معتز علي القطب يُصدر ” قيس والقدس “

صلاح عويسات | فلسطين

لأنه ابن القدس وما زال حبله السري موصولا بها، وما زالت ترضعه حليب أمومتها، وتغدق عليه بحنانها وتحنانها حار كيف يعبر عن وفائه لها وإخلاصه لترابها فما وجد سوى الشعر ليعلن حبه لها على الملأ يناديه بأعذب الكلمات ويناجيها بأجمل اﻷلحان ليرد لها بعضا من أفضالها ويرد عنها من يريد بها شرا… عن دار الياحور للنشر في أبو ديس صدر للأستاذ الدكتور معتز علي القطب ديوان شعري بعنوان “قيس والقدس” يعبر فيه عن حبه لمدينته يقع الديوان في 120 صفحة من القطع المتوسط.

إنه إن كان قيس قد عشق ليلى لذاته وملذاته، فإن قيس القدس قد عشقها وذاب في هواها لقداستها وعبق تاريخها ومكانتها في القلوب وصدارتها بأنها القبلة اﻷولى ومسرى الحبيب، ففاق قيس ليلى في إخلاصه لحبيبته وذكرها  أينما حل وارتحل لأنه ببساطه يحملها معه في قلبه فلا يغيب نبضة عن نبضها فقيس اﻷول قال الشعر في حبيبته وذكرها في كل اﻷمكنة وأحرج اللحظات.

ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني.. وبيض الهند تقطر من دمي

 فوددت تقبيل السيوف ﻷنها.. لمعت كبارق ثغرك المتبسم

وقيس القدس قد نظم الشعر المقفى الموزون في عصر قل فيه الشعراء ممن يتغنى بعشقه اﻷزلي

ليلى أو القدس أو روحي وإيماني..ماذا أناديك يا حبي وتحناني

أنت الجميلة ما شاهدت فاتنة.. أحلى وأجمل في ثوب بألوان

أم العواصم كم أهواك عاصمة.. تعيش غالية في قلب هيمان

يا الله ياقدس ضميني كعاشقة.. ما عشت فوقك ولهانا بأفنان

ويقول :

أنا قيس والقدس ليلى.. ويغنيني عن الدنيا هواها

وليلى بنت عائلة وعز .. وكل الناس قد عرفت أباها

أنا يا قوم في الأموات أحيا..إذا ماكنت في الدنيا معاها

أقدم للحبيبة كل عمري..فإن الروح في جسدي فداها

سيظل حب القدس يجري في دمي..متغلغلا كالجذر واﻷوتاد

ستظل تحظى بالفؤاد لوحدها..من دون أي مدينة وبلاد

سأورث الحب العظيم لعترتي..للنسل لﻷحفاد واﻷولاد

 

ولم يطق بعادها حتى وهو في أكثر بلاد الكون رفاهية فيقول:

في بلدة ستوكهولم رق ودادي..وحنا إلى القدس الشريف فؤادي

يا ليتني أحضرت بعض هوائها..ﻷشمه في غربتي وبعادي

أو أنني خزنت بعض مياهها..ﻷبرد اﻷشواق في اﻷكباد

ما ضر لو أني جلبت ترابها..في شنطتي في الكيس بين عتادي

يا بلدة ستوكهولم إني عاشق..ومتيم في زهرة العباد

يا قدس أنت حبيبتي وعشيقتي..وعروستي ومسرتي ومهادي.

وترى ذلك الفارس الشجاع الذي يحب مدينته ويعشقها يؤلمه حالها وما حل بها من ظلم اﻷعداء وبطشهم فيصف الحال قائلا:

يراود المسجد اﻷقصى ليخطفه..ويسرق النور من أهل وأعراب

يشد في الثوب يرجو أن يبدله..كم بدل الظلم أثوابا بأثواب

تجري على المسجد اﻷقصى وقبته.. شريعة البطش واﻹجرام والغاب

وها هو يطلب العون من العرب حكومات وشعوبا

فاضت على القدس نجاسة..تعصى إزالتها على اﻷنفار

نحتاج ماء كي نطهر أرضها..نحتاج عون اﻷهل واﻷبرار

 

ويستطرد مخاطبا العرب

أعيدوا أيها اﻷعراب ليلى..فليس هناك سيدة سواها

أعيدوا القبلة اﻷولى لليلى..كأجمل ماسة تعلو علاها

أعيدوا الزيت في مصباح ليلى.،لتشرق مثل شمس في ضحاها

يعود الصوت من أكناف ليلى..كصحراء ترد لها صداها

كأن اﻷهل واﻷعراب صم..فل يأتوا وقد سمعوا نداها

صدى يرتد عن أبناء عمي..فلا سمع ولا بصر يراها

ولكنه سرعان ما يكتشف الخذلان والخيانة منهم فيقول:

الخائنون لدين أحمد عصبة..باعوا تراب القدس باﻷمصار

باعوا قبابا من أمية فنّها..وتآمروا بالليل واﻷسحار

فالفاسقون الفاسدون بطبعهم..لا يأبهون لحرمة اﻵثار

فيلجأ إلى الله الذي لا ملجأ إلا إليه

ملك الملوك لنا ببابك حاجة..أن تنقذ اﻷقصى من اﻷخطار

يا رب ﻻنرجو سواك لدحرهم..وحماية اﻹسلام في اﻷقطار

يا رب فاجعل كيدهم في نحرهم..وأزل عن اﻷقصى يد للكفار

يا رب حفظك أنت وحدك قادر..بالعنكبوت حفظت من بالغار

إنا لنرجو أن تعيد كساءه..ثوبا من اﻹسلام واﻷنوار

ثم يبين أن أهل القدس قد شمروا عن سواعدهم واعتمدوا على أنفسهم مرابطين ومرابطات بعد أن يئسوا من نصرة القريب فغذوا السير نحو الالتصاق بالقدس واستعدوا لفدائها بالغالي والنفيس فيقول:

ﻷهل القدس أعطيت المهابا..لمن حفظ اﻷمانة والكتابا

لمن ضحى وكان لنا إماما..ووصانا على اﻷقصى وغابا

وقال الشعب يا الله نصرا..فجاء الفتح من ربي جوابا

ﻷهل القدس كل الحب مني..فقد قلعوا الحجارة والترابا

وظل الورد في اﻷقصى نديا..فقد صانوا المصلى والقبابا

فكبر كل من حضروا جميعا..وصافح مسجد القدس الشبابا

وضموا المسجد الغالي بشوق..فضاع الحزن في اللقيا وذابا

فرحنا أننا شعب عظيم..يقدم للثرى الغالي رقابا

أرى في القدس خيرا سوف يأتي..فقد فتحوا إلى الرحمن بابا.

ولا ينسى دور المرابطات في الذود عن اﻷقصى

عزّ الرجال فهبت من خوادرها..كي تحرس القدس واﻷسوار والدينا

تدافع اليوم أنثى عن عقيدتنا..وتنقذ القدس واﻷقصى وتحيينا

قد أدركت أن أهل اﻷرض تخدعنا..وأن معتصما ما عاد يأتينا

أم وأخت وبنت حول قبتنا..تصون إرثا من الماضي يحلينا

هذه قصة حب سطرها شاعرنا الغالي في ملحمة شعرية رائعة.. أنصح بقراءتها وااستمتاع بها لكل من للقدس واﻷقصى محبة تسكن في سويداء قلبه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى