بائــــعُ الخـــردة

جاسم الحمود | حلب – سوريا 

مثلَ أطفالِ القريةِ في العطلِ أردتُ أن أقلّدَ الأطفال الذين يجمعون أشياءَ يبيعونها… 

من الصباحِ أحملُ كيساً على كتفي وأدور معَ أطفالِ الحيِّ نجمعُ ما يسقط سهواً من أشياءَ ثمينة …

كل الأطفال كانت عيونهم في الأرضِ بحثاً عن قطع الحديدِ أو النايلون …

أما أنا فكنت أنظر في الوجوه أتهجّى ما يتسربُ منها من فرحٍ ودمع ٍ…

عند الظهيرة ذهبنا لدكانِ القريةِ تناولَ البائعُ كيساً حمله بيده: خفيفٌ خذْ عشر ليرات. 

تناولَ كيساً أخر: خفيفٌ خذْ سبع ليرات. 

تناول كيسي متسائلاً كيسك صغيرٌ لكنّه ثقيلٌ جداً ماذا وضعت فيه؟ حجر!!!

لا يا عم: هذه دمعةُ يتيمٍ لا يعرف لما ماتَ أبوه، وهذه حيرةُ أمٍ ترى أولادها يضرسون الصبر خبزاً، وهذه ارتجافة عجوزٍ وحيدةٍ هاجر أبناؤها وظلت وحيدةً، وهذه لهفةُ فتاةٍ ذهب حبيبها للحرب ولمْ يعد .. 

ابتسمَ البائعُ بحزنٍ: هذه أشياء ثمينة لكنْ لا تشترى ولا تباع …

تمهّل يا عم: ليسَ كلُّ ما في الكيس حزيناً: هذه ضحكاتُ أطفالٍ سقطت من جيوبهم المثقوبة وهم يركضون خلفَ شاحنة تعبر شوارع القرية.. 

رد البائع: أفهمك يا صغيري لكنْ أيّ شيءٍ إذا سقط يعاد استعماله ويمكن الاستفادة منه إلا بضاعتك إذا سقطتْ لا تستعملُ مرة أخرى هي سقطٌ من أرواحٍ وليست سقط من متاعٍ … خذْ بعض الحلوى واذهب يا صغيري ستتعبُ كثيراً إذا ظللت بهذا القلب … 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى