتاب نزوى ، الإصدار الرابع والثلاثون ، أبريل ، 2017 م . 

15) ) ضيف ، أحمد شوقي عبد السلام ( الشهير بشوقي ضيف ) ،  الفن ومذاهبه في الشعر العربي ،  دار المعارف بمصر ، ط12: 447  .

16) ) الكناني ، د. عارف ، ابن خفاجة الصارخ بالأجداث ، جريدة الاتحاد ، تاريخ النشر : الخميس ، 27 يوليو ، 2013 م ،  http://www.alittihad.ae/details.

17) ) ابن خفاجة الصارخ بالأجداث ،  ومن حديثه على لسان الموتى ما كتب على بعض القبور:

خليلي هل من وقفة بتألم

على جدثي أو نظرة بترحم

خليلي هل بعد الردى من ثنيّة

وهل بعد بطن الأرض دار مخيم

وهي مقطوعة طويلة ، ابن الأبار، محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي (ت  658هـ) ، تحفة القادم  ، أعاد بناءه وعلّق عليه: الدكتور إحسان عباس ،  دار الغرب الإسلامي ، ط1،  1986 م : 25 ، وذكر في كتب التراجم أنه ( كان يخرج من جزيرة شقر، وهي كانت وطنه، في أكثر الأوقات إلى بعض تلك الجبال التي تقرب من الجزيرة وحده، فكان إذا صار بين جبلين نادى بأعلى صوته يا إبراهيم تموت، يعني نفسه، فيجيبه الصوت، ولا يزال كذلك حتى يخر مغشياً عليه ) : الضبي ، أحمد بن يحيى بن أحمد بن عميرة، أبو جعفر (ت  599هـ) ،  والضبي ، أحمد بن يحيى بن أحمد بن عميرة ( ت 599 هـ ) ، بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس ، تحقيق : إبراهيم الأبياري  ، دار الكاتب المصري  – القاهرة ، دار الكتاب اللبناني ، بيروت ، 1989 م : 265 ــ 266  .

 18) ابن خفاجة الصارخ بالأجداث  .

19) ) ذكرت دلالة الاستبطاء في الإيضاح في علوم البلاغة  محمد بن عبد الرحمن بن عمر، أبو المعالي، جلال الدين القزويني الشافعي، المعروف بخطيب دمشق ( ت  739هـ ) ، تح : محمد عبد المنعم خفاجي ،  دار الجيل – بيروت ، ط3  : 3/ 69 .

20) ) سيبويه ، عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر، الملقب سيبويه (ت 180هـ) ، الكتاب ، تح  : عبد السلام محمد هارون ،  مكتبة الخانجي، القاهرة ، ط3 ،  1988 م : 1/ 209   .

21) ) المبرد ، محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمــالى الأزدي ، أبو العباس، المعروف بالمبرد (ت  285هـ) ،  المقــتضب ، تح : محمد عبد الخالق عظيمة،  عالم الكتب. – بيروت : 2/ 173 .

22) ) الفحل ، علقمة  بن عَبَدة بن ناشرة بن قيس) ت نحو 20 ق.هـ(، ديوان علقمة الفحل بشرح الأعلم الشنتمري ، تح : لطفي الصقال ، ورية الخطيب ، راجعة د. فخر الدين قباوة ، دار الكتاب العربي بحلب ، ط1 ، 1969 م  : 40 .

23) ) السيرافي ،  يوسف بن أبي سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان أبو محمد (ت  385هـ) ، شرح أبيات سيبويه ، تح : الدكتور محمد علي الريح هاشم ، راجعه: طه عبد الرءوف سعد ،  مكتبة الكليات الأزهرية، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة – مصر ،  1974 م : 1/ 93 .

24) )  ابن جني ، أبو الفتح عثمان الموصلي (ت 392هـ) ، الخصائص ، الهيأة المصرية العامة للكتاب ، ط4 : 2 / 362 .

25) )  الأزهري ، محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي ، أبو منصور (ت  370هـ ) ،  تهذيب اللغة ، تح: محمد عوض مرعب ،  دار إحياء التراث العربي – بيروت ، ط1 ، 2001م : 15 / 435 .

26) ) ابن الأبرص ، أبو زياد عبيد ، ديوان عبيد بن الأبرص ، شرح أشرف أحمد عدرة ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ط1 ، 1994 م  : 22

27) )  السياب ، بدر شاكر ، ديوانه ، دار العودة ، طبعة ، 1971 م :  706 ، والأبيات المقتبسة في ليل الأرمل : 9 .

28) )  الغامدي ، د. سعيد بن ناصر ، الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها دراسة نقدية شرعية ، دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع ، جدة  ، ط1 ، 2003 م : 669.

(29)  السياب،  بدر شاكر ، دراسة في حياته وشعره ، دكتور إحسان عباس ( ت 1424 هـ ) ، ط4 ، 1978 م ، دار الثقافة ، بيروت ـ لبنان :  374   

(30) منزل الأفنان: سفر أيوب .

(31) الفراهيدي ، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري ( ت 170 هـ ) ، العين ، تح : د. مهدي المخزوي ، ود. إبراهيم السامرائي ، دار ومكتبة الهلال : 4/ 80 . 

32) ) المصدر نفسه   : 8 / 146 .

33) ) الكتاب : 1/ 241 .

34) ) ابن يعيش ، يعيش بن علي بن يعيش ابن أبي السرايا محمد بن علي، أبو البقاء، موفق الدين الأسدي الموصلي، المعروف بابن يعيش وبابن الصانع (ت 643هـ)  ، شرح المفصل ، قدم له: الدكتور إميل بديع يعقوب ، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان ، ط1 ، 2001 م :  9/ 30.

35) ) ابن هشــام ، عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن يوسف، أبو محمد، جمال الدين  ( ت 761هـ ) ،  شرح قطر الندى  ، تح : محمد محيى الدين عبد الحميد ،  القاهرة ، ط11 ، 1383هـ : 31 ، و الصاعدي ، عبد الرزاق بن فراج الصاعدي ، موت الألفاظ في العربية ،  الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، طبعة: السنة التاسعة والعشرون. العدد السابع بعد المائة ، 1419هـ): 429 .

36) ) العكبري ،  أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله البغدادي محب الدين (ت  616هـ) ، اللباب في علل البناء والإعراب، تح : د. عبد الإله النبهان ، دار الفكر – دمشق ، ط1 ، 1416هـ 1995م : 2/ 91 .

37) ) الأنباري ، أبو بكر، محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن (ت  328 هـ) ، المذكر والمؤنث  ، تح : محمد عبد الخالق عضيمة ، مراجعة: د. رمضان عبد التواب ،  جمهورية مصر العربية – وزارة الأوقاف – المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية – لجنة إحياء التراث ،  1981 م : 2/ 331.

38) ) الخصائص : 1/ 278 .

39) ) البياتي ، ظاهر شوكت ،  أدوات الإعراب ،    مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان ، ط1،  2005 م :  260.

40) ) المقتضب : 3/ 202 ، و ابن السكيت ، أبو يوسف يعقوب بن إسحاق (ت 244هـ) ، إصلاح المنطق ،  تح : محمد مرعب ،  دار إحياء التراث العربي ، ط1 ،  1423 هـ , 2002 م :  208.

41) ) المقتضب : 3/ 203.

42) ) موت الألفاظ في العربية :  1: 429.

43) ) الأحزاب: الآية :18.

44) ) الأنعام: الآية :150.

45) ) إصلاح المنطق : 208 .

46) ) ابن فارس ،  أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (ت 395هـ) الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها ،  محمد علي بيضون ، ط1، 1997م : 129.

47) ) الصبان ،  أبو العرفان محمد بن علي الشافعي (ت  1206هـ) حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك  ،  دار الكتب العلمية بيروت-لبنان ، ط1 ، 1997م : 1/ 67.

48) ) المرادي ، : أبو محمد بدر الدين حسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ  المصري المالكي (ت 749هـ) ، توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك ،  شرح وتحقيق : عبد لرحمن علي سليمان ، دار الفكر العربي ، ط1 ،  2008م : 1 / 294 .

49) ) حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفية ابن مالك :1/ 67 ، والرواني في النص هو : أبو عبيد الله شمس الدين محمد بن سليمان الروداني الفاسي المكي ( هـ 1037 ت )   علامة محدث وعالم رياضي وفلكي ترك مؤلفات عن دراسة علوم اللغة والشريعة ففي علوم العربية ، وصنف كتاب حاشية على التسهيل في النحو ، وكتاب مختصر تلخـيص المفتاح في المعاني وشرحه . كما صنف في العلوم الشرعية كتاب جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد في الجمع بين الكتب الخمسة والموطأ https://ar.wikipedia.org/wiki/الروداني.

50) ) حسان ، تمام ، اللغة العربية معناها ومبناها تمام حسان عمر ،  عالم الكتب ، ط5 ، 2006م : 113.

51) ) سورة البقرة، الآية : 111.

52) ) الدينوري ،  أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة  (ت  276هـ) ، غريب الحديث ، تح : د. عبد الله الجبوري ، مطبعة العاني – بغداد ، ط1 ، 1397: 1/ 467.

53) ) ابن الأثير ، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ( ت  606هـ )، النهاية في غريب الحديث والأثر   تح : طاهر أحمد الزاوى – محمود محمد الطناحي،  المكتبة العلمية – بيروت، 1399هـ – 1979م : 1/ 432.

54) ) ابن دريد ،  أبو بكر محمد بن الحسن  الأزدي (ت 321هـ) ، جمهرة اللغة ،  تح : رمزي منير بعلبكي ،  دار العلم للملايين – بيروت ، ط1 ،  1987م : 1/ 317، والشظاظين : جمع الشِّظاظُ ، وهو شبيةٌ بالخلالِ تجمعُ بهِ عروتَا العِدلين الذين يحملان به الحمل على البَعيرِ ، والمربعة : عَصا قَصِيرَة يَأْخُذ الرّجلَانِ بطرفيها فَيحمل بهَا العكم على ظهر الدَّابَّة ،   والوسق : وزن خَمْسمِائَة رَطْل.، والجلنفعة : الجافية الغليظة .

55) ) ابن سيده ، أبو الحسن علي بن إسماعيل ه المرسي ( ت 458هـ ) ، المحكم والمحيط الأعظم  ،  تح : عبد الحميد هنداوي ،  دار الكتب العلمية – بيروت ، ط1 ،  2000 م :  1/ 139 ، و 8/ 47 ،  وشفر : نقص وقلّ . 

56) ) ابن سيده ، أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي ( ت: 458هـ (:  المخصص ،  تح : خليل إبراهيم جفال ، دار إحياء التراث العربي – بيروت ، ط1،  1996م  : 5/ 220 .

57) ) ليل الأرمل : 9

58) ) وقد راجعت أغلب هذه الكتب ، فضلا عن ديوان الكميت نفسه ، ولم أجده في تلك الكتب ولا في ديوانه ،  لا في ما نسب إليه صحيحا ، ولا في ما نسب إليه مشكوكا ، وما إلحق به من الهاشميات .

59) ) ابن الجوزي ، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد  (ت 597هـ) ، ذم الهوى تح : مصطفى عبد الواحد ، مراجعة: محمد الغزالي  : 535 ـ  537، تاريخ دمشق لابن عساكر (56/ 248 ـ  249) ، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت 597هـ) ، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك ، تح: محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا ، دار لكتب العلمية، بيروت ، ط1، 1412 هـ – 1992 م :  19 ، وابن كثير ،   أبو الفداء إسماعيل بن عمر القرشي البصري ثم الدمشقي (ت 774هـ) البداية والنهاية ، تح: علي شيري ،  دار إحياء التراث العربي ، ط1،  1988 م ، : 11/ 91 . ابن الحسين السراج ، جعفر بن أحمد  أبو محمد (ت  500هـ) ، مصارع العشاق ،  دار صادر، بيروت : 1/ 22 – 23.

60)) معجم الشعراء العرب (ص: 1961، بترقيم الشاملة آليا.

 http://shamela.ws/index.php/book/2114

61) ) الذهبي ،  شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان (ت 748هـ ( ،  تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام  ، تح : عمر عبد السلام التدمري ،  دار الكتاب العربي، بيروت ، ط2 ،  1993 م : 17/ 427

62) ) معجم الشعراء العرب : 1961، بترقيم المكتبة الشاملة آليا.

63) ) العامل ، عادل ، شعر ماني الموسوس وأخباره  ، محمد بن القاسم المصري ( ت 245 هـ ) ، جمع وتحقيق ، منشورات وزارة الثقافة ، في الجمهورية العربية السورية ، دمشق ، ط1،    1988 م :   36 ـ 37

64) ) شعر ماني وأخباره : الهامش 1 من الصفحة  37 .

65) )  الرفاء ،  السري بن أحمد بن السري الكندي (ت 366هـ) ،  المحب والمحبوب والمشموم والمشروب ،  السري الرفاء ( 366 هـ ) ، مجمع اللغة العربية / دمشق ، 1986م : : 45 .

66) ) قيل هو عبد الله بن عبد العزيز السامري : ذم الهوى : 534 ، وقيل المبرد : ذم الهوى : 536ـ 537 ، وقيل بعضهم : ثمرات الأوراق (مطبوع بهامش المستطرف في كل فن مستظرف للشهاب الأبشيهي) ، ابن حجة الحموي، تقي الدين أبو بكر بن علي (ت 837هـ) ،  مكتبة الجمهورية العربية، مصر :2/ 287 .

67) ) شعر ماني الموسوس وأخباره : 36 ـ 37 ، وقال انفرد السري الرفاء في كتابه المحب والمحبوب القطعة 86 ، بنسبة هذا الشعر لماني الموسوس ، بينما أوردته مصادر التراث منسوبا لمجنون   .

68) ) ذم الهوى : 536 ـ  537 .

69) ) دياب الأتليدي ، محمد ( ت : ق 12هـ) نوادر الخلفاء = إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس ،  تح : محمد أحمد عبد العزيز سالم ،  دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان ، ط1،  2004 م : 99.

70) ) الأنطاكي ، داود بن عمر، المعروف بالأكمه (ت 1008هـ) ، تزيين الأسواق في أخبار العشاق : 91 .

71) ) كما هو في كثير من مصادر الأدب .

72) ) الكميت ، ديوان الكميت بن زيد الأسدي ، جمع وشرح وتحقيق : د. محمد نبيل طريفي ، دار صادر ـ بيروت ، ط1 ، 2000 م :  : 10.

(73) ليل الأرمل : 23.

74) ) عبس : 34 .

75) ) والبيت :  ومن العداوة ما ينالك نفعه   ومن  الصداقة ما يضر ويؤلم  ،   ديوان المتنبي  572 . دار بيروت للطباعة والنشر ، بيروت ، 1983 م .

76) ) ابن الرومي ، ديوان ابن الرومي ، شرح : الأستاذ أحمد حسن بسج ، منشورات محمد علي بيضون ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ، ط3 ، 2002 م : 1/ 3

77) ) غازي ، عز الدين ، المتلازمات في اللغة العربية و معالجتها في القواميس الثنائية اللغة ،  الحوار المتمدن – العدد: 2039 – 2007 / 9 / 15.

78) ) ليل الأرمل : 23 .

79) ) الأزهري ، محمد بن أحمد الهروي، أبو منصور (ت 370هـ ) ، تهذيب اللغة ، تح : محمد عوض مرعب ،  دار إحياء التراث العربي – بيروت ، ط1 ، 2001م .

80) ) العبسي ، عنترة بن شداد بن معاوية بن قراد ،  ديوان عنتر ، مطبعة الآداب لصاحبها أمين الخوري ، بيروت ،   ط4 ، 1893 م: 53 .

81) ) الغزنوي ، محمود بن أبي الحسن (علي) بن الحسين النيسابورىّ  أبو القاسم، الشهير بـ (بيان الحق) (ت  بعد 553هـ) ،  باهر البرهان فى معاني مشكلات القرآن   ،  ، تح :  (رسالة علمية): سعاد بنت صالح بن سعيد بابقي ،  جامعة أم القرى – مكة المكرمة حرسها الله تعالى ،  1998 م :2/ 970 ، ابن الطقطقي ،  محمد بن علي بن طباطبا المعروف (ت 709هـ) ، الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية  ، تح : عبد القادر محمد مايو ،  دار القلم العربي، بيروت، ط3 ،  1997 م : 67، الضبي ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ حَيَّانَ بْنِ صَدَقَةَ  البَغْدَادِيّ, المُلَقَّب بِـ”وَكِيع” (ت 306هـ) ،  أخبار القضاة  ، تح : صححه وعلق عليه وخرّج أحاديثه: عبد العزيز مصطفى المراغي ، المكتبة التجارية الكبرى، بشارع محمد علي بمصر لصاحبها: مصطفى محمد، ط1 ، 1947م  : 3/ 21 . وقيل تأبط شرا ؟ ثابت بن جابر .

82) ) ديوان ابن الرومي 1/ 379 .

83) ) المعري ، أبو العلاء ،  ديوان سقط الزند ، دار بيروت للطباعة والنشر ـ دار صادر للطباعة والنشر ، بيروت ، 1957 م :  13.

84) ) إعراب القرآن وبيانه  : 10/ 566 .

85) ) الدَّمِيري  ، كمال الدين، محمد بن موسى بن عيسى بن علي أبو البقاء الشافعي (ت  808هـ) شرح لامية العجم (وهو مختصر شرح الصفدي المسمى الغيث المسجم) ، تح : الدكتور جميل عبد الله عويضة ، 2008م : 5 .

86) ) الحمداني ،  ياسر بن أحمد بن محمود بن أحمد بن أبي الحمد الكويس  ، موسوعة الرقائق والأدب  : 1517 بترقيم الشاملة آليا) .

87) ) ابن منظور ، محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين الأنصاري الرويفعى الإفريقى (ت 711هـ ) ، لسان العرب ،   دار صادر – بيروت ، ط3  – 1414 هـ : ( خلب ): 1/ 364  ، الزبيدي ، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض ( ت 1205هـ) ، تاج العروس من جواهر القاموس ،  تح : مجموعة من المحققين ،  دار الهداية : 25 / 71 .

88) ) لسان العرب ( خلب ) : 1 / 364 .

89) ) الميداني  ، أبو الفضل أحمد بن محمد بن إبراهيم ( ت 518هـ ( ، مجمع الأمثال ، تح : محمد محيى الدين عبد الحميد ،  دار المعرفة – بيروت، لبنان :  1/ 28 ،  و الزمخشري ، المستقصى : 2 / 214 ، والعبدري : التمثال : 2 / 503 ، والأمثال العربية والعصر الجاهلي : 199 . 

90) ) الجعدي ، قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة ( 50 هـ )  ، ديوان النابغة الجعدي ، جمعه وحققه وشرحه : د. واضح الصمد ، دار صادر ، بيروت ، ط1 ، 1998م  : 41 ، والملق : اللطــف الشديد والود ، والإلاق : البرق الكاذب الذي لا مطر فيه ، والبرق الخلب : مثله .

91) )  الدؤلي ، أبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل ( ت 969 هـ ) ، ديوان أبي الأسود الدؤلي صنعة أبي سعيد الحسن  السكري ( ت 290 هـ ) ، تح : الشيخ محمد حسن آل ياسين ، دار ومكتبة الهلال ، ط2 ، 1998 م  : 83 . . .

92)) الدميري ، أبو البقاء محمد بن موسى بن عيسى بن علي  (ت 808هـ) ، حياة الحيوان الكبرى: دار الكتب العلمية، بيروت ، ط2،  1424 هـ :  1/ 50 .

93) ) ليل الأرمل : 55 .

94) ) الماوردي ، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي (ت 450هـ)،  دار ومكتبة الهلال – بيروت ، ط1  1409 هـ : 194 ، النجدي ، محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي ( ت 1206هـ) ، وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد – المملكة العربية السعودية ، ط1 ، 1418هـ : 62 ، البغدادي ،  محمد بن حبيب بن أمية بن عمرو الهاشمي، بالولاء، أبو جعفر ( ت 245هـ) ، تح : خورشيد أحمد فاروق ،  عالم الكتب، بيروت، ط1 ،  1985 م : 84 ، البلاذري ، أحمد بن يحيى بن جابر بن داود ( ت 279هـ) ، جمل من أنساب الأشراف ،  تحقيق: سهيل زكار ورياض الزركلي ،  دار الفكر – بيروت ، ط1 ،  1996 م : 1/ 69.

95) ) الحطيأة  ، جرول بن أوس العبسي ، ديوان الحطيأة برواية وشرح ابن السكيت ( ت 246 هـ ) ، دراسة وتبويب : د. مفيد محمد قميحة ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ، ط1 ، 1993 م :   11، ، و 107 ـ 108

96) ) ابن كثير ، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (ت 774 هـ ) ،  البداية والنهاية ،  تح : علي شيري ، إحياء التراث العربي ، 1988 م : ، 9 / 230 .

97) ) الخزاعي ، دعبل بن علي ، ديوان دعبل  ، شرحه حسن بن حمد ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ط 1 ، 1994 م  : 168 ، ابن عبد ربه ، أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد ( ت 328هـ ) ،  دار الكتب العلمية – بيروت ، ط1 ،  1404 هـ  :6/ 149 .

98) ) العقد الفريد  : 4/ 158 ، شيخو ، رزق الله بن يوسف بن عبد المسيح بن يعقوب ( ت  1346هـ ) ، مجاني الأدب في حدائق العرب ، مطبعة الآباء اليسوعيين، بيروت ،  1913م :5/ 34 .

99) )  المطرزي ، ناصر بن عبد السيد أبى المكارم ابن على، أبو الفتح، برهان الدين الخوارزمي ( ت 610هـ) ،   تاريخ المغرب في ترتيــب المعرب ،  دار الكـتاب العربي : 397 .

100) ) تاج العروس :33  / 19.

101) ) ابن هشام ، عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن يوسف، أبو محمد، جمال الدين، ( ت 761هـ ) ،  أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ، تح : يوسف الشيخ محمد البقاعي ،  دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع : 3/ 91.

102) )  الحمقاء : هي المسماة بـ”الرجلة” ووصفت بالحمق مجازا؛ لأنها تنبت في مجاري السيول، فيمر السيل بها فيقطعها فتطؤها الأقدام. =

103) ) الأزهري ، خالد بن عبد الله بن أبي بكر بن محمد الجرجاويّ الأزهري، زين الدين المصري ( ت 905هـ) ، شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو ،  دار الكتب العلمية -بيروت-لبنان ، ط1 ،  2000م : 2/ 33.

104) ) ليل الأرمل : 66  و جسر بزيبز : جسر يربط محافظتي الأنبار وبغداد أصبح شاهدا على أكبر نزوح جماعي بعد سيطرة داعش على الرمادي يوم الأحد 17 مايو 2015 .

105) ) ليل الأرمل : 66 .

106) ) الأصفهاني ،  أبو الفرج العلي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم االمرواني الأموي 284ت(هـ ) ، الأغاني ، تح : سمير جابر   ، دار الفكر – بيروت ، ط2:   8/ 388 .

107) ) وقد روي العجز برواية أخرى هي :  مَنْ دَارُهُ الْحُزْنُ مِمَّنْ دَارُهُ الصُّوَلُ ، الزركشي ،  أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر ( ت 794هـ) ، تح  : محمد أبو الفضل إبراهيم، ط1 ،  1957 م : 2/ 318، الأنباري ، عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري، أبو البركات، كمال الدين ( ت 577هـ) ، الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين ،  المكتبة العصرية، ط1 ،  2003م  : 1/ 119 ،  وجيحان: نهر بالمصيصة بالثغر الشامي، ومخرجه من بلاد الروم ويمر حتى يصب بمدينة تعرف بكفر بيّا بإزاء المصيصة.

108) ) انظر الأغاني : 8/ 388 ، الجرجاني ، أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد ( ت  471هـ ) ، دلائل الإعجاز في علم المعاني ، تح : د. عبد الحميد هنداوي ،  دار الكتب العلمية – بيروت ، ط1 ،  2001 م : 65  ، الحموي ، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي ( ت 626هـ )  ، معجم البلدان ، دار صادر، بيروت ، ط2 ، 1995 م : 2/ 353 .

109) ) المرزوقي ، أبو علي أحمد بن محمد بن الحسن الأصفهاني ( ت 421 هـ ) ، شرح ديوان الحماسة ، تح : غريد الشيخ ، وضع فهارسه :  إبراهيم شمس الدين ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط1 ، 2003 م  :  1 / 1281  ، العيني ، بدر الدين محمود بن أحمد بن موسى العيني ( ت 855 هـ) ،  المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية المشهور بـ (شرح الشواهد الكبرى) ،  تحقيق: أ. د. علي محمد فاخر، أ. د. أحمد محمد توفيق السوداني، د. عبد العزيز محمد فاخر ،  دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة – جمهورية مصر العربية ، ط1 ،2010 م : 3/ 435 ، مع العلم أن ياقوت الحموي نسب الأبيات في غير موضع من كتابه معجم البلدان إلى العباس بن الأحنف  .

110) ) الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين (1/ 119) .

111) ) السبكي ،  أبو الحسن تقي الدين علي بن عبد الكافي ( ت 756هـ) ،  فتاوى السبكي ، دار المعارف  : 2/ 321  .

112) ) الخفاجي ، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر ( ت1069هـ) ، حاشية الشهاب علي تفسير البيضاوي =عناية القاضي وكفاية الراضي ، دار النشر: دار صادر – بيروت : 6/ 92.

113) ) حاشية الشهاب علي تفسير البيضاوي =عناية القاضي وكفاية الراضي : 6/ 92.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى